ربما لا يشغل نقاش في موضوع ما، حيزاً كبيراً في العراق مثلما يشغله موضوع الاشتباك، بين مدى صلة العراق بالحرب الجارية في المنطقة وما إذا كان بإمكانه تجنبها، وأن تورط العراق بأي شكل من الأشكال لا يقتصر سببه على موقف فصائل المقاومة وانخراطها في الحرب، بل للجغرافيا عامل أكثر تأثيراً ربما.
وبدأ العراق يجني أول نتائج التأثر بالحرب بفعل الجغرافيا، وبدأت خسائره تتضح بواحدة من أكثر الأشياء وضوحاً حتى الآن، والمتمثلة بقطاع الطيران والسفر، ليتكبد مئات الآف أو ملايين الدولارات بغضون أسبوع واحد فقط بعد ليلة الصواريخ الإيرانية.
في تتبع رقمي أجرته منصة "الجبال"، تبيّن أن عدد الرحلات لمطار بغداد لوحده، انخفض لأدنى مستوى له منذ حوالي عامين، برقم لعدد الرحلات لم يتم تسجيله منذ نيسان 2022.
عدد الرحلات انخفض 35%.. الأدنى منذ عامين
طوال الأشهر الماضية، كان عدد الرحلات القادمة والمغادرة لمطار بغداد يتراوح بين 65 و80 رحلة يومياً، أي بالمتوسط كان هناك قرابة 35 طائرة على الأقل تهبط يومياً في مطار بغداد.
لكن منذ 1 تشرين الأول/أكتوبر، وهو موعد الضربة الإيرانية لإسرائيل بـ200 صاروخ باليستي فرط صوتي، بدأ عدد الرحلات القادمة والمغادرة لمطار بغداد تنخفض تدريجياً، لتصل نسبة الانخفاض حتى بعد مرور أسبوع على الضربة الإيرانية أي في 8 تشرين الأول تحديداً، بلغت نسبة الانخفاض حوالي 35%، حيث بلغ عدد الرحلات القادمة والمغادرة 43 رحلة فقط، وهو رقم كان قد تم تسجيله آخر مرة في نيسان 2022.
انخفاض عدد الرحلات القادمة لمطار بغداد بين 1 و8 أكتوبر
كان عدد الرحلات في 1 أكتوبر، 65 رحلة قادمة ومغادرة لمطار بغداد، في اليوم التالي خسر العراق 4 رحلات، وفي اليوم الذي تلاه خسر 4 رحلات إضافية، وفي اليوم الثالث خسر 5 رحلات، والرابع 3 رحلات، والخامس رحلتان، والسادس 3 رحلات والسابع رحلة واحدة، ليكون مجموع ما فقده مطار بغداد 22 رحلة، لتنخفض الرحلات من 65 إلى 43 رحلة فقط.
وفي حين يجسد العدد المذكور الرحلات القادمة والمغادرة، فهذا يعني أن نصف العدد هو الرحلات القادمة فقط. ولحساب كم خسر مطار بغداد من أموال جراء فقدان هذه الرحلات، يجب الاطلاع على ما تدفعه كل طائرة قادمة من أموال إلى المطار لقاء الخدمات العديدة التي يقدمها من هبوط وخدمات أرضية أخرى.
3 الاف دولار لكل طائرة "كحد أدنى"
وفقاً لنظام أجور المطارات، فإن أجور الاقتراب والهبوط بالمطار تتراوح وحسب وزن الطائرة من 60 دولاراً إلى 105 دولارات، فضلاً عن أجور هبوط وخدمات أرضية حسب وزن الطائرة يتراوح بين 350 إلى حوالي 4 الاف دولار لكل طائرة.
يضاف إلى ذلك أجور بين 250 و450 دولار تعتبر كأجور مدرج واستخدام جسور هوائية، هذا باستثناء أجور أخرى تتعلق بالانتظار ومبيت الطائرة.
في الخلاصة، فإن أقل متوسط أجور يحصل عليه مطار بغداد من كل طائرة تهبط في المطار يبلغ حوالي 3 الاف دولار، كحد أدنى، وقد تصل الأموال إلى أكثر من 6 الاف دولار.
مطار بغداد يخسر 200 ألف دولار خلال أسبوع
وإذا ما تم احتساب هذه الأجور المفقودة وفقاً لعدد الطائرات التي بدأت تتناقص، فإن مطار بغداد خسر في اليوم الأول الذي تلا الصواريخ الإيرانية، قدوم طائرتين ما يعني خسائر تبلغ 6 آلاف دولار، أما باليوم الثاني انخفض العدد 4 طائرات أي خسائر بـ 12 ألف دولار، في اليوم الثالث انخفض عدد الطائرات طائرتين إضافيتين مع 8 طائرات من اليومين الماضيين، ليكون المجموع 10 طائرات، أي خسر في اليوم الثالث 30 الف دولار.
في اليوم الرابع خسر المطار طائرتين إضافيتين ليكون المجموع 12 طائرة، وبخسائر 36 الف دولار، في اليوم الخامس خسر طائرة ليكون المجموع 13 طائرة ليخسر 39 الف دولار، وباليوم السادس خسر طائرتين ليكون المجموع 15 طائرة ليخسر 45 ألف دولار، واليوم السابع خسر طائرة ليكون المجموع 16 طائرة لتصل خسارته إلى 48 الف دولار.
هذا يعني أن مطار بغداد لوحده خسر، خلال أسبوع منذ الضربة الإيرانية، أكثر من 200 الف دولار بسبب تراجع حركة القدوم والمغادرة بالمطار، مع انخفاض عدد الرحلات نحو 35% بين 1 و8 أكتوبر.
وهذا باستثاء خسائر عدم مرور الطائرات بالأجواء العراقية، إذ كان يقدر عدد الرحلات التي تمر بأجواء العراق بأكثر من 500 طائرة يومياً وبأجرة تبلغ 450 دولاراً يستحصلها العراق من كل طائرة، وإذا ما كان عدد الرحلات بأجواء العراق انخفض إلى النصف على الأقل، يكون العراق خسر حوالي مليون دولار خلال أسبوع.