في لحظة تعتبر الأخطر اقتصادياً وخدمياً في تاريخ ذي قار الحديث تتكشف ملامح أزمة غير مسبوقة تهدد دورة الإعمار في المحافظة، التي تشهد أعمال تنفيذ اكثر من 1300 مشروع خدمي في القطاعات كافة.
وقد لأعلن اتحاد المقاولين في ذي قار عن أرقام "مخيفة" جراء توقف صرف أموال الشركات، إذ بيّن حسام عقيل السعيدي نائب رئيس اتحاد المقاولين في المحافظة هذه الأرقام التي هي "صادمة" تشير الى أن المحافظة تقف على حافة انهيار اقتصادي وخدمي كامل نتيجة عدم صرف مستحقات الشركات العاملة منذ أكثر من 18 شهراً، وهذا التوقف دفع آلاف العائلات إلى البطالة القسرية وتهديد يطال مئات المشاريع الحيوية بالاندثار رغم وصول نسب إنجاز بعضها إلى 90%.
وأكد السعيدي لمنصة "الجبال" أن ما يزيد على 30 ألف عائلة من مهندسين وفنيين وعمّال فقدوا مصدر رزقهم بعد توقّف المشاريع في ظل غياب التمويل الحكومي وانقطاع المستحقات، هؤلاء يشكلون واحدة من أكبر شرائح الطبقة المنتجة في المحافظة، ما يجعل الأزمة ذات طابع اجتماعي خطير.
بيانات اتحاد المقاولين تكشف أن ثلثي المشاريع الحيوية في ذي قار تواجه خطر التوقف الكامل، وتشمل مشاريع صندوق إعمار ذي قار وتنمية الأقاليم والبترودولار والأمن الغذائي.
ووفق السعيدي، إن هذه المشاريع وصلت الى نسب إنجاز متقدمة تتراوح ما بين %60–90% لكن توقف العمل يهددها بالتلف، ما يعني خسارة مالية ضخمة وإعادة عملية الإعمار من جديد.
الأرقام الرسمية لاتحاد المقاولين تشير الى أن "800 شركة أصيبت بالشلل التام، ما خلق موجة كساد واسعة في السوق المحلي وقطع سلسلة التوريد، وأربك قدرة الشركات على الوفاء بالتزاماتها مع الموردين والمكاتب الهندسية".
ويضيف السعيدي أن "السوق يشهد اليوم كساداً غير مسبوق مع انهيار القدرة الشرائية وتوقف حركة البيع والشراء".
من جانبه، أكد رئيس مجلس محافظة ذي قار، عزة الناشي، لمنصة "الجبال" أن المجلس استلم كتباً رسمية من اتحاد المقاولين وشكل لجاناً مختصة لدراسة الأزمة.
وقال الناشي إنه "سيتم طرح الملف في جلسة المجلس ومتابعة القضية عن كثب رغم أنها تخص السلطة التنفيذية، والتحرك لاستحصال مستحقات الشركات، ورفع الملف إلى الهيئة التنسيقية بين المحافظات لإيجاد حل وطني شامل".
وأكد الناشي أن دور المجلس الرقابي يدفعه للتحرك "حفاظاً على المقاولين، وعلى الخدمات الأساسية لسكان ذي قار".
فيما كشف معاون محافظ ذي قار للشؤون الفنية، حسن دعدوش، عن "تحركات مكثّفة" أجرتها الحكومة المحلية خلال الأسابيع الماضية باتجاه وزارتي التخطيط والمالية في محاولة لإنقاذ مئات المشاريع الحيوية التي تواجه التوقف في المحافظة مع دخول فصل الشتاء.
وأكد دعدوش أن المحافظة "استغلت زيارة رئيس الوزراء الأخيرة إلى الناصرية، لطرح ملف مستحقات الشركات بشكل رسمي وعاجل"، قائلاً: "عكسنا طلبات المقاولين والشركات إلى بغداد بشكل واضح، وقدمت بنفسي كتباً رسمية لوزارتي التخطيط والمالية تؤكد أحقية الشركات بمستحقاتها".
أشار دعدوش إلى أن "توقف المشاريع مع بداية موسم الأمطار سيكون خطراً يؤثر على جميع المشاريع دون استثناء"، لافتاً الى أن "الوزارتين وعدتا بمنح محافظة ذي قار أولوية خاصة نظراً لوجود حملة إعمار تجري في عموم المحافظة".
وبيّن المتكلّم أن الدفعة المستحقة حالياً من السلف المقدّمة تصل إلى 100 مليار دينار بينما تصل مجموع الاستحقاقات الفعلية إلى أرقام أكبر بكثير، مضيفاً أن "معظم الشركات قدمت طلبات توقف، فمن حقها وفق الضوابط أن تتوقف بعد مرور 40 يوماً على أمر الصرف في حال تأخر صرف المستحقات".
معاون محافظ ذي قار كشف أن المحافظة لا يمرّ عليها أسبوع دون إيفاد موظفين إلى المالية أو التخطيط لمتابعة الملف، مؤكداً أن "الأزمة بلغت مرحلة حرجة بعد أن تقدّم أكثر من 120 مشروعاً بطلبات رسمية للتوقف".
وقال: "إن نسب إنجاز هذه المشاريع مرتفعة للغاية، إذ وصل بعضها إلى 90% و85% و70%، ما يعني أن توقفها في هذه المرحلة قد يسبب خسائر مالية ضخمة وعودة العديد منها إلى نقطة الصفر".
مشروع قيد الإنشاء في ذي قار