الأمريكان "أوضح" من الحكومة العراقية في الحديث عن الانسحاب.. وقواتهم لن تصل لمستوى الصفر

7 قراءة دقيقة
الأمريكان "أوضح" من الحكومة العراقية في الحديث عن الانسحاب.. وقواتهم لن تصل لمستوى الصفر

هل بغداد كانت واضحة في إعلان إجلاء قوات التحالف؟

على الرغم من إعلان الجانبين العراقي والولايات المتحدة الاتفاق على جدولة انسحاب القوات الأمريكية من البلاد، في غضون العامين المقبلين وعلى مرحلتين، عقب عدة جولات من المفاوضات، إلا أن الشكوك تحوم حول مصداقية واشنطن في تطبيق الاتفاق، فضلاً عن وضوح الحكومة في الحديث عن هذا الاتفاق.

 

وفي 27 أيلول الماضي 2024، ذكر بيان مشترك للجانبين عن الاتفاق على تحديد نهاية أيلول 2025 موعداً لإنهاء المهمة العسكرية للتحالف الدولي لهزيمة "داعش" في العراق، مشيراً إلى أنه "بعد ذلك سيتم الانتقال إلى علاقات أمنية ثنائية بطريقة تدعم القوات العراقية وإدامة الضغط على داعش، فيما لفت إلى أن "المهمة العسكرية للتحالف العاملة في سوريا ستستمر انطلاقاً من منصة تم تحديدها من قبل اللجنة العسكرية العليا حتى أيلول 2026".

 

"إذا صدقت واشنطن"

 

وحول ذلك، يقول المحلل السياسي، علي فضل الله، لـمنصة "الجبال"، إن "توصل بغداد وواشنطن لاتفاق حول جدولة انسحاب القوات العسكرية للتحالف الدولي يعتبر نجاحاً للحكومة العراقية الحالية، لأن ذلك كان مدرجاً ضمن البرنامج الحكومي المعلن"، مستدركاً بالقول: "لكن حالياً لا يمكن البت بمدى مصداقية الإدارة الأمريكية بتطبيق الانسحاب مع وجود شكوك في ذلك".

 

وتابع فضل الله القريب من الفصائل، أنه "من حيث المبدأ الاتفاق يمثل انتصاراً دبلوماسياً بإقناع الجانب الأمريكي بكتابة اتفاق واضح وبمدة زمنية"، مضيفاً أنه "في حال تنصل الجانب الأمريكي سيكون الوجود العسكري بلا غطاء حكومي أو قانوني وسيتم معاملته كقوات محتلة".

واوضح فضل الله أن "انسحاب القوات الأمريكية بشكل حقيقي سيحقق الاستقرار الأمني للعراق حيث ستصبح القوات العراقية أكثر تحرراً للتحرك نحو أي هدف أو تنفيذ عمليات عسكرية خاصة مع خروج الأجواء العراقية من سيطرة الأمريكان، لأن الكل يعلم يوجود تقييد واضح على القطعات العسكرية العراقية بوجود قوات حلف الناتو والقوات الأمريكية".

يشار إلى أنه وبحسب حديث لوزير الدفاع العراقي، ثابت العباسي، في مقابلة متلفزة، قال إن "الانسحاب العسكري سيكون عبر مرحلتين"، مبيناً أن "التفاهم يتضمّن مرحلة أولى من أيلول 2024 حتى أيلول 2025 تشمل بغداد والقواعد العسكرية للمستشارين، يليها انسحاب في المرحلة الثانية من أيلول 2025 حتى أيلول 2026 من  إقليم كردستان".

 

وفي أعقاب اندلاع الحرب والعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة في السابع من تشرين الأول 2023، استهدفت فصائل مسلحة قواعد في العراق وسوريا تضم قوات أميركية على خلفية دعم واشنطن لإسرائيل في الحرب وردّت الولايات المتحدة مراراً بشنّ ضربات جوية طالت مقرات للفصائل في البلدَين.

 

وبعد تراجع ملحوظ في هجمات الفصائل خلال الأشهر الماضية، سجّل في أيلول الماضي إطلاق صواريخ استهدفت قاعدة عين الأسد بغرب العراق وقاعدة فيكتوريا بمطار بغداد الدولي.

 

"الحكومة غير واضحة

 

ويرى أستاذ الفكر السياسي أياد العنبر، خلال حديثه لـمنصة "الجبال"، أن "الإرادة الأمريكية أكثر وضوحاً في الاتفاق مع العراق وهي تتمثل بعدم إمكانية تركه أو ترك الشراكة القائمة معه لذلك هي تطلق دائماً مصطلح الشراكة الاستراتيجية رغم حديث الحكومة العراقية بين فترة وأخرى عن توصلها لاتفاق حول انسحاب قوات التحالف وهي غير واضحة بوصف العلاقة مع الجانب الأمريكي".

 

وقال العنبر إن "الحكومة الحالية لا تصرح بشكل واضح حول العلاقة التي ستمتد مع الجانب الأمريكي اقتصادياً وأمنياً خاصة والزيارة التي أجراها رئيس الوزراء والوفد المرافق له لواشنطن تضمنت العديد من الاتفاقات بمختلف الأصعدة، ما يعني وجود علاقة لن تنتهي بسحب القوات العسكرية، ولكن عدم حديثها عن ذلك هو مجاملة صريحة ومراعاة لرغبة شركائها في الإطار التنسيقي ممن يشاركون في الحكومة".

 

وأشار العنبر إلى أن "الحكومة تعمل عبر خطين متعارضين، الأول هو قناعتها بالشراكة عبر توقيع مذكرات التعاون المشتركة، والثاني لا تريد إعلان سعيها لتلك الشراكة وهذه إشكالية في الموقف الحكومي بالحديث عن انسحاب عسكري فقط ولم تحدد مدى التزام واشنطن به أو الحكومة العراقية التي ستأتي مستقبلا".

 

"غلق الذرائع"

 

واعتبر أن "إنهاء وجود القوات العسكرية للتحالف الدولي هو ليس انسحاباً أمريكياً لان أمريكا هي جزء من التحالف الدولي، ولذلك الانسحاب ليس لقوات أمريكية بل لقوات مشتركة من مختلف الدول، ولهذا فإن الاتفاق الحاصل هو يسمى بسد الذرائع على من يتحجج ضد هذه الحكومة ويريد قصف المصالح الأجنبية بأن هناك سعي باتجاه التفاوض الحاصل من قبل الحكومة الحالية"، مضيفاً أنه "بالحقيقة الجميع يدرك أن هذا الموضوع على أرض الواقع مختلف كلياً، لأن الناس البسطاء لا يضعون هذا الملف ضمن أولوياتهم بقدر جهات سياسية تضعه ضمن أجنداتها وتريد تنفيذه".

 

وأكد العنبر أن "الحكومة تريد إعلان تحقيق هذا الاتفاق ووصفه بالمنجز في ظل عدم اهتمام المواطنين الذين يريدون فك ارتباط الدولار بالهيمنة الأمريكية وسط العجز الحكومي العراقي والبنك المركزي عن حل هذا الملف الذي يمثل أزمة مرتبطة بمعيشة الناس".

 

من الجدير بالذكر أن لدى الولايات المتحدة نحو 2500 جندي في العراق، إضافة إلى 900 في سوريا المجاورة، وذلك في إطار التحالف الذي تشكل في 2014 لمحاربة تنظيم الدولة الإسلامية بعد اجتياحه مساحات شاسعة في البلدين، ويضمّ قوات من دول أخرى، لاسيّما فرنسا والمملكة المتحدة، في وقت تطالب فصائل عراقية مسلحة موالية لإيران بانسحاب هذه القوات.

 

وأعلنت بغداد في أواخر 2017 "الانتصار" على تنظيم "داعش" الذي سيطر على مساحات واسعة في العراق وسوريا قبل ذلك بثلاثة أعوام غير أن بعض خلاياه لا تزال تنشط في مناطق عدة وتشنّ هجمات تستهدف القوات الأمنية، خصوصاً في مناطق نائية.

 

 

بعد الانسحاب

 

على ذات الصعيد، يعتبر الخبير الامني والعسكري، صفاء الاعسم، أن "الاتفاق الحاصل بين بغداد وواشنطن واضح وسيؤدي لانسحاب عسكري لقوات التحالف كلياً خلال عامين"، مشيراً إلى أن "العراق قادر على سد الفراغ العسكري بحال خروج القوات الأجنبية والقضاء على عناصر داعش ومواجهة التهديدات الخارجية إذا تم تسليحه وتجهيزه استخباريا".

 

وقال الأعسم في حديث لـمنصة "الجبال"، إن "تطور قدرات العراق عسكرياً لن يتم إلا بوجود جدية أميركية بإنهاء وجود قواتها على أراضيه ومنحه الحرية في التسليح"، لافتاً إلى أن "من سيبقى هي قوات من المستشارين والمدربين والمشرفين على تدريب القوات العراقية لان العلاقة الثنائية ستبقى مستمرة"، موضحاً أن "بنود الاتفاق بين بغداد وواشنطن بدأت في منتصف عام 2014 بعد دخول التنظيم إلى مناطق من العراق".

 

وأوضح أن "المفاوضات كانت قد تضمنت طلباً من الجانب الأميركي بمنحه مدة إضافية، لأن فترة العامين غير كافية لخروج جميع القوات لكن المفاوض العراقي رفض هذا الطلب وأصر على استكمال الانسحاب خلال سنتين كأقصى حد"، فيما أكد أن "الاتفاق المبرم الآن يوضح وجود جدية بالتطبيق وفقاً  للجدول الزمني الذي تم وضعه بناءً على اجتماعات وجولات تفاوضية مكثفة خاضها البلدين وأسفرت عن وجود نوايا لعلاقة استراتيجية بملفات عديدة خلال الفترة المقبلة".

 

يأتي ذلك في وقت تؤكد فيه السلطات العراقية في أكثر من مناسبة على جاهزية القوات العسكرية وقدرتها العالية لخوض التحديات الامنية على جميع الأصعدة، خاصة مع زوال خطر تنظيم "داعش" الذي لم يعد يشكل التهديد نفسه الذي كان يشكله قبل أعوام قريبة.

 

الجبال

نُشرت في الاثنين 7 أكتوبر 2024 04:30 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.