بعد فترة من التوتر المكتوم امتدّت طويلاً بين محافظ البصرة أسعد العيداني والنائب عدي عواد، خُيّل للشارع البصري أن موج الخلاف قد هدأ وأن العلاقة التي كثيراً ما شابتها المنازعات السياسية استعادت إيقاعها الهادئ تحت وطأة الحسابات الانتخابية، غير أن المشهد لم يلبث أن انكشف على طبقة أعمق من التعقيد.
وتجدد الجدل حول ملف التعيينات، إذ أن زيارة عواد إلى ديوان المحافظة ومطالبته باستكمال الأوامر الإدارية الخاصة بتسعة عشر ألف درجة وظيفية جوبهت بموقف صارم من المحافظ، الذي شدّد بدوره على أن "أي إجراء لن يرى النور قبل اكتمال مراحل التدقيق وضمان التوزيع العادل بين الأقضية والنواحي".
وأكد محافظ البصرة، أسعد العيداني، في حديث صحفي تابعته "الجبال"، أن "إصدار الأوامر الإدارية الخاصة بالدرجات الوظيفية لن يتم إلا بعد استكمال إجراءات التدقيق الشامل وضمان تحقيق توزيع عادل بين الأقضية والنواحي"، موضحاً أن "اعتماد الأسماء سيجري وفق معايير واضحة تضع حملة الشهادات في مقدمة الأولويات وتراعي سدّ النقص في الاختصاصات التي تحتاجها الدوائر الحكومية".
وبيّن العيداني أن "القرص المرسل من وزارة المالية سيُعرض لعملية تدقيق دقيقة ومتكاملة"، مشدداً على أن "هذا الملف لا يخضع لأي تدخل أو اجتهاد خارج الأطر الرسمية"، واختتم تصريحه بلهجة حاسمة قائلاً: “هذا الملف لا يُحسم إلا بأمرنا”.
وجاء ردّ المحافظ على خلفية منشور للنائب عدي عواد على منصة "فيسبوك"، تابعته الجبال، أعلن فيه عزمه على "التوجّه يوم غد إلى ديوان محافظة البصرة للقاء المحافظ أسعد العيداني"، مشيراً إلى أن الأخير "قد تعهّد بإصدار الأمر الإداري المتعلق بتعيينات تربية البصرة البالغ عددها 19 ألف درجة وظيفية".
شبهات بيع
في هذا الإطار، قال النائب علي شداد الفارس، في حديث لـ "الجبال": "إنهم يرفضون المضي بإصدار الأمر الإداري الخاص بالدرجات الوظيفية في تربية البصرة في ظل المعطيات الحالية"، مؤكداً أن "ملف التعيينات ما زال يفتقر إلى الحدّ الأدنى من العدالة المطلوبة في توزيعه بين الأقضية والنواحي".
وأوضح الفارس أن معلومات عديدة ومتقاطعة وصلت إليهم تشير إلى "وجود شبهات بيع لبعض فرص العمل"، الأمر الذي يضع "علامات استفهام" جدّية على شفافية الإجراءات وطبيعة الجهات المتحكمة بهذا الملف.
وأضاف النائب أن "الأقضية والنواحي لم تنل حصتها الفعلية من التعيينات لا وفق التعداد السكاني ولا وفق الاحتياج الحقيقي للمدارس، وهو ما يجعل أي خطوة باتجاه إصدار الأمر الإداري خطوة غير مستوفية للشروط المهنية، ولا منسجمة مع مبادئ تكافؤ الفرص".
وشدد الفارس على أن "المضي بهذا الملف يتطلب مراجعة شاملة، تضمن نزاهة الأسماء وعدالة التوزيع قبل الحديث عن أي قرار نهائي".
ويؤكد عضو مجلس محافظة البصرة، علي العبادي، لـ "الجبال"، أنه يترقب أن يتم توزيع الدرجات الوظيفية جغرافياً بما يتناسب مع احتياجات كل منطقة من الكوادر "بعيداً عن أي اعتبارات اجتماعية أو استغلال الملف لأغراض سياسية أو مصالح أخرى سبق أن جنى أصحابها ثمارها مؤخراً".
وأوضح أن "العديد من المدارس تعاني من نقص الكوادر، وتضطر للعمل وفق نظام محدد نتيجة هذا النقص"، لافتاً إلى أن ملف 19 ألف درجة وظيفية "يشكل عبئاً كبيراً على الفئة المستفيدة، كون غالبية الفائزين فيه هم من أصحاب المهن وليس من الكوادر التعليمية المؤهلة لتلبية الاحتياجات الفعلية للمؤسسات التعليمية".
أسعد العيداني مع عدي عواد