تحدث رئيس حكومة إقليم كوردستان، مسرور بارزاني عن مختلف المواضيع الراهنة في مقابلة حصرية مع مؤسسة "آفا ميديا"، حيث أشار إلى أنه تم العثور على الطريق الذي يمكن من خلاله حل جميع المشاكل مع الحكومة الاتحادية في بغداد، بالإضافة إلى الوصول للمرحلة النهائية في حل مشكلة الرواتب، فضلاً عن العلاقة مع رئيس الحكومة، محمد شياع سوداني، كما تطرق بارزاني إلى أوضاع الشرق الأوسط والحديث عن "توسع الصراع والحرب" داخل المنطقة.
والمقابلة التي أجراها الإعلامي هوراز كولبي، تترجمها "الجبال" وتنقلها نصاً دون تصرف:
آفا: السيد رئيس الوزراء، أشكرك كثيراً على إعطائنا هذه الفرصة.
رئيس الوزراء مسرور بارزاني: شكراً جزيلاً، أهلاً بكم.
آفا: الآن هو وقت حساس، بالتأكيد هناك الكثير من الناس ينتظرون معرفة ما هي رسالتكم. وخاصة أننا الآن على مقربة من الانتخابات والحملة الانتخابية قد بدأت. كل انتخابات هي حاسمة، لكن الكثير من الناس يعتقدون أن هذه الانتخابات هي الأكثر حسماً بالنسبة لكوردستان، وخاصة بالنسبة للحزب الديمقراطي الكوردستاني، هل أنتم أيضاً متوافقون مع هذا الرأي؟
مسرور بارزاني: صحيح كما ذكرت أن كل انتخابات حاسمة، لكن توقيت هذه الانتخابات حساس للغاية. في الفترة الماضية كان هناك ضغط كبير على كافة الأحداث في منطقة الشرق الأوسط، خاصة في الآونة الأخيرة على إقليم كوردستان. لذلك، من المهم جداً أن يتخذ الناس قرارهم، ويفكروا بمستقبل إقليم كوردستان.
أستطيع أن أقول إن الآراء الآن منقسمة على جبهتين، جبهة تتحدث عن الاستسلام والتسليم والانعدام والتخريب، والجبهة الأخرى تتحدث عن تعزيز بنية إقليم كوردستان وتقدّمه وازدهاره. لذا، إن الأمر متروك لشعب كوردستان ليقرر كيف سيكون مستقبل هذا الإقليم وحياتهم الخاصة.. لذلك أعتقد نعم أنها انتخابات مهمة للغاية، وننظر إلى أن يتخذ الشعب الكوردستاني قراره النهائي في هذه الانتخابات.
آفا: هذا بالنسبة لكوردستان، ماذا بالنسبة للحزب الديمقراطي الكوردستاني، هل هي مصيرية؟
مسرور بارزاني: بالطبع لأن الحزب الديمقراطي الكوردستاني يقف في جبهة الازدهار والتقدم وتعزيز وحماية كيان إقليم كوردستان. لذلك عندما أقول إننا منقسمون إلى جبهتين منفصلتين، لكن على العكس كان هناك طرف حاول إضعاف كيان إقليم كوردستان، والآن على أهالي كوردستان أن يقرروا أي طرف يؤيدون.
آفا: باعتبارك رئيساً للوزراء ونائباً لرئيس الحزب الديمقراطي الكوردستاني، كنت تؤكد باستمرار على إجراء الانتخابات في موعدها وعدم تأجيلها، لكن كما نعلم تم تأجيلها، برأيك من كان المسؤول عن تأجيل الانتخابات في إقليم كوردستان؟
مسرور بارزاني: كان ينبغي إجراء الانتخابات في عام 2022، لكن في ذلك الوقت كان الاتحاد الوطني الكوردستاني في وضع غير مستقر، وهم طالبوا بتأجيل الانتخابات. وعندما كان يتم الإصرار على إجراء العملية، كانوا يقولون إنهم لن يسمحوا بوضع صناديق الاقتراع في السليمانية. ومن أجل الحفاظ على وحدة الصف الكوردي وضمان مشاركة الجميع في الانتخابات، لم نعترض على التوصل إلى تفاهم من أجل أن يكون الجميع مستعد للمشاركة بالانتخابات. لكن بالتأكيد كان الحزب الديمقراطي الكوردستاني على مدى العامين الماضيين، يؤكد على إجراء الانتخابات، والطرف الذي لم يكن حاضراً لذلك، إذا أردت الحقيقة، كان الاتحاد الوطني الكردستاني. إلى أن اتفقوا لاحقاً مع بعض المؤسسات في بغداد على تغيير قانون الانتخابات وإلغاء مقاعد الكوتا، وهو ما اعتقدوا أنه سيصب في مصلحة أحزابهم السياسية، حينها كانوا مستعدين للحضور والمشاركة في الانتخابات التي من المقرر أن تجرى الآن في 20 أكتوبر من هذا العام، وجميعنا ننتظر أن تجري هذه الانتخابات في موعدها المحدد.
آفا: ركزت حملات معظم الأحزاب على الحزب الديمقراطي الكوردستاني وعلى حضرتكم، ما سبب هذا التحشيد؟
مسرور بارزاني: أن لا يمكنني أن أتحدث باسم الشعب، وما سبب ذلك، أنا أستطيع أن أتكلم عن ما هي أجندتي المتبعة. لقد كانت لدينا أجندة حكومية مشتركة قمت بتنفيذها، أكدت على إحداث الإصلاحات. كذلك القضاء على الفساد، أكدت على تنويع اقتصاد إقليم كوردستان، وتعزيز كوردستان وحماية إقليم كوردستان.. وإذا كان أي شخص ضد هذه المبادئ، فهو بالتأكيد ضد المواقف والبرامج التي دافعت عنها وحاولت تنفيذها.
ربما أضر ذلك بمصالح البعض، وربما البعض الآخر لم يعجبه ذلك، ولم ير نفسه ضمن إطار الأجندة التي أردنا تنفيذها بواسطة هذه الكابينة الحكومية. ولذلك تضررت مصالحهم.. بدون شك هم سيعارضونك إذا كان الأمر كذلك. وإلا، لم تكن لدي أي مصلحة أو أجندة شخصية ليعارضني الناس بصورة شخصية.
آفا: هل حضرتك تعتقد أن أحد أسباب هذا التحشيد هو أنه يصب في المصالح التجارية لحزب ولهؤلاء الأشخاص، لذلك هم يقفون ضدك؟
مسرور بارزاني: كما ذكرت، كانت لدي أجندة حكومية أعمل لتنفيذها. وهي تنص بوضوح شديد على وضع المصالح العليا للشعب والبلاد فوق مصالح الأفراد والأطراف. لذا، إذا كان هناك شخص ما لا يرى نفسه في تلك الأجندة، ويعتبر أجندته الشخصية أهم بالنسبة له، أو يغلّب أجندة حزبه على المصالح العليا لشعبه، فإنه سيتخذ موقفاً. إذا كان الأمر كذلك، وإلا فنحن بذلنا قصارى جهدنا لاتخاذ قرارات تصب في مصلحة الشعب الكوردي.
آفا: لقد أشرت إلى الشركاء الحكوميين، الآن إذا نظرت إلى شعارات بعض هؤلاء الشركاء.. على سبيل المثال، الاتحاد الوطني الكوردستاني، الذي يشكل مكوناً رئيساً في حكومة إقليم كوردستان، أحد شعاراته تنص على: "سننهي ذلك"، باعتقادك ما الذي سوف ينهونه؟
مسرور بارزاني: أعتقد أن هذا الشعار هو أفضل وصف لجهود الاتحاد الوطني الكوردستاني في الحاضر، للأسف. لكنه شعار غير مناسب على الإطلاق فيما يتعلق بما الذي سوف ينهونه. لقد كانوا هم أنفسهم شركاء في الحكومة، وهم مواطنون في هذا البلد. لقد حاولوا إنهاء الأمر من قبل، إذا كنت تريد الحقيقة، هم سينهون كيان إقليم كردستان، إنهم يريدون إنهاء كرامة البيشمركة، يريدون إنهاء الاقتصاد المستقل لكوردستان، يريدون إنهاء التقدم والإصلاح، ويريدون إنهاء مكافحة الفساد.. إذا كان هذا هو برنامجهم ويقولون إنهم سوف ينهونه، فنحن نقول لا يمكنكم ذلك، ونقول إننا سندافع عن هذا الكيان ونطوّره ونقدّمه للأمام، وسنقوم يوماً بعد يوم، إن شاء الله، بناء كوردستان.
آفا: أغلب هذه الشعارات موجودة في محافظة السليمانية، والخطاب موجه من هناك نحو أربيل وحكومة إقليم كوردستان، وبالخصوص حضرتكم. على سبيل المثال، إذا فاز الحزب الديمقراطي الكوردستاني بالمركز الأول في السليمانية، فما الذي سيتغير بوضع تلك المدينة وما هي رسالتك إلى أهل السليمانية؟
مسرور بارزاني: أهل السليمانية هم شعب كوردستان المحبوب. لا يوجد أي فرق بين السليمانية وأربيل ودهوك وأي مدينة أخرى بكوردستان. كلهم إخوتنا وأخواتنا. لكن السلطة الإدارية تختلف من محافظة إلى أخرى حسب وجود الأطراف السياسية. إن السلطة التي فرضتها حكومة إقليم كوردستان في المناطق الأخرى من كوردستان، لم تسمح سلطة الحزب التي فرضت نفسها على المؤسسات الحكومية هناك، بتنفيذ هذه الأجندة كما هي في السليمانية. لكن كونوا مطمئنين أنه إذا كانت كوردستان يداً واحدة وبقرار واحد وتمتعت حكومة الإقليم بالسلطة الكاملة على كافة مفاصل الحكم، بهذا الإطار لن يكون هناك مزيد من الابتزاز، ولا إرهاب أو ترهيب، ولا خوف. السليمانية، مثل جميع مناطق كوردستان الأخرى، ستزدهر.
آفا: هل تعتقد أنه كانت هناك عوائق حزبية منعت مضي مشاريع حكومة إقليم كوردستان قدماً في حلبجة والسليمانية، بشكل مشابه لما هو عليه الحال في أربيل ودهوك؟
مسرور بارزاني: كانت هناك عوائق، ربما من أجل المصلحة العليا لشعبنا ووحدة أمتنا لم نتمكن من وضع بصمتنا على جميع النقاط كما يجب، لكن الآن يجب أن يعرف الشعب الحقائق، كانت توجد عقبات وفرض سلطة حزبية على المؤسسات الحكومية.
آفا: ألم تفرّق الحكومة بين المحافظات في تنفيذ المشاريع المدرجة في جدول أعمالها؟
مسرور بارزاني: لم يحدث ذلك بأي شكل، دعوني أقول لكم بصراحة: نحن لدينا عدة إيرادات، إيرادات عامة من بيع النفط، وقد أوقف تصدير ذلك بجهود عدة أطراف محلية وبعض المؤسسات في بغداد، ولم تبق هذه الإيرادات كما كانت. ثم أنّ تلك الإيرادات العامة والرسوم والضرائب يجب أن تعود جميعها إلى خزانة الدولة. وهي كانت للموازنة التي أرسلتها الحكومة الاتحادية إلى إقليم كوردستان. هذا كلّه واضح ولا يمكن لأحد أن يتحكم فيه، واضح كم يذهب إلى أي محافظة حسب الهوية والإجراءات التي كانت موجودة من قبل.
لكن هناك بعض الإيرادات الأخرى على مستوى المحافظات يتم تحصيلها من الجمارك، لم يتم إعادتها إلى خزينة الحكومة، خصوصاً في السليمانية. وفي محافظات أخرى، تم استخدام بعض الإيرادات في مشاريع المحافظات الخاصة، كان ينبغي على المبالغ التي تجمع في السليمانية أن تحوّل لصالح شعب السليمانية، وهو أمر لم يحدث للأسف. معظم هذه الأموال ذهبت لصالح حزب سياسي وفرد، أي لم يستفد منها الشعب. وواحد من أسباب خلق هذا الرأي دائماً هو التغطية على هذا السلوك. إن عائدات أهل السليمانية لم تعد إلى الحكومة وتم استخدامها لمصالح سياسية وحزبية. وبهذه الطريقة أرادوا رش الغبار على أعين الناس وتشويه الحقيقة.
آفا: كانت هناك محاولة لإعادة تنظيم الإيرادات وإعادة تنظيم المنافذ الحدودية في محافظة السليمانية، بحيث أن حتى الحكومة العراقية اشتكت من المنافذ الحدودية في محافظة السليمانية. لماذا لم تنجح هذه الجهود؟
مسرور بارزاني: لقد اتخذنا قراراً في اجتماع مجلس الوزراء، ومن باب حسن النية طلبت تشكيل قوة مشتركة من وزارتي البيشمركة ووزارة الداخلية اللتين تتم إدارتهما من قبل الوزيرين المحترمين من حزبي الديمقراطي الكوردستاني والاتحاد الوطني الكوردستاني. تشكيل قوة مشتركة من الوزارتين لضبط الإيرادات الكمركية والقضاء على الفساد الذي يتم الحديث عن وجوده في النقاط الحدودية ببعض الأماكن. ولإظهار حسن النية، اقترحت أن تسيطر هذه القوة المشتركة على المنافذ الحدودية أولاً في فيشخابور، ثم في إبراهيم خليل، ومن ثم في حاج عمران، بعدها في باشماخ وبرويزخان. لكن الرفاق لم يكونوا مستعدين، وقالوا لي إن هذه القوة لا ينبغي أن تأتي إلى هناك، وأن ذلك سيؤدي إلى حرب أهلية.. ما الذي سيسبب الحرب الأهلية؟ وإذا اتفقت القوة الحكومية المشتركة وتلك القوى التي شكلت الحكومة على السيطرة على المنافذ الحدودية والنقاط الكمركية، وإنهاء الفساد والتهريب، حينها لن يكون بإمكان أحد مواجهة قوة الحكومة. لكن للأسف، الرفاق في الاتحاد الوطني الكوردستاني لم يقبلوا بهذا الاقتراح ولم يسمحوا بتنفيذه.
آفا: إذا رجعنا إلى بداية تشكيل الحكومة التاسعة لإقليم كوردستان، فقد ظن البعض أنه لم يحالفك الحظ، وقد واجهت حكومتك أكثر الأزمات. يقال لو واجهت بعض الدول أياً من هذه الأزمات لانهارت حكوماتها.. لكنك واجهتها ونجحت بذلك، جزء كبير من مواليك يصفونك برئيس الوزراء الصامد. ما هو العامل الذي مكّنك من التغلّب على كل تلك الأزمات بنجاح؟
مسرور بارزاني: دعونا ننظر إلى الأمر بشكل مختلف، حضرتك تقول إن الحظ لم يحالفني. لماذا لا نقول إن الحظ كان معنا ورغم كل هذه الأزمات نحن استطعنا التغلب عليها. إذاً الله كان معنا ووفقنا، والأهم من كل شيء هو صمود الشعب. لقد كان دعم شعب إقليم كوردستان هو الذي ساعدنا كحكومة أو كشخصي أنا على مواجهة كل هذه التحديات والتغلب عليها، والتغلب على الأزمات، وتحقيق الإنجازات.
آفا: منذ بداية تسلّم هذه الحكومة للإدارة، معروف عنك أنك شديد جداً مع الفاسدين، وهناك أمل كبير في أن تواجه الفاسدين. السؤال هو: هل أنتم راضون عن عملية الإصلاح التي تجريها حكومة إقليم كوردستان ضمن النظام الإداري وداخل كابينتكم الحكومية؟
مسرور بارزاني: لا أعلم إذا كنت قاسياً جداً أم لا. ربما كانت لدى الناس آراء مختلفة، لكن بالتأكيد أعتقد أن الإصلاح عملية طويلة ومستدامة، ليست النظر إلى الماضي فقط. أن يتم تقديم أخطاء الماضي إلى العدالة. الإصلاح المهم هو عدم السماح للفساد بالاستمرار بعد الآن، لقد بذلنا قصارى جهدنا لضمان الشفافية ووضوح كافة القضايا أمام الشعب ومنع أي موظف حكومي أو أي شخص في السلطة من التجرؤ على التفكير في الفساد مرة أخرى. إنهاء الفساد يعني إيقاف الفساد. أعتقد أن هذا هو أفضل صور الإصلاح. فهل وصلنا إلى المرحلة الأخيرة؟ لا، هناك ما بقي بعد.
آفا: إذاً مازلتم غير راضيين عنه؟
رئيس الوزراء مسرور بارزاني: لا، ما زال موجوداً، لأن العملية تتطلب ذلك. يجب أن تكون لدينا بنية تحتية، خاصة عندما تتحدث عن الشفافية ووضوح البيانات والأحداث، يجب أن تكون لديك تلك البنية التحتية. نحن الآن نقوم بإنشاء تلك البنية التحتية، لقد أحرزنا تقدماً جيداً، وتم إنجاز أشياء جيدة.
آفا: إذن، لم تكن هذه البنية التحتية موجودة من قبل؟
مسرور بارزاني: إلى حد كبير، في الكثير من القطاعات، لا لم تكن موجودة.
آفا: فيما يتعلق بالعلاقات بين إقليم كوردستان والحكومة الاتحادية العراقية، مع بداية تسلمكم لرئاسة الحكومة كتبتم مقالاً في صحيفة واشنطن بوست، ذكرت فيه إنك تريد حل القضايا مع بغداد وفقاً للدستور، أول زيارة لك كرئيس للحكومة كانت إلى بغداد. الآن كيف تقيمون الوضع الحالي للعلاقات بين أربيل وبغداد؟
مسرور بارزاني: الوضع طبيعي، جيد، ونريده أن يتحسن أكثر. نحن نحاول باستمرار تحسين علاقاتنا من خلال إرسال وفد من حكومة إقليم كوردستان إلى بغداد أو استضافة وفود الحكومة الاتحادية هنا في أربيل. خلال إدارة هذه الكابينة زار أكبر عدد من الوفود بغداد، واستضفنا أيضاً أكبر عدد من الوفود الاتحادية هنا وناقشنا جميع المشاكل المتبقية. تم حل غالبيتها وبقي بعض آخر، ولكن تم العثور على الطريق الذي يمكننا من خلاله حل تلك المشاكل أيضاً.
أعتقد أننا قطعنا مرحلة جيدة جداً. وشاهدتم مؤخراً حضور وفد من المجلس الاقتصادي الأعلى التابع للحكومة الاتحادية إلى هنا. أجرينا على مدى يومين مناقشات كثيرة حول جميع المشاكل الاقتصادية العالقة بين إقليم كوردستان وبغداد. لكن بنفس الوقت نحن أيضاً بذلنا ما بوسعنا لإرسال الوفود إلى هناك لمواصلة المحادثات.
قبل أيام قليلة، كان وفداً من اللجنة الاقتصادية في البرلمان العراقي هنا، وقد أجرينا معه أيضاً محادثات مكثّفة، من أجل حل المشاكل المتبقية، هل هذا عدم تفاهم؟ بشأن مشكلة فنية وتقنية؟ أو على أية حال. لكن إقليم كوردستان أبدى استعداده لحل جميع هذه المشاكل، وخاصة مشكلة الرواتب التي أصبحت مسألة مهمة بالنسبة للشعب.
آفا: لقد أشرت لزيارة الوفد الاتحادي، للمجلس الاقتصادي العراقي. لقد أفدنا كشركة إعلامية بأنكم أخبرتم الوفد العراقي أن الناس سيصلون إلى المريخ، لكنكم جئتم للتو للحديث عن الرواتب، الذي هو حقنا الدستوري. حقيقة، متى ستحل مشكلة وصول وعدم وصول الرواتب إلى إقليم كوردستان؟
مسرور بارزاني: نحن نشارف الوصول إلى المرحلة النهائية في حل مسألة الرواتب. في جزء منه كما ذكرت، كان هناك سوء فهم على مستوى الحكومة الاتحادية، فهم كانوا يفضلون اتخاذ إجراءات أخرى لدفع الرواتب. وفي الواقع؛ إن حقوق حكومة إقليم كوردستان محددة في نظام الحكومة الفيدرالية وفقاً للدستور، وبحسب الدستور يتم تخصص موازنة خاصة لإقليم كوردستان، فهو على هذا النحو في الأنظمة الاتحادية، يجب أن تعطى هذه الموازنة لحكومة إقليم كوردستان وحكومة الإقليم عبر مؤسساته، وبرلمانه، وحكومته، يمكنهم فرض الرقابة على الرواتب والمالية.
لكن كانت هناك جهود داخلية، جهود من أطراف سياسية أخرى لجر يد الحكومة ببغداد إلى تفاصيل دفع الرواتب، وخلقوا أنواعاً من المشاكل لإعطاء الحكومة الاتحادية ذريعة لإيقاف صرف الرواتب وعدم إرسالها.
لقد عملنا لفترة طويلة على حل هذه القضايا وجعل الدستور أساساً لحل مشكلة الرواتب في إقليم كوردستان. وكما قلت مرات عديدة أخرى: مشكلتنا ليست الرواتب فقط. لدينا العديد من المشاكل الأخرى، مناطق المادة 140، موضوع الموازنة العامة، البيشمركة، وتعويض ذوي ضحايا الأنفال والعديد من القضايا الأخرى التي تضمّنها الدستور. كل هذه الأمور لم يتم حلها بعد.. مسألة الأراضي، التعريف.. جميع ذلك لم يجر حله بعد. لكن مع ذلك، كنا نؤكد على وضع مصلحة الشعب في مقدمة جميع المصالح الأخرى، من أجل أن لا يتشكّل ضغطاً على المواطن. كنا على استعداد لاتخاذ المزيد من الخطوات مع حكومة بغداد ومناقشة العديد من الأمور معهم بعلانية، وأن يحضروا التفاصيل ليعلموا أن إقليم كوردستان لديه نية حسنة، ويرغب دفع رواتب أهالي إقليم كوردستان كما هي.
وعلى المستوى القضائي، تقرر ألا تكون الرواتب جزءاً من الصراع السياسي بين الحكومة الاتحادية وحكومة إقليم كوردستان. ونحن دافعنا عن ذلك. أعتقد أننا وصلنا إلى المرحلة النهائية في حل مشكلة الرواتب بشكل جذري. المشكلة المتبقية هي مشكلة فنية بسيطة تستغرق فترة قصيرة، وهم يعملون على معالجتها. آمل أن لا يشكل موضوع الرواتب مشكلة لأهالي ومواطني كوردستان بعد الآن.
آفا: لقد تحدثت عن يد داخلية، جرت محاولات عديدة لتجزئة إقليم كوردستان، حسب معاملة مختلفة تمارسها بغداد مع محافظات إقليم كوردستان. حتى أن شعارات العديد من الأحزاب في الانتخابات السابقة كانت تدور حول إرسال بغداد رواتب موظفي الإقليم بشكل مباشر. على سبيل المثال، أن يتلقى الموظفون في محافظة السليمانية رواتبهم مباشرة من بغداد، لكن جميع هذه الجهود باءت بالفشل، بالنهاية لم تتعامل بغداد إلا مع أربيل العاصمة.. ما هو سبب فشل هذه الجهود؟
مسرور بارزاني: كان هناك شيئان، الأول أن إقليم كوردستان ليس ملكاً لأي شخص، لا يستطيع أي طرف سياسي أو فرد تقسيم كوردستان. هذه حقيقة، لا شعب كوردستان يقبل بذلك ولا نحن نقبل بذلك. كوردستان ليست بدون صاحب. هي نشأت بدموع ودماء الشهداء وحملات وتضحيات هذه الأمة، فكيف يمكن لأحد أن يأتي ويقول إن من مصلحته تقسيم كوردستان؟ لا يوجد شيء كهذا، لكوردستان حُماة، وأصحاب، وأمة تدافع عنها. هذا هو أحد الأسباب، وهو سبب رئيس.
السبب الثاني، الدستور، في الدستور تحدّد إقليم كوردستان ككيان واحد. لذا، لا يمكن لأحد أن يأتي ويتخذ قراراً آخر مخالفاً للدستور، كما لا يمكن للحكومة الاتحادية أن تخرج عن إطار الدستور، وهم يعلمون أن هذه الجهود كانت عقيمة. كانت محاولات تصب فقط بمصلحة بعض الأطراف انشغل بذلك لفترة، وبالنتيجة انتصر الشعب الكوردي.
آفا: إلى أي مدى ساهمت علاقتكم الودية مع رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في حل المشاكل؟ فعندما تحل المشاكل جميع الأطراف تنسب النجاح لنفسها، وعندما تنشأ المشاكل، تُتهم الحكومة ويُلقى اللوم على رئيس الوزراء.
مسرور بارزاني: أرجو الله أن تحل جميع المشاكل، ولينسب الجميع ذلك لأنفسهم، الناس يعلمون من تحمل عبء ذلك، ومن ضحى بنفسه حتى يكون الشعب الكوردي فخوراً. نحن نريد أن يكونوا أهالي كوردستان فخورين. ومع كل الأطراف المعارضة لنا والتي تتحدث ضدنا، نريد لهم أيضاً أن يكونوا فخورين بهذا الكيان الدستوري إن شاء الله.
بالطبع أن العلاقات المباشرة مع السيد رئيس الوزراء جيدة جداً، وكان مساعداً لذلك كثيراً. وهو أيضاً كان راغباً في حل المشاكل، وكان أحد الأسباب الرئيسة التي دفعت الأطراف الأخرى المرتبطة على مستوى الوزارات إلى التفكير في الحل. هذا التداخل حدث لأنه كان لدينا توجه مشترك مفاده أن العلاقة بين بغداد وأربيل يجب أن تكون أوطد وأقوى، سوف يصبح العراق وكوردستان أقوى ويمكنهما الاستفادة أكثر من هذه العلاقة.
آفا: فيما يتعلق بمسألة الخدمات، في بعض المناسبات ذكرتم أنه بعد 30 عاماً، من غير المعقول أن لم يتم حل المشاكل المتعلقة بالخدمات الأساسية مثل الماء والكهرباء.. هل تصرون على تحمل مسؤولية حل هذه المشاكل في المستقبل؟
مسرور بارزاني: بدون شك، أن قضية الماء والكهرباء هي إحدى المشاكل التي كان ينبغي حلها في وقت سابق بكثير. ولكن كانت هناك كانت أسباب كثيرة أيضاً منعتنا من القيام بذلك، وما تزال المشكلة قائمة. لكن من المدرج في برنامج الحكومة حل هذه المسألة.
لأبدأ بالكهرباء: لقد بذلنا الكثير من الجهود لزيادة مصادر توليد الطاقة، وهي تشمل الغاز أو الطاقة الشمسية أو الهواء أو المياه.. جميع الموارد عندما تتم زيادتها، يزيد توليد الطاقة. وهذا جزء من البرامج التي تعمل عليها الحكومة باستمرار، لكن الأمر سيستغرق بعض الوقت.
وهناك مسألة أخرى، وهي مسألة إصلاح أو إعادة تنظيم قطاع الكهرباء من حيث البنية التحتية والأدوات المستخدمة، أو كيفية التعامل مع المواطنين وتوفير الكهرباء على مدار 24 ساعة بالتنسيق مع المواطنين.
لقد بدأ هذا الاختبار الآن في أربيل، هناك منطقتان تتوفر فيهما الكهرباء على مدار 24 ساعة، وأعتقد أنهم راضون ويمكنكم التواصل معهم لاحقاً، يتمتعون بذلك بتكلفة أقل ومعاناة أقل وروائج أقل وضجيج أقل، كما أنه يمكن التخلص من ضجيج المولدات وكل تلك الأشياء.
ويمكن للحكومة توفير الكهرباء على مدار 24 ساعة لكامل أربيل في وقت قريب إن شاء الله، وتطوير القطاع على مدار عامين لتوفير الكهرباء على مدار 24 ساعة على مستوى إقليم كوردستان بأكمله.
هذه البرامج تستغرق بعض الوقت، لقد بدأنا من البداية وتم اتخاذ خطوات جيدة جداً، وتم تغيير وإصلاح العديد من البنى التحتية التي كانت تهدر فيها الكهرباء، والخطوة التالية هي توفير الكهرباء على مدار 24 ساعة لمصلحة المواطنين، وخاصة ذوي الدخل المحدود نحن نخدم هؤلاء الأشخاص أكثر، وجميع الأطراف الأخرى حتى الشركات والمصانع التي تحتاج إلى الكهرباء، نأمل ونخطط أن نتمكن من توفير الكهرباء على مدار 24 ساعة في جميع أنحاء كوردستان.
وينطبق الشيء نفسه على ملف الماء، فالماء هو أحد الضروريات التي تعتمد عليها الحياة. يجب علينا توفير الماء، للشرب في المقام الأول.
وعلى المستوى الحضري، لقد بدأنا بهذه المشاريع في العديد من المدن الأخرى في كوردستان، ورأيتم أننا بدأنا مؤخراً بإنشاء مشروع إمدادات المياه الطارئة لتوفير المياه لمدينة أربيل، حيث سيتم القضاء على مشكلة المياه بشكل نهائي بغضون 30 عاماً. هناك مشروعان، وكلاهما قيد التنفيذ الآن، وسيوفران المياه لأربيل. وبالمثل، تم تنفيذ المشاريع بمدن أخرى، مثل عقرة وجمجمال وأماكن أخرى، هي مشاريع لمواصلة توفير المياه.
وعدا عن ذلك، هناك موضوع إنشاء السدود، لاستخدامها في أغراض الزراعة والسياحة والطاقة وزيادة المياه الجوفية ومكافحة أزمة الجفاف والتغير المناخي، كل هذا منتظر ومخطط له واتخذت خطوات جيدة بشأنه، آمل أن تظهر النتائج للناس في القريب العاجل.
آفا: فيما يتعلق بالبنية التحتية الاقتصادية، على الرغم من كل الأزمات المختلفة، وكما ذكرتم حضرتكم، تم إنجاز هذه الأعمال، هناك تنسيق جيد بين القطاع الخاص والحكومة ولم تدعوا ان يتوقف هذا التنسيق وقمتم بتطويره. كيف تمكنتم رغم كل هذه الأزمات من الاستمرار بهذه المشاريع؟
مسرور بارزاني: يجب أن أشكر القطاع الخاص، نحن منذ بداية عمل هذه الكابينة وكما ذكرتم بعد ظهور موضوع فيروس كورونا وضعف الحركة الاقتصادية على مستوى العالم.. شعرنا بأنه إذا لم يكن هذا التنسيق موجوداً بين القطاع الخاص والحكومة فسنواجه مشاكل أكبر. لكن مع الشكر للقطاع الخاص، أرباب الأعمال وأصحاب رؤوس الأموال في كوردستان، هم استجابوا لمطالب الحكومة ونشأت علاقة قوية بين الحكومة والقطاع الخاص، تكمن أهمية الأمر في بناء الثقة، وأعتقد أن الثقة المفقودة في القطاع الخاص قد تم استعادتها. هم على استعداد للتنسيق مع الحكومة لتنفيذ العديد من المشاريع التي لم يكن لدى الحكومة الميزانية اللازمة لتنفيذها. وقد تم تنفيذ العديد منها من قبل القطاع الخاص، وقد تمكنا من تطوير وتنفيذ العديد من هذه المشاريع وبعضها قيد التنفيذ.
آڤا: فيما يتعلق بقطاع الزراعة، حتى خصومك يعترفون بأنك قطعت شوطاً كبيراً في قطاع الزراعة وضمان الأمن المائي؛ ما الذي جعلك تضع هذين القطاعين على رأس أولويات حكومتك؟ وأتذكر أيضاً أنك ذكرت في البداية أن الزراعة هي المستقبل وليس النفط.
مسرور بارزاني: نحن لدينا أرض خصبة، لقد منحنا الله النعم الكثيرة، لكن لماذا لم نستفد منها بالشكل الصحيح؟ أعتقد أنه كان للناس مصادر أخرى. لكن يتعين علينا الآن أن نفكر في كيفية تحقيق أقصى المنافع من جميع مواردنا الطبيعية، وواحدة من أهم الموارد الطبيعية الدائمة هي الزراعة.
كيف يمكننا تطوير هذا القطاع بشكل يستفيد فيه الكثير من الناس، من المنتجات الزراعية، ويوفر الأمن الغذائي لإقليم كوردستان، ويجعل كوردستان سلة توفر الأمن الغذائي لأماكن أخرى؟ هذا سيعزز مكانة إقليم كوردستان من جوانب كثيرة ويخلق المزيد من فرص العمل، سيعيد الفلاح إلى عمله في الزراعة ولاستخدام الأرض، ويزيد دخل المواطنين أنفسهم، ويصبح نقطة انطلاق لاستغلال وتفعيل القطاعات الأخرى.
من أجل تفعيل القطاع الصناعي، وتصدير المنتجات إلى خارج إقليم كوردستان، لقد نجحنا في هذا المجال. كل ذلك بالتدريج يدفع لخلق المزيد من فرص العمل، وزيادة الحركة التجارية، لقد نجحنا بهذا الصدد، ولا يزال لدينا برامج أخرى سيتم تنفيذها في المستقبل إن شاء الله. هذا كان أحد الأسباب الرئيسة. إن ىالزراعة هي أساس تطوير البنية التحتية الاقتصادية لأي بلد إذا توفرت الظروف مناسبة.
وبدون شك، الماء ضروري أيضاً للحياة وللازدهار، وكذلك للزراعة والسياحة كما أنه ضروري للطاقة. للماء خير وفير في جميع الأصعدة، لذلك أردنا الاهتمام بالمياه. وعن توقعات التغيرات المناخية لقد اتخذنا في إقليم كوردستان خطوات جيدة جداً ونتوقع أن لا يقع إقليم كوردستان تحت تأثر كبير للتغير المناخي الذي يبدو تأثيره كبيراً جداً على العراق، وكذلك في أماكن أخرى من العالم.
آفا: ألم يكن للمشاريع التي ذكرتها لتتقدّم لولا وجود النظام المصرفي ومسألة الرقمنة، وتطلعاتكم حول مسألة رقمنة المؤسسات الحكومية ومشروع "حسابي" الذي هو أيضاً مشروع حكومي مهم؟
مسرور بارزاني: بداية، وقبل كل شيء لنوضح شيئاً، عندما ننتحدث عن مشروع حسابي من خلال رقمنة النظام المصرفي، ورقمنة نظام الخدمات، ذلك كله من أجل إرضاء المواطنين. ليتمتع المواطنون بحياة أكثر سعادة وسهولة، بهذه الخطوات نحن جعلنا المواطن الهدف الرئيسي، من جانب كيف نقوم بخدمة المواطنين وكيف يمكننا أن نجعلهم راضين عن نمط حياتهم وتقديم التسهيلات إليهم. تبسيط الخدمات من أجل إرضاء المواطن. تحسين القطاع المصرفي ليستفيد منه المواطنون بشكل أكبر.
وبالنسبة لـ "حسابي" فهو عبارة عن عملية سبق أن تحدثت عنها قائمة ليستفيد منها المواطن بأكبر قدر ممكن. بادئ ذي بدء، لا يمكن لأحد أن يجعل المواطنين رهائن ليقول إنه سيدفع لهم رواتبهم شريطة أن يعتنقون معتقداته السياسية، وإلا فلن يدفع لهم رواتبهم. هذا سيختفي خلال هذا النظام، ولن يضطر المواطنون إلى اتخاذ قرارات سياسية من أجل قوت عيشهم. حينها سيكون المواطن حراً في مع من يكون وكيف يكون، ولا يستطيع أحد أن يتحكم في حياة المواطن، إلا المواطن نفسه.. وهذا جزء من منافع هذا المشروع.
والجزء الآخر في أن الخدمات المصرفية للمواطنين ستزداد، المواطن حتى الآن محصور بنظام "النقد -كاش" فقط. لكن إذا كان لديك نظام مصرفي متطور يمكنك الحصول على قروض، يمكنك الاختلاط مع العالم، ليس هنا فقط ويمكنك الاستفادة من نظام الائتمان البنكي. وهناك العديد من الخدمات المصرفية الأخرى التي سيستفيد منها المواطن.
كثير من الناس وقفوا ضد هذا البرنامج، أستطيع أن أقول إما أنهم لم يعرفوا فوائد هذه العملية لم يعلموا عنها شيئاً ووقفوا ضدها بشكل هرمي، أو أنهم على معرفة جيدة جداً بمدى فائدتها، وحجم الخدمة التي سيقدمها داعموا العملية إلى المواطنين. كانوا يرون أنه طالما لم يقوموا هم بذلك فلا داعي لأن ينجح أحد آخر في هذه العملية لذلك قاموا بمعارضتها. غير ذلك، صدقوني، لا يوجد أفضل من هذه العملية للمواطن.
النقطة الثالثة، الشفافية التي تمنع الفساد. لن يستطع أحد تبييض الأموال، ولن يستطيع أحد اللعب برواتب الموظفين والمواطنين، هذا كله سيخضع لرقابة دقيقة ليس فقط على مستوى العراق والمصارف المعتمدة في إقليم كوردستان، بل على مستوى العالم، كل شيء سيكون تحت التدقيق الدقيق، هذا كله سيصب في مصلحة المواطنين في المستقبل كوردستان.
آفا: إذاً هل هو أفضل مما هو مستخدم في العراق "التوطين" من حيث الخدمة؟
مسرور بارزاني: من حيث الخدمات، إن برنامج "حسابي" يتضمن خدمات أكثر، يمكن للمواطنين الاستفادة من الخدمات التي تقدمها المصارف أكثر.
آفا: فيما يتعلق بعلاقات حكومة إقليم كوردستان مع الدول الأجنبية، قيل إن حكومة إقليم كوردستان خسر أصدقاء على المستوى الدولي. لكننا شهدنا في عهدكم زيارة رئيسي دولتين قويتين في المنطقة إلى إقليم كوردستان وقد قمت باستقبالهما. حقيقة، ما هو مستوى العلاقات الدبلوماسية والدولية للإقليم في عهد كابينتكم؟ هل زاد عدد أصدقائكم في الخارج أم قلّ؟
مسرور بارزاني: أعتقد أن هذا هو إنجازنا جميعاً، لا أريد أن أقول إنه إنجاز حكومتي فقط. لقد كانت هناك قيادة مشتركة حول كيفية الارتقاء بعلاقاتنا مع الدول الأجنبية إلى الأمام. والحمد لله أننا تمكنا من الارتقاء بهذه العلاقة إلى مستوى عال جداً. عندما يتم التعامل مع إقليم كوردستان، يجري التعامل معه ككيان بمستوى الدول المستقلة. لذلك، يسعدني جداً أن مستوى علاقاتنا جيد، وممتنون لأن أصدقاءنا وحلفاءنا الذين لديهم علاقات مع إقليم كوردستان الآن يعترفون بأن إقليم كوردستان مكان مستقر ويمكن أن يكون له تأثير أفضل وإيجابي في تطوير جميع الملفات بالشرق الأوسط.
آفا: رغم كل الحروب والصراعات المحيطة بنا في المنطقة، كيف تطمئن أهالي كوردستان بإدامة الاستقرار في الإقليم؟
مسرور بارزاني: بالاعتماد على الله وبدعم الشعب الكوردستاني، فإن الاستقرار هو دائماً من أهم القضايا بالنسبة لنا الآن وفي المستقبل. لسنا مستعدين للتضحية بأمن واستقرار إقليم كوردستان من أجل أي شيء آخر. لكن، يمكننا الانتفاع من التكنولوجيا الحديثة والاستفادة من خبرات الأطراف في كيفية تدعيم استقرار كوردستان وتقديم تسهيلات أكبر للمواطنين، هذا كله تمت دراسته والتفكير به ومستعدون للاستمرار. لكن أقولها مجدّداً: العامل الرئيس لاستقرار هو وجود البيشمركة، البيشمركة والقوات الأمنية في إقليم كوردستان يقدمون خدماتهم للمواطنين وهذا الكيان وأرض كوردستان ليلاً ونهاراً بإخلاص، حتى نتمكن نحن من أن نكون معتزّين ونستمر في تقديم الخدمة. لذلك، من المناسب أن نشكر البيشمركة والقوات الأمنية في المقام الأول، كذلك تفهّم ودعم المواطنين، الذين يشكلون عاملاً رئيساً آخر للاستقرار في إقليم كوردستان.
آفا: كل التوقعات حول الوضع الحالي في الشرق الأوسط تشير إلى أن المنطقة تتجه نحو حرب إقليمية كبرى. في هذه الأثناء تكون مهمتكم الأهم هي كيفية حماية إقليم كوردستان من الوضع الحالي وعدم تحوله إلى جزء من الأزمات والمشاكل وتلافي شرارات الحرب؟
مسرور بارزاني: نحن لا نريد أن يتورط إقليم كوردستان بأي شكل في أي نوع من الحروب. لا نعتقد أن تكون الحرب عامل حل لأي مشكلة في الشرق الأوسط أو في أي مكان آخر بالعالم. الحرب ليست الحل. الدول والأطراف تتقاتل ومن ثم ينبغي عليها أن تتصالح وتحل مشاكلها بالحوار. فلماذا لا يكون الحوار هو الأساس لحل المشاكل منذ البداية؟.
نحن في إقليم كوردستان نؤمن إيماناً راسخاً بأن كوردستان يجب ألا تتورط في أي مشاكل إقليمية وأن نحاول حماية كوردستان، وألّا نكون مصدر توتر وتهديد لأي طرف ولا نريد أن يصبح أحد تهديداً لمصالح إقليم كوردستان.
آفا: ما هي رؤيتك لمستقبل كوردستان؟
رئيس الوزراء مسرور بارزاني: لدينا، إن شاء الله، يوجد برنامج للاهتمام أكثر بتنمية وإعادة إعمار كوردستان والتعلم من الماضي. لكني أريد أن يكون توجهنا نحو المستقبل، أن يكون توجّه مواطني كوردستان وشبابنا نحو المستقبل، نحو مسار كوردستان ونحو ما نسير إليه.
ما الذي تم إنجازه؟ كل تلك الأشياء واضحة للناس بمحاسنها ومساوئها، لكن ما الذي سيتم القيام به فيما بعد مهم جداً. لذلك، نحن لدينا برنامج، ولا نقول إننا سننهيها (السلطة) ولا نقول إننا سنسقطها، ولا نقول إننا سندمرها، ولا نقول يكفي.. بل نقول إننا سنواصل المضي قدماً ونعمرها أكثر ونحسّنها بكل الطرق.
في جانب التنويع الاقتصادي لدينا برامج، التنمية، وقضايا الزراعة، السياحة، والصناعة فنريد أن نولي اهتماماً أكبر بالقطاع الصناعي في المستقبل لخلق مزيد من فرص العمل وتطوير المهارات والمعرفة بالتصنيع في كوردستان. هذا جزء من البرامج التي نريد العمل عليها في المستقبل.
وفيما يتعلق بقطاع الصحة، فقد بذلنا جهوداً جيدة، لكن لا يزال هناك الكثير ليتم إنجازه، ليس فقط لتحسين الخدمات المقدمة من القطاع الصحي لمواطني كوردستان، بل لتتمكن كوردستان من إيصال هذا القطاع لمستوى المعايير الدولية، لكي نستطيع مساعدة أطراف أخرى وأناس آخرين.
في التعليم اتخذت خطوة جيدة. لكننا نريد أن يكون التعليم على مستوى نوفر فيه الأدوات اللازمة للناس الذين يمكنهم تطوير أنفسهم في كوردستان، سواء كان ذلك بمجال التربية أو التعليم العالي. أن نظهر أفضل القدرات في كوردستان ونتمكن من دعمها.
بمجال الإعمار، تم إنجاز الكثير. لقد تم توسيع الطرق بشكل كبير، لكننا نريد أن تصبح جودة الطرق بالمستوى الدولي، بدأنا بذلك ونلاحظ أن الشوارع والطرق المزدوجة التي يتم مدّها تتميز بمستوى وجودة مختلفة. كذلك نريد الاستفادة يوماً بعد يوم من التكنولوجيا وخبرات الدول الأخرى في تطوير الإعمار والبناء وإنشاء المراكز والمسائل الإلكترونية والرقمنة والاستفادة من البيانات والمعلومات في أي قرار يتم اتخاذه. لدينا كل هذه البرامج. هناك نقطة أخرى أرغب بالتحدث عنها ونريد أن نقوم بها في المستقبل، نريد تطوير العلاقات الجيدة التي نشأت مع حكومة بغداد.
زرنا بغداد عدة مرات قمت بذلك بنفسي، وحاولنا إقامة أفضل علاقة. تلك المشاكل القائمة ربما كان بعضها ناجماً عن سوء تفاهم وقد تم حله، ونريد بالاستمرار في التفاهم أن نجعل إقليم كوردستان رمزاً ومثالاً مهمّاً للتقدم يمكن للأطراف الأخرى في العراق أن تنظر إليه وتنقل هذه التجربة إلى الأجزاء الأخرى من العراق.
سيكون إنشاء وتعزيز العلاقات مع الحكومة الاتحادية أحد برامجنا المستقبلية إن شاء الله. وبالنتيجة أقول مرة أخرى إن المواطن هو كل شيء بالنسبة لنا، نحن نريد إرضاء المواطن. بالتالي أي شيء يكون في مصلحة المواطنين نحن سنضمّنه في جدول أعمالنا.
آفا: ماذا سيكون دور الشباب في رؤيتكم للمستقبل؟
مسرور بارزاني: المستقبل يعني الشباب، يمكننا الاستفادة من الشباب، وقد بذلنا من الآن جهوداً كثيرة، حتى في مكتبي، أحضرنا عدداً كبيراً من الشباب الموهوبين ليس فقط للتعلم، بل كانوا مساعدين في المشاريع التي تم تنفيذها وبصمتهم واضحة في هذا المجال.
لا شك، يمكن للشباب أن يلعبوا دوراً رفيعاً للغاية، لكن هذا مسار ذو اتجاهين وذكرت ذلك في كثير من الأحيان، الحكومة يمكنها مساعدة الشباب، لكن يجب على الشباب أيضاً أن يكونوا مستعدين للعب دورهم في الابتكار، والعمل، والمساعدة، والتعاون والتنسيق مع حكومة الإقليم، ومن المؤكد أن الشباب سيكونون مركز الاهتمام في مستقبلنا.
آفا: لقد سمعنا منك بالذات أن الشباب هم المحرك لهذه النجاحات.
رئيس الوزراء مسرور بارزاني: بدون شك.
آفا: عدد كبير من الشباب سيصوتون لأول مرة في هذه الانتخابات، ما هي رسالتك لهم؟
مسرور بارزاني: شبابنا أذكياء ويفهمون العالم. اليوم توجد أشياء كثيرة ليروا من خلالها الحقائق، فليدعوا الشعارات وغيرها ولا يحكموا من خلالها، بل ينظروا إلى الأفعال، وليعرفوا من يقف في خدمة المواطنين، من هو في خدمة الشباب، ومن الذي رسم لهم مستقبلاً مشرقاً ويستطيع أن يفي بالوعود التي يقطعها للمواطن. إذا أراد الشباب أن يكون لهم مستقبل أكثر إشراقاً، وحياة أفضل وأكثر ازدهاراً، وأن يكونوا قادرين على إيجاد أنفسهم بالشكل الذي ينبغي، عليهم أن يقدموا المساعدة معنا لنتمكن نحن أيضاً معهم من بناء بلد أكثر ازدهاراً وسعادة واستقراراً.
آفا: التنسيق الذي تحدثت عنه الموجود بين الحكومة، خاصة ذلك الموجود مع القطاع الخاص، إلى أي مدى لعب دوراً في خلق فرص العمل للشباب؟
مسرور بارزاني: العديد من البرامج التي ذكرتها ستخلق فرص عمل. وبالطبع جزء من الراغبين في العمل الذين يمكنهم الاستفادة من هذه الفرص والذهاب إلى العمل هم الشباب.
كان لدينا نظاماً آخر لدعم المشاريع الصغيرة. ينبغي لكل شاب يسعى للبدء بعمل خاص أن يحصل على الدعم الحكومي ليتمكنوا من الاستمرار. وقد رأيت العديد من الأمثلة في المدن التي قمت بزيارتها، رأيت العديد من الشباب استفادوا من هذه البرامج، كما رأيت شباباً آخرين بدأوا بإنشاء أعمالهم التجارية الخاصة. وهذا هو أفضل شيء يمكننا التركيز عليه على المستوى الصغير والمتوسط، الاهتمام بخلق فرص العمل والأعمال التجارية للشباب. إذا كان لدى الشباب الاستعداد، فالحكومة ستدعمهم بكل الطرق.
ومن خلال تحسين القطاع المصرفي، يمكننا أن نمنح الشباب الفرصة للاستفادة من الخدمات المصرفية ليصبحوا أصحاب أعمال ومشاريع خاصة ويتقدّموا ليصبحوا معروفين على صعيد العالم. سنضع كل البرامج التي من شانها أن تُنفع الشباب من أجندة الحكومة وخدماتها، تحت أيديهم وفي خدمتهم.
آفا: ما هي رسالتكم إلى النساء في هذه الانتخابات؟
مسرور بارزاني: كلنا نقول إن المرأة هي نصف المجتمع، لكن ليس من حيث الحقوق والواجبات فقط، بل من حيث الحقوق ومن حيث الواجبات. لكي تلعب النساء دوراً أكبر وتتم حماية حقوقهن، يجب عليهن أنفسهن أن يلعبن أدواراً أكبر. أود أن تكون للنساء في المجتمع مشاركة فعالة في الانتخابات، في أن يقررن مصيرهن بأنفسهن وأن لا يتركن كل شيء للرجال. يمكن للنساء أن يفعلن ذلك بأنفسهن، فلدينا نساء قادرات ويمكنهن أن يكن مؤثرات للغاية. لقد رأينا العديد من الأمثلة لنساء ناجحات وأنا فتخر بالنساء الكورديات، ومتأكد من أنهن قادرات على تحقيق ما هو أفضل بكثير.
آفا: هل تخطط لزيادة مشاركة النساء في الحكومة المقبلة؟
مسرور بارزاني: في هذه الكابينة كانت لدينا ثلاث وزيرات، لا أريد أن نقول فقط يجب أن يصبحن النساء وزيرات. لا بد من وجود نساء كفوءات جداً، نرجو الله أن تشكلن أكثر من نصفها (الحكومة). ليس لدي مشكلة في ذلك. يجب على المرأة القادرة أن تقوم بدورها.
آفا: شكراً جزيلاً لك السيد مسرور بارزاني، رئيس وزراء إقليم كوردستان، على مقابلتك الأولى مع آفا ميديا.
رئيس الوزراء مسرور بارزاني: شكراً جزيلاً، سُعدت بذلك.