سجلت الأرياف والقرى العراقية، نسب مشاركة مرتفعة في انتخابات مجلس النواب الأخيرة مقارنة بالمدن، في ظاهرة، وصفها متخصصون، أنها "لافتة" وتثير تساؤلات عديدة حول أسبابها وتداعياتها على الخارطة السياسية المقبلة.
وفي هذا السياق، قال الخبير في العمليات الانتخابية حسين الأسعد في تصريح لمنصّة "الجبال"، إن "الارتفاع الكبير في نسب التصويت داخل القرى ناتج عن شبكات النفوذ الاجتماعي التي ما زالت فاعلة ومتماسكة، بعكس المدن التي تفتقر إلى التنظيم الميداني القادر على تعبئة الناخبين".
وبين الأسعد، أن "الناخب الريفي يرى في صوته وسيلة مباشرة لتحقيق مطالبه الخدمية، بينما يشعر الناخب الحضري بأن تأثيره محدود في ظل الأوضاع السياسية الراهنة".
من جانبه، رأى الخبير في الشؤون الاستراتيجية جاسم الغرابي، أن هذا التباين "سيترك أثراً واضحاً على شكل التمثيل البرلماني القادم".
وقال في حديث لمنصّة "الجبال"، إن "هذا الزخم الريفي قد يعزز حضور القضايا الخدمية والزراعية في البرلمان، لكنه يضع أيضاً تحدياً أمام القوى المدنية لاستعادة ثقة الناخبين في المدن".
وبيّن الغرابي، أن "استمرار ضعف المشاركة الحضرية قد يُحدث فجوة في التمثيل السياسي، ويمنح القوى التقليدية ذات الامتداد الاجتماعي في الأرياف مساحة أوسع للتأثير في القرار السياسي".
وأضاف، أن "هذه الظاهرة قد تدفع الأحزاب مستقبلاً إلى إعادة النظر في استراتيجياتها الانتخابية، عبر التركيز على بناء قواعد ميدانية في المدن، وتحسين مستوى التواصل والخدمات لاستعادة التوازن بين الريف والحضر في العملية الديمقراطية".
وشهد العراق خلال الانتخابات البرلمانية الأخيرة نسبة مشاركة عامة تجاوزت 56% بحسب مفوضية الانتخابات، إلا أن التوزيع الجغرافي للمشاركة أظهر تفاوتاً ملحوظاً بين المدن الكبرى والمناطق الريفية والقرى.
حيث سجّلت بعض الأقضية والمناطق الريفية نسب مشاركة تجاوزت 70% في انتخابات مجلس النواب العراقي بدورته السادسة، في حين لم تتجاوز المشاركة في عدد من المدن الكبرى حاجز 40%، وفق إحصائيات مفوضية الانتخابات.
مواطن بمركز انتخابي في ذي قار خلال انتخابات برلمان العراق 2025 (مفوضية الانتخابات)