في الأيام الأخيرة، تشير تقارير إعلامية "إسرائيلية" متعددة إلى تحول استراتيجي جوهري في التموضع الإيراني لمواجهة أي صراع محتمل مع "إسرائيل"، حيث يبدو بالنسبة لها، أن طهران تعتزم نقل الثقل العسكري لـ"محور المقاومة" من ساحات كانت نشطة تقليدياً مثل لبنان وسوريا وقطاع غزة المحاصر، إلى الأراضي العراقية، ووفقاً لما أوردته هيئة البث الإسرائيلية (كان) نقلاً عن مصادر عراقية ومطلعة، فإن إيران تسعى إلى إلقاء العبء الأكبر لأي مواجهة مستقبلية على عاتق الميليشيات الشيعية المتحالفة معها في العراق، وذلك في أعقاب الضربات التي استهدفت حلفاءها في الجبهات الأخرى.
تسليح الميليشيات وتراجع نفوذ بغداد
ذكرت شبكة "كان" أن "الدعم الإيراني للميليشيات العراقية شهد توسعاً ملحوظاً في الآونة الأخيرة، خاصة فيما يتعلق بتزويدها بأسلحة متطورة وتدريبها على تكتيكات قتالية جديدة. وتتم هذه الجهود بإشراف مباشر من "فيلق القدس" التابع للحرس الثوري الإيراني.
وتقدر المصادر أن "هذه الميليشيات باتت تشكل قوة عسكرية لا يُستهان بها، وتتجاوز قدرات الجيش العراقي الرسمي في بعض المناطق، ما يشير إلى تراجع تأثير الحكومة المركزية في بغداد برئاسة محمد شياع السوداني".
ويُعتقد ـ بحسب كان ـ أن "الهدف هو تجهيز هذه القوات لتنفيذ عمليات محتملة ضد إسرائيل إذا ما اندلع صراع إقليمي واسع". وعلى الرغم من هذا التجهيز، يُشار إلى أن "الميليشيات العراقية لم تشارك في المواجهة الأخيرة بين إيران وإسرائيل، ويرجع ذلك إلى ضغوط الحكومة المركزية في بغداد والتحذيرات الإسرائيلية والأميركية"، بحسب التقرير الإسرائيلي.
استراتيجية "المسارين" والهاجس السني
في سياق متصل، سلطت صحيفة "معاريف" الضوء على ما وصفته بأنه نهج إيراني استراتيجي جديد تجاه العراق، يُعرف باسم "سياسة المسارين".
وهذا النهج يأتي رداً على الضغوط الغربية المتزايدة والهدوء المتوتر مع إسرائيل والولايات المتحدة، ووفقاً لقراءة المراسل إيلي ليون، "تسعى طهران لدفع بعض الفصائل إلى الاندماج السياسي في العراق من جهة، وفي الوقت نفسه تعزز سلطتها على فصائل مسلحة متحالفة معها، سعياً لتعظيم مساحة المناورة وحماية موقفها من التهديدات الناشئة".
ويُشير التقرير إلى أن "الحرس الثوري فتح قنوات اتصال غير رسمية مع فصائل شيعية مسلحة مختارة، بهدف دراسة سيناريوهات الانتقال من نشاط المقاومة إلى المشاركة السياسية الكاملة، لغرض بعيد المدى يتمثل في تأسيس نفوذ مستقر ومنخفض التكلفة داخل مؤسسات الدولة العراقية".
وقد ذكّر ليون بأن "هذا النهج ليس غير مسبوق، ففي الماضي، دعمت إيران مشاركة حلفائها، مثل منظمة بدر وكتائب حزب الله، في العملية السياسية".
من جهة أخرى، صرّح مصدر سياسي عراقي لصحيفة "هآرتس" بأن "الشيعة في العراق يخشون بشدة من تمرد المدن السنية على الحكومة بعد ما حدث في سوريا، وهذا سبب إضافي يدفع الميليشيات إلى التخفيف من حدة نشاطها هذه الأيام".
الأولوية الإسرائيلية لا تزال لـ "حزب الله"
على الرغم من التركيز على التموضع الإيراني في العراق، تشير تقارير إلى أن "الأولوية الإسرائيلية الحالية تتركز على الحدود الشمالية".
وقد كشفت صحيفة "يديعوت أحرونوت" أن مجلس الوزراء الإسرائيلي عقد مؤخراً جلسة لمناقشة الملف اللبناني وخيارات الرد على ما تراه إسرائيل "محاولات حزب الله لاستعادة قوته".
ويُعد الجيش والقيادة الشمالية عدة خيارات، بما في ذلك اتخاذ إجراءات حازمة ضد "حزب الله"، ستُعرض قريباً على المستوى السياسي للموافقة، أما توقيت التنفيذ، فيعتمد على عدة متغيرات، منها الحوار مع الولايات المتحدة والحكومة اللبنانية، بالإضافة إلى تحركات أخرى في المنطقة.
وأكد كل من أمير إتنغر ويوآف زيتون، في تحليل مشترك في "يديعوت أحرونوت"، أنه "من المتوقع أن تلقى انتهاكات (حزب الله) ومحاولاته لإعادة تأهيل نفسه رداً من إسرائيل".
وأشارا إلى أن "الجيش لاحظ ازدياداً في ثقة حزب الله بنفسه في جميع أنحاء لبنان، انطلاقاً من إدراكه أن إسرائيل تسعى إلى تهدئة إقليمية".
ويتجلى هذا المستوى العالي من الثقة في تزايد حركة عناصر وقيادات الحزب في المنطقة الحدودية جنوب الليطاني، بهدف إعادة تأهيل قدراته المتضررة وبناء منصات إطلاق وأسلحة متنوعة.
ويُقدر التقرير أن "حزب الله" لا يزال يمتلك عشرات الآلاف من الصواريخ والقذائف والطائرات دون طيار، بالإضافة إلى آلاف عديدة من العناصر.
(تعبيرية)