حذّر المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، الأحد 2 تشرين الثاني 2025، مما وصفه بـ"تفاقم أزمة القحط المائي في العراق"، حيث أشار إلى أن العراق يمرّ بأخطر موجة شحّ مائي منذ أكثر من عقدين، بينما بيّن تداعيات وانعكاسات تلك الأزمة على الزراعة والثروة الحيوانية.
وجاء في بيان للمركز تلقت "الجبال" نسخة منه، أنه "يحذّر من تفاقم ظاهرة القحط المائي والجفاف التي تضرب مختلف مناطق العراق"، ومن "تداعياتها الخطيرة على الأمن الغذائي والاقتصادي والاجتماعي والبيئي في البلاد".
وأشار المركز، إلى أن "العراق يمرّ بأخطر موجة شحّ مائي منذ أكثر من عقدين، نتيجة تراجع معدلات الأمطار بنسبة تتجاوز 60% عن معدلاتها السنوية المعتادة، إلى جانب انخفاض كميات المياه الواردة من نهري دجلة والفرات بأكثر من 50% مقارنة بالأعوام السابقة، بحسب تقارير وزارتي الموارد المائية والبيئة".
وأوضح البيان، أن "هذا التراجع الحاد ناجم عن التغيرات المناخية العالمية وسياسات دول المنبع المائية، إضافة إلى ضعف البنية التحتية المائية في العراق، ما أدى إلى تقلص المساحات الزراعية وازدياد التصحر في مناطق واسعة من البلاد".
ولفت البيان إلى أن "القطاع الزراعي يعدّ المتضرر الأكبر من القحط المائي، حيث انخفضت المساحات المزروعة بأكثر من 70% خلال السنوات الثلاث الأخيرة، مما أدى إلى تراجع إنتاج القمح والشعير بنسبة تقارب 60%، بحسب بيانات وزارة الزراعة".
كما أشار إلى أن "العديد من المزارعين اضطروا إلى ترك أراضيهم الزراعية نتيجة نقص المياه وارتفاع كلفة الري، مما تسبب في خسائر اقتصادية جسيمة وتهديد مباشر للأمن الغذائي الوطني".
وحذّر بيان المركز من أن "الثروة الحيوانية تواجه خطراً حقيقياً، إذ تشير الإحصاءات إلى نفوق أكثر من 30% من قطعان الأغنام والأبقار والجاموس في بعض المحافظات الجنوبية، بسبب شحّ المياه وجفاف المراعي الطبيعية، كما سجلت محافظات مثل المثنى وذي قار والأنبار أعلى نسب الهلاك الحيواني، فيما اضطر عدد كبير من المربين إلى بيع قطعانهم بأسعار زهيدة أو النزوح إلى مناطق أكثر رطوبة بحثاً عن مصادر للمياه".
وقال المركز في بيانه: "لم تقتصر آثار القحط المائي على الزراعة والمواشي فحسب، بل امتدت إلى الثروة السمكية التي تشهد انهياراً غير مسبوق. فقد تراجعت إنتاجية الأسماك في الأحواض والمسطحات المائية بنسبة تفوق 50%، وانخفضت مساحات الأهوار العراقية المغذية للثروة السمكية إلى أقل من 30% من مساحتها الأصلية، ما أدى إلى نفوق ملايين الأسماك المحلية في محافظات مثل ذي قار والبصرة وميسان".
كما لفت إلى أن "أكثر من 15 ألف صياد فقدوا مصدر رزقهم المباشر نتيجة الجفاف وانخفاض مستويات المياه في الأنهار والأهوار"، محذراً من أن "استمرار الأزمة سيؤدي إلى انقراض أنواع محلية من الأسماك مثل الكطان والبني والحمري التي تعد رمزاً بيئياً وثقافياً للجنوب العراقي".
وأوضح البيان أن "الهجرة المناخية الداخلية أصبحت أحد أخطر تداعيات الجفاف، إذ تشير التقديرات إلى نزوح أكثر من 130 ألف شخص من محافظات الجنوب والوسط باتجاه المدن الكبرى خلال العامين الماضيين، بحثاً عن فرص عمل أو مصادر معيشية بديلة".
كما حذّر من أن "استمرار هذا الوضع قد يؤدي إلى تحولات ديموغرافية خطيرة وازدياد الضغط على المدن الحضرية التي تعاني أصلًا من ضعف الخدمات والبنى التحتية".
وأكد المركز أن "أزمة القحط المائي لا تقتصر على البعد الاقتصادي، بل تمتد إلى أبعاد بيئية وإنسانية خطيرة، أبرزها ازدياد التصحر الذي يهدد أكثر من 39% من الأراضي الزراعية، وارتفاع معدلات العواصف الترابية إلى أكثر من 250 يوماً في السنة، مما يؤثر سلباً على الصحة العامة ويزيد من معدلات الأمراض التنفسية، فضلاً عن تفاقم التلوث البيئي وتدهور جودة الهواء والمياه".
ودعا المركز الاستراتيجي لحقوق الإنسان، الحكومة العراقية، إلى "اعتماد رؤية وطنية شاملة لإدارة الموارد المائية ترتكز على مبادئ العدالة والاستدامة، من خلال تعزيز المفاوضات الدبلوماسية مع دول الجوار لضمان الحصص المائية العادلة، وتطوير مشاريع تحلية المياه وإعادة استخدام المياه المعالجة في الزراعة والصناعة"، مشدداً على "ضرورة تبني سياسات زراعية حديثة تعتمد على الري بالتنقيط والزراعة الذكية لتقليل الهدر المائي، إلى جانب تفعيل برامج دعم المزارعين ومربي الثروة الحيوانية والسمكية من خلال تعويضات مالية عاجلة وخطط إحياء للقرى المتضررة".
وختم المركز بينه بالقول إن "مواجهة القحط المائي تتطلب تعاوناً حكومياً ومجتمعياً متكاملاً، ومشاركة فاعلة من مؤسسات الدولة والمجتمع المدني والقطاع الخاص في إدارة الأزمة، مع تعزيز التوعية المجتمعية حول ترشيد استهلاك المياه ومواجهة آثار التغير المناخي".
انخفاض المياه في نهر دجلة (مواقع التواصل)