لا يكاد يمر يوم إلا ونرى رئيس إقليم كوردستان مسرور البارزاني وهو يفتتح مشروعاً جديداً في إقليم كوردستان، إقليم محاصر من قبل بغداد منذ ما يقارب أكثر من أحد عشر عاماً، حيث الميزانية مقطوعة ورواتب الموظفين في تأخر مستمر.
مشاريع رئيس إقليم كوردستان التي نتحدث عنها ليست مشاريع صغيرة استهلاكية، بل جلّها مشاريع بنى تحتية من سدود و مزارع ومعامل، إلى جسور وشوارع ضخمة بين المدن. حتى أنَّ أزمة الكهرباء التي يعاني منها كل العراق ولم تستطع الحكومات المتعاقبة في بغداد إيجاد حل لها رغم الميزانيات الضخمة التي تمتلكها، باتت محلولة في إقليم كوردستان، تحت ظل حكم مسرور البارزاني.
مسرور بارزاني رئيس حكومة الإقليم والنائب الثاني للحزب الديمقراطي الكوردستاني بدأ حملة حزبه الانتخابية لانتخابات مجلس النواب العراقي المقرر اجراؤه في 11/ 11/ 2025 بشعار "لا نقول سوف نفعل.. بل نقول ها قد أنجزنا)، وذلك كتحد لكل الجهات التي ترفع الشعارات وتعطي الوعود للناخبين دون إنجاز.
مسرور بارزاني قلب هذه المعادلة، لم يبدأ حملته بسيل من الوعود الرنانة، بل قاد حملة جماهيرية وإعلامية من خلال ما أنجزه بالفعل على أرض الواقع.. ففي كل يوم وفي كل حملة انتخابية نراه يفتتح مشروعاً جديداً، مشروعاً قد أُنجز بالفعل واستكمِل.
إن المناسبات التي تقام للإعلان عن مشروع ما في ظل إدارة البارزاني لا تقام لوضع حجر الأساس، بل لفتح باب المشروع والعمل فيه مباشرة، فهي مشاريع مُنجَزة مستكملة، وليست مشاريع موعودة، أو قيد الإنشاء. وإن ثورة الاعمار التي يقودها رئيس حكومة كوردستان تعتبر بمثابة "معجزة" في نظر الكثيرين لأنها تأتي في ظروف مالية وسياسية صعبة يمر بها إقليم كوردستان.. فميزانية الإقليم التي كانت تأتي من بغداد، قد قطعت منذ ما يقارب 12 عاماً وإدارة الإقليم تقع تحت ضغوط سياسية ومالية ودستورية تقودها جهات عدة - داخلية وخارجية - بقيادة بغداد، كما أن نفط الإقليم الذي كان يمر عبر أنبوب نفط جيهان في تركيا، قد سُدّ منذ أكثر من عامين، أضف إلى ذلك تأخر رواتب الموظفين والمطالب المتكررة من قبل بغداد بتسليم الإقليم إيراداته غير النفطية إلى المركز كاملة.
كل هذه الضغوط كان من الممكن أن تؤدي إلى سقوط الإقليم كما ظن البعض وخططوا له، ولكن هنا جاءت المفاجأة، فعلى عكس التوقعات باغت إقليم كوردستان كل الأطراف وأولهم بغداد بنهضة إدارية وعمرانية قوية قلبت الموازين. حتى أن إقليم كوردستان استطاع في هذه الفترة تقوية علاقاته الدولية خاصة مع الولايات المتحدة الأميركية وإن إعلان مسرور بارزاني الاتفاق مع شركتين أمريكيتين للاستثمار في حقول الغاز الواقعة تحت إدارة الإقليم ما هو إلا انعكاس لذلك.
وفي حين توقف بغداد تصدير نفط الإقليم، يأتيها الجواب من الإقليم بتصدير الغاز، وحين تقطع بغداد ميزانية الإقليم ورواتب موظفيه، يأتي الرد من "هولير" بثورة في الأعمار وبناء البنية التحتية.
إذاً، يمكن القول إن إقليم كوردستان كسب الرهان أمام بغداد وخصومه الآخرين، واستطاع إفشال جميع محاولات تحجيمه وتأخير عجلة تطوره والتقليل من صلاحياته الدستورية. حتى أن المرجع القومي مسعود بارزاني عبر عن هذا الانتصار في أحد اجتماعاته مع نخبة من رجال الدين في كوردستان وشكر مواطني كوردستان على وقوفهم الشامخ في وجه هذه المخططات.
لقد استطاع إقليم كوردستان قلب معادلة الرواتب مقابل الصلاحيات التي وضعتها بغداد، إلى معادلة الاعتماد على الإرادة الوطنية والتمسك بالحقوق والصلاحيات الدستورية. فالإقليم وقف بإرادة صلبة أمام كل هذه الضغوط، بل وأكثر من ذلك وضع الجميع أمام صورة له أكثر قوة ومهابة مما كان يتخيلها له خصومه.
افتتاح مشروع لانتاج الغاز بين أربيل ودهوك/ تعبيرية