البصرة| مرشح للسوداني يحول الشركة العامة للحديد والصلب إلى "منصة انتخابية".. ضغوط واستغلال للموارد

لم يعد السباق الانتخابي يسير وفق القواعد المعتادة إذ لجأ المرشحون إلى أساليب "غير مألوفة". وهذه المرة، تكشف عدسة منصّة "الجبال" كيف تحوّلت الشركة العامة للحديد والصلب إلى منصة انتخابية متنقّلة، تجوب شاحناتها الشوارع حاملة صور مديرها العام المرشح عباس حيال لگن، بينما صار أكثر من 300 موظف جنوداً "قسريين مجبرين" على تنفيذ الأوامر تحت وطأة التهديد بالنقل أو الفصل التعسفي، كما تكشف مصادر "الجبال". 

وفي سياق متصل، كشف أحد موظفي الشركة العامة للحديد والصلب في البصرة، فضل عدم ذكر اسمه خوفاً من نقله أو فصله من الشركة، في تصريحٍ خاص لـ "الجبال" عن "استغلالٍ واسع النطاق لموارد الشركة وملاكها الوظيفي في الترويج الانتخابي لصالح المدير العام المرشّح عباس حيال لگن ضمن كتلة السوداني"، مؤكداً أن "السيارات التابعة للشركة تُستخدم منذ أسابيع في نقل مواد الدعاية الانتخابية وصور المرشّح إلى مناطق متعددة من المحافظة، بينها الزبير، خور الزبير، وسفوان وباقي المناطق القريبة من الشركة العامة".

وأوضح الموظف أنّ "العاملين الذين يظهرون في الشوارع يعلّقون الصور ويرفعون اللافتات، ليسوا متطوعين، بل موظفون رسميون في الشركة جرى تكليفهم بالعمل في حملات الدعاية تحت ضغط مباشر من الإدارة"، مبيناً أن "الموظفين أُجبروا على تقسيم دوامهم بين العمل في مكاتب الشركة والعمل في المكاتب الانتخابية بواقع يومين في الترويج للمرشح ويومين استراحة إجبارية".

وأضاف الموظف أن "بعض الكوادر نُقلت قسراً إلى مناطق بعيدة لمدّ أنابيب مياه أو تسليك كهرباء وفرش (سبيس) أمام بيوت شيوخ عشائر مقرّبين من المرشّح، فضلاً عن نقل صهاريج ماء لصالحهم، وتوزيع بطاقات انتخابية للناخبين تحت التهديد".

"ابتزاز إداري"

موظف آخر ذكر لـ"الجبال" أنه "تمّ تهديدنا بالفصل من الخدمة أو النقل القسري في حال رفضنا تنفيذ الأوامر، بحجة أن المدير العام يمتلك نفوذاً واسعاً وعلاقات مباشرة مع مكتب رئيس الوزراء"، لافتاً إلى أن "عدد الموظفين المهددين يتجاوز 300 موظف، وجميعنا نعمل الآن تحت الخوف والابتزاز الإداري".

وختتم المتكلم حديثه قائلاً: "نحن مغلوبون على أمرنا، ولا نعلم إلى من نتجه بعد أن تحوّلت مؤسستنا الصناعية إلى واجهة انتخابية"، موضحاً أنه "نناشد هيئة النزاهة والمفوضية العليا للانتخابات، للتحقيق في هذه الممارسات التي تُسيء إلى نزاهة الوظيفة العامة وكرامة العاملين في القطاع الحكومي".

عقوبات قانونية

بدوره، أكد مدير مكتب مفوضية البصرة، حيدر السيلاوي، في حديث لمنصة "الجبال" أن المادة 10 من نظام الحملات الانتخابية رقم 4 لسنة 2025 تحظر بشكل صارم على موظفي دوائر الدولة والسلطات المحلية استغلال نفوذهم الوظيفي أو موارد الدولة أو وسائلها بما في ذلك الأجهزة الأمنية والعسكرية، لأي غرض انتخابي سواء لصالح أنفسهم أو لصالح أي مرشح آخر، أو للتأثير على قرارات الناخبين.

وأوضح السيلاوي أن "المخالفين لهذه الأحكام يُخضعون للعقوبات المنصوص عليها في نظام الشكاوى والطعون رقم 10 لسنة 2025، وخاصة المادة 5 منه"، مؤكداً "التزام المفوضية بضمان حيادية المؤسسات العامة وصون نزاهة العملية الانتخابية في جميع مراحلها".

"حياد كامل"

بالمقابل، نفى مدير إعلام شركة الحديد والصلب، واثق محمد "بشكل قاطع" ما تم تداوله بشأن استغلال موظفي الشركة أو مواردها لأي أغراض انتخابية، مؤكداً أن "مثل هذه الادعاءات لا أساس لها من الصحة".

وأضَاف محمد في حديث للجبال أنه "لا وجود لأي نشاط انتخابي داخل الشركة مطلقاً، ولم يتم تكليف أي موظف من الدائرة أو من كوادر الشركة بالمشاركة في أي أعمال تتعلق بالدعاية الانتخابية لأي مرشح"، مشدداً أن "جميع أعمال الموظفين تقتصر على مهامهم الوظيفية الرسمية وفقاً للأنظمة والتعليمات المعمول بها".

وبيّن مدير الإعلام أن "الشركة تؤكد التزامها الكامل بالحياد ومبادئ النزاهة المؤسسية"، مشيراً أن "أي حادثة فردية قد تقع إن وجدت، هي تصرفات شخصية لا تمثل رأي الإدارة أو توجهاتها ولا علاقة لها بعمل الدائرة الرسمية"، مؤكداً أن "الإدارة حريصة على حماية سمعة الشركة وموظفيها وضمان بيئة عمل خالية من أي ضغوط سياسية أو تدخلات انتخابية".

محمد نوّه أن "الشركة العامة للحديد والصلب ستواصل التزامها بالقوانين النافذة وبالشفافية الكاملة في جميع أعمالها ومشاريعها، مع التأكيد على أن أي استخدام لمواردها أو موظفيها في سياق انتخابي هو تصرف فردي يتحمل صاحبه المسؤولية القانونية".