بالتزامن مع تفعيل عقوبات أممية شاملة ضد إيران للمرة الأولى منذ 10 سنوات، إثر عدم نجاح المحادثات بين طهران والقوى الغربية حول البرنامج النووي الإيراني، تطرح العديد من الأسئلة حول آثار هذه العقوبات على العراق وانعكاسها على الوضع السياسي والاقتصادي معاً.
وتؤكد اللجنة المالية النيابية، أن العقوبات على إيران لها انعكاسات مباشرة على العراق، حيث أن "العراق يتابع الأمر بقلق".
وقال عضو اللجنة معين الكاظمي، لـ"الجبال"، إن "العراق يتابع بقلق بالغ تداعيات العقوبات الدولية المفروضة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية، نظراً لما تمثله من انعكاسات مباشرة على الوضع الاقتصادي والمالي في البلاد، بحكم حجم التبادل التجاري والاعتماد المتزايد على إيران في ملفات أساسية، في مقدمتها الطاقة والمواد الغذائية والسلع الاستهلاكية".
وبيّن الكاظمي أن "الارتباط الجغرافي والاقتصادي بين بغداد وطهران يجعل العراق من أكثر الدول تأثراً بهذه العقوبات، وأبرز التحديات المتوقعة تتمثل في تذبذب إمدادات الطاقة، لاسيما في مجال استيراد الغاز والكهرباء، ما قد يضغط على المنظومة الوطنية ويضاعف من أزمة تجهيز المواطنين بالطاقة، إضافة إلى ارتفاع أسعار السلع المستوردة نتيجة القيود المفروضة على التحويلات المالية وصعوبات التبادل التجاري، وهو ما قد ينعكس على القدرة الشرائية للمواطن العراقي".
وأضاف أن "البرلمان، وبالتنسيق مع الجهات التنفيذية، يتعامل مع هذه التطورات بجدية عالية، حيث يجري العمل على إعداد حزمة معالجات عاجلة من أبرزها، تنويع مصادر الاستيراد والانفتاح على أسواق بديلة لتقليل الاعتماد على طرف واحد، إضافة إلى وضع خطط عاجلة لدعم المنتج الوطني وتشجيع الاستثمار المحلي لتغطية جزء من النقص المتوقع".
وختم عضو اللجنة المالية النيابية قوله إن "العراق يقف أمام تحديات معقدة في ظل الظروف الإقليمية والدولية الراهنة، لكننا في اللجنة المالية النيابية عازمون على اتخاذ جميع الإجراءات التي تصون استقرار اقتصادنا وتحمي المواطن من أي أعباء إضافية، مع الحفاظ على علاقات متوازنة مع جميع دول الجوار بما يخدم المصلحة الوطنية العليا".
"يجب الحذر"
وفي الأثناء، حذر الخبير والمختص في الشأن الاقتصادي ناصر الكناني، اليوم الأحد، من ارتدادات العقوبات على إيران على الاقتصاد العراقي خلال المرحلة المقبلة.
وقال الكناني، لـ"الجبال"، إنه "يجب الحذر من التداعيات الخطيرة للعقوبات الدولية المفروضة على الجمهورية الإسلامية الإيرانية وانعكاساتها المباشرة وغير المباشرة على الاقتصاد العراقي، والعراق بحكم تشابكه التجاري والاقتصادي مع إيران سيكون من أبرز المتأثرين".
وأشار إلى أنّ "العراق يعتمد بشكل كبير على الاستيراد من إيران في مجالات الطاقة والمواد الغذائية والسلع الأساسية، فضلاً عن قطاعات حيوية كالكهرباء والغاز، الأمر الذي يجعله عرضة لضغوط اقتصادية في حال اشتدت العقوبات أو تم تطبيقها بشكل صارم".
وأكد أنّ "العراق يستورد من إيران ما يقارب 10 مليارات دولار سنوياً من السلع والخدمات، بينها ما يتعلق بأمنه الطاقي بشكل مباشر، وأن أي عرقلة في هذه الإمدادات ستؤدي إلى أزمات في السوق المحلي، من ارتفاع الأسعار إلى شح بعض المواد".
وأشار إلى أنّ "العقوبات قد تؤثر أيضاً على حركة التحويلات المالية والتعاملات المصرفية بين البلدين، ما سيضعف قدرة التجار العراقيين على تسديد التزاماتهم ويعطل سلاسل التوريد، وذلك قد يفتح الباب أمام السوق السوداء وزيادة عمليات التهريب عبر المنافذ الحدودية".
ودعا الكناني الحكومة العراقية إلى "تنويع مصادر الاستيراد والانفتاح على أسواق بديلة في المنطقة والعالم، من أجل تقليل حجم المخاطر، إضافة إلى ضرورة وضع استراتيجية وطنية لتحقيق الاكتفاء الذاتي في بعض القطاعات الزراعية والصناعية، بما يخفف من تبعية العراق لأي طرف خارجي".
وشدد على "أهمية التحرك الدبلوماسي الفاعل من قبل بغداد للتخفيف من حدة الضغوط، والتفاوض مع الأطراف الدولية لإيجاد استثناءات للعراق في ما يخص استيراد الغاز والكهرباء، على غرار ما حصل في مراحل سابقة".
وختم الخبير والمختص في الشأن الاقتصادي قوله إن "مرحلة العقوبات تفرض على العراق تحدياً كبيراً، لكنها في الوقت نفسه قد تكون فرصة لإعادة النظر في سياساته الاقتصادية والمالية، وتعزيز قدرته على بناء اقتصاد متوازن ومستقل نسبياً عن الأزمات الإقليمية والدولية".
ودخلت العقوبات التي تحظر التعاملات المرتبطة ببرنامجي إيران النووي والصاروخي إلى جانب تدابير أخرى، حيز التنفيذ تلقائياً الساعة الثامنة مساء بتوقيت نيويورك السبت (12,00 بتوقيت غرينتش الأحد)، بعد عشر سنوات من رفعها، ومن المتوقع أن يكون لها تأثيرات أوسع على الاقتصاد.