شددت اللجنة المالية في مجلس النواب العراقي، الخميس 18 أيلول 2025، على عدم وجود "جدية حقيقية" لدى الحكومة العراقية، لإرسال جداول موازنة العام الحالي، كاشفة أسباب عدم الإرسال.
وقال عضو اللجنة معين الكاظمي في تصريح لمنصّة "الجبال"، "إننا نستبعد بشكل نهائي إقرار جداول موازنة سنة 2025، خاصة وأن الحكومة لم تظهر حتى الآن الجدية المطلوبة في إرسال الجداول الخاصة بالموازنة العامة، على الرغم من دخول البلاد في الأشهر الأخيرة من السنة الحالية".
وبيّن الكاظمي، أن "تأخر الحكومة في إرسال جداول الموازنة إلى البرلمان يعكس غياب الإرادة الحقيقية لمعالجة القضايا المالية والاقتصادية العالقة، الأمر الذي سيؤثر بشكل مباشر على تنفيذ المشاريع الاستثمارية والخطط الخدمية للوزارات في العام المقبل".
وأضاف، أن "هناك جملة عوامل تقف وراء هذا التأخير، في مقدمتها اقتراب موعد الانتخابات وما يرافقها من حسابات سياسية، فضلاً عن عدم استقرار أسعار النفط عالمياً، وهو ما دفع الحكومة إلى التريث في تقديم جداول الموازنة التي يفترض أن تحدّد بدقة أوجه الصرف وأولويات الإنفاق".
وتابع، أن "تأجيل إقرار الموازنة أو الاكتفاء بالعمل على أساس صرف بنسبة 1/12 من موازنة العام الماضي سيؤدي إلى إضعاف قدرة الدولة على تنفيذ برامجها الخدمية والتنموية، كما سيؤثر سلباً على المشاريع الاستراتيجية وملفات حيوية كالبنية التحتية، التعليم، والصحة".
وختم الكاظمي حديثه بالقول، إن "اللجنة المالية ستكون على استعداد كامل لمناقشة جداول الموازنة فور وصولها، بما يضمن التوزيع العادل للموارد وتحقيق الاستقرار المالي والاقتصادي للبلاد، شريطة أن تتعامل الحكومة مع الملف بجدية ومسؤولية عالية".
وفي 2 أيلول الجاري، أعلن النائب مصطفى خليل الكرعاوي إتمام الإجراءات القانونية والبرلمانية لاستجواب رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في مجلس النواب، لمخالفتة إجراء إرسال جداول الموازنة العامة للبلاد إلى السلطة التشريعية.
وذكر الكرعاوي أنه "بعد أن تقدمت بدعوى قضائية ضد الحكومة لدى الادعاء العام، والذي أحال بدوره الأمر إلى مجلس النواب لاتخاذ دوره الدستوري، تابعنا الخطوات القانونية والسياسية اللازمة تلاها تقديم سؤال شفوي إلى وزيرة المالية داخل المجلس".
وأضاف "أتممنا إجراءات استجواب رئيس الوزراء برفقة الإخوة نواب جبهة الوسط والجنوب، حيث فاتحنا رئيس مجلس النواب لتحديد موعد رسمي لاستجواب رئيس الوزراء، وذلك لمخالفته عدم إرسال جداول الموازنة والحسابات الختامية بالإضافة إلى تأخر مشروع قانون الخدمة المدنية الاتحادي".
وفي 30 آب الماضي، حذّر عضو مجلس النواب العراقي هيثم الزركاني، من خطورة استمرار تعطيل موازنة عام 2025 مع قرب انتهاء السنة، مبيناً أن استمرار تعطيل الموازنة، سيؤثر بشكل سلبي على أداء مؤسسات الدولة والقطاع الخاص ويهدد الاستقرار المالي والإداري.
وقال الزركاني لمنصّة "الجبال"، إنه "يجب الحذر من خطورة استمرار تعطيل إقرار موازنة سنة 2025 مع اقتراب انتهاء السنة المالية، فهذا التأخير بات يشكّل تهديداً مباشراً للاستقرار المالي والإداري للدولة".
وأوضح أن "الموازنة العامة تمثّل الأداة الأساسية لتسيير شؤون الدولة وتوفير التخصيصات اللازمة للمشاريع الخدمية والرواتب والالتزامات المالية، وأن استمرار تعطيلها حتى هذه اللحظة، سيؤدي إلى تعطيل خطط التنمية وحرمان المواطنين من أبسط حقوقهم"، داعياً الحكومة العراقية إلى "تحمّل مسؤولياتها الوطنية، والإسراع في إرسال جداول الموازنة قبل فوات الأوان؛ لأن أي تأجيل إضافي سيضاعف من الأعباء الاقتصادية ويؤثر بشكل سلبي على أداء مؤسسات الدولة والقطاع الخاص".
وكان المتخصص في الشؤون الاقتصادية، حيدر الشيخ، قد أشار في حديث لـ"الجبال"، مطلع آب الماضي، إلى تداعيات تأخر إقرار موازنة 2025، لافتاً إلى أن "عدم إقرار جداول الموازنة يعد أحد أسباب انخفاض الإيرادات غير النفطية في البلاد".
وكانت وزيرة المالية العراقية طيف سامي، قد استعرضت خلال استضافتها في اللجنة المالية النيابية، نهاية تموز الماضي تطورات الوضع المالي في البلاد، وقدّمت عرضاً مفصّلاً تضمن الإيرادات والإنفاق الحكومي وجداول التمويل للأعوام 2023–2025، إضافة إلى خطط إصلاح النظام المصرفي، وتحديث سياسات الضرائب والجمارك، وملفَي الاقتراض الداخلي والخارجي.
وأوضحت سامي، أن "تأخير إرسال جداول الموازنة، يُعزى إلى أمرين: تقلبات أسعار النفط، وعدم حسم الخلافات مع الإقليم"، معتبرة أن "هذا الوضع يعيق تمويل الموازنة الاتحادية".