تعديل سلم الرواتب يشعل الشارع.. البرلمان يتذرع بضيق الوقت ويرمي الكرة في ساحة الحكومة

7 قراءة دقيقة
تعديل سلم الرواتب يشعل الشارع.. البرلمان يتذرع بضيق الوقت ويرمي الكرة في ساحة الحكومة تظاهرات الموظفين أمام بوابات المنطقة الخضراء

هل يتم إقراره خلال الدورة الخامسة؟

دفع كلام رئيس الحكومة محمد السوداني مؤخراً، عن صعوبة تعديل سلم الرواتب، إلى تجدد احتجاجات الموظفين أمام المنطقة الخضراء وسط بغداد، وعودة الجدل بشأن القضية التي تمتد التصريحات والمواقف حولها إلى سنوات.

وعزا السوداني صعوبة تعديل الرواتب، للحاجة إلى مراجعة أكثر من 34 قانوناً وقراراً، فيما شهدت العاصمة ومدناً أخرى مثل البصرة والنجف، يوم السبت (20 تموز 2024)، تجمعات حاشدة لموظفين رافضين تلك المبررات.

ومنذ 16 عاماً لم يجر أي تعديل على سلم الرواتب، إذ أنّ آخر تعديل كان  في العام 2008، فيما يفترض أن يعاد النظر بالقانون كل 5 سنوات، وفق اللجنة المالية في البرلمان.

وترى الحكومة أن عدد الموظفين تضاعف خلال السنوات الـ6 الأخيرة، مما قد يحمّل تعديل سلم الرواتب الدولة أعباء مالية إضافية، فضلا عن "صعوبة تجاوز سلسلة من القانونين الخاصة بهذا الشأن".

اللجنة القانونية في مجلس النواب العراقي، أشارت إلى أن جزءاً من تلك القوانين، التي يفترض تعديلها، مرتبط بعمل بعض الهيئات، أبرزها الرئاسات الثلاث والمفوضية وهيئة الإعلام والاتصالات.

بالمقابل؛ حملت لجنة النزاهة النيابية، الحكومة مسؤولية تعطيل تعديل سلم الرواتب، مبينة أنها "سحبت قانون تعديل سلم الرواتب من البرلمان قبل سنتين ولم تعيده".

ملايين الموظفين

المستشار المالي لرئيس الوزراء مظهر محمد صالح، يرى أنّ سلم رواتب الموظفين في العراق واحد من أكثر القضايا الحساسة، لأنها تمس حياة أكثر من 4 ملايين موظف.

صالح وفي حديث لـ"الجبال" يؤكد أنّ "رواتب الموظفين الحكوميين خلال السنوات الـ6 الأخيرة تضاعفت، وازدادت تخصيصاتها السنوية في الموازنة العامة من 35 تريليون دينار إلى حوالي 62 ترليون دينار سنوياً"، مشيراً إلى أنها "تشكل قرابة 42 بالمائة من نفقات الموازنة التشغيلية الحالية".

وما زالت المؤشرات القياسية الحاكمة لسلم الرواتب على مستوى العراق والعالم تخضع لقاعدتين أساسيتين عند التحديد، وفق المستشار الحكومي، الأولى: سنوات الخدمة، والثانية: المؤهلات المهنية (بما فيها المؤهلات العلمية والأكاديمية).  

صالح يلفت إلى أن "أبجديات التعديل تقتضي أن يكون الحد الأدنى للراتب الحكومي متوافقاً مع مؤشرات خط الفقر في العراق؛ لتحديد الدعم السنوي للأسر المشمولة برواتب الرعاية الاجتماعية والتي تؤمن مستلزمات العيش والمأوى والتعليم والصحة بنسب لا تقل عن 75 بالمائة من تلك الاحتياجات".

تفاوت في التخصيصات

متوسط الدخل السنوي لبعض الموظفين في العراق يفوق حصة الفرد من الناتج المحلي الإجمالي بأكثر من مرة، والبعض يتعدى ذلك المتوسط بأشواط بعيدة، متجاوزاً الشروط المعيارية كافة من حيث سنوات الخدمة والمؤهلات، وفق المستشار المالي للسوداني.

ويشير إلى أنّ هناك من يتطابق دخله السنوي من العاملين بالقطاع الحكومي مع متوسط حصة الفرد العراقي من الناتج المحلي الإجمالي وهي حالة طبيعية جداً .

وبحسب صالح، فإن الشرائح الأكثر حساسية هي فئات الموظفين الحكوميين ممن تتطابق دخولهم السنوية أو تقترب من دخول الأسر الاجتماعية الهشة المشمولة بالرعاية الاجتماعية، ويتطلب منهم بالوقت نفسه العمل الوظيفي بواقع 8 ساعات في اليوم.

ويوضح المستشار الحكومي أن "معضلة تراكم 24 تشريعاً ملزماً في بناء هيكل رواتب موظفي الخدمة العامة، وهي تشريعات ذات صفة مالية تراكمت خلال العقود المنصرمة"، مضيفاً أنها "ولدت تفاوتات كبيرة جعلت من القواعد المعيارية الثلاث التي ترسم سلم الرواتب في مناخ من الاختلاف والتفاوت الكبير".

"قاعدة تجانس سلم الرواتب بالشكل المنصف الدقيق والعادل ما زالت تقتضي تعديلات تشريعية لنحو 34 قانوناً"، يقول صالح ويضيف أن "التعديل يتطلب توفر ثلاثة قواعد متجانسة أولهما: توافر الحد الادنى للأجر وعلى وفق مؤشر خط الفقر والإعالة الأسرية مضافاً إلى ذلك ساعات العمل، والثاني: تحديد سنوات الخدمة الفعلية، والثالث: المقدرة المهنية والعلمية والاكاديمية المتوافرة".

هل يُحسم في الدورة الحالية؟

بدوره، يتفق عضو اللجنة القانونية النيابية عارف الحمامي مع قاله رئيس الوزراء بشأن مراجعة أكثر من 34 قانوناً لتعديل سلم الرواتب.

ويقول الحمامي في حديث لـ"الجبال"، إن "هناك مؤسسات لا ترتبط بوزارة لديها قوانين خاصة بها، وبجميع موظفيها وتخصيصاتها وهذه تتطلب مراجعة قوانينها".

من ضمن المؤسسات التي يجب مراجعة قوانينها لتعديل سلم الرواتب، هي الرئاسات الثلاث والمفوضية العليا للانتخابات المستقلة، فضلاً عن هيئة الاعلام والاتصالات، وفق عضو اللجنة القانونية.

ويشير الحمامي إلى أنه "من غير الممكن مراجعة وتعديل القوانين التي قصدها رئيس الوزراء، خلال الدورة البرلمانية الحالية، كونها شارفت على الانتهاء والوقت المتبقي لا يسمح بذلك"، مستبعداً "تعديل سلم الرواتب خلال الدورة النيابية الخامسة".

نزاهة البرلمان "تعاتب" الحكومة

من جهته، حمّل عضو لجنة النزاهة النيابية هادي السلامي، رئيس الحكومة محمد شياع السوداني مسؤولية تعطيل إقرار القانون.

ويقول السلامي في حديث لـ "الجبال"، إنّ "رئيس مجلس الوزراء ارسل وفق جداول الموازنة 9 تريلون و500 مليار إلى إقليم كردستان، وهذا يعني أن الأموال متوفرة، والتحجج بمراجعة 34 قانوناً لتعديل سلم الرواتب ما هي إلا أعذار".

ويضيف، أنّ "القانون مُلزم للجميع، والقانون سُحب من مجلس النواب في 15 تشرين الثاني 2022 ولم يعاد مرة ثانية".

ويصف السلامي سحب القانون من قبل رئيس الوزراء وعدم إعادته خلال سنتين بـ"الخطر على الديمقراطية والمؤسسة التشريعية وعلاقتها مع المؤسسة التنفيذية".

ويعمل السلامي مع مجموعة نواب على جمع تواقيع نيابية للمضي بتعديل سلم الرواتب ومفاتحة الوزارات والهيئات.

وطالب في كتاب رسمي، رئاسة مجلس النواب بإصدار أمر نيابي يلزم الحكومة بإعادة إرسال مشروع قانون الخدمة المدنية الاتحادي مع سلم الرواتب من الحكومة.

تحرك نيابي لفك "عقدة السُلم"

وكشف عدد من النواب، يوم السبت (20 تموز 2024)، عن التحرك لإقرار سلم الرواتب، فيما أشاروا الى انه سيتم اتخاذ خطوات أخرى تجاه هذا القانون.

وقال النائب رائد المالكي في مؤتمر صحافي عقده مع عدد من النواب، بمبنى البرلمان، إن "مشروع قانون الخدمة المدنية الاتحادي كان في مجلس النواب، حيث يضم هذا المشروع 4 قوانين منها قانون سلم الرواتب"، مبيناً أنّ "مشروع القانون سحب من قبل الحكومة ومجلس الوزراء ولم يتم إرجاعه رغم المطالبات المتكررة من قبل النواب".

وجدد المالكي المطالبة بـ"إعادة ارسال مشروع قانون الخدمة المدنية الاتحادي"، لافتاً إلى أنّ "موضوع سلم الرواتب ليس لدى مجلس النواب، وإن تأخير إقراره بسبب الحكومة".

وأكد أن "مجلس النواب مستعد لمناقشة مشروع أي قانون ترسله الحكومة لتحقيق العدالة والإنصاف والدفاع عن جميع الفئات بشكل متساو بما يحفظ مصالحهم جميعاً".

من جانبه أكد النائب امير المعموري خلال المؤتمر، أن "الكثير من الدوائر والوزارات تعتبر بيئة طاردة، بسبب عدم العدالة الاجتماعية حول سلم الرواتب"، مبيناً أنّ "هناك مظلومية كبيرة للعديد من الموظفين منهم عقود 315 والإجراء اليوميين".

 وخاطب المعموري الموظفين بالقول إنه "من واجبنا هو حقوق الكثير من الموظفين، حيث نعمل وفق الدستور والقوانين المشرعة، وستكون هناك خطوات أخرى بخصوص سلم الرواتب كي تكون الصورة واضحة أمام الموظفين بالدوائر الحكومية".

وفي وقت لاحق،  نشر النائب برهان ناصر النمراوي تدوينة أعلن فيها "استحصال موافقة النائب الأول لرئيس مجلس النواب محسن المندلاوي، لإصدار أمر نيابي واتخاذ كافة الإجراءات القانونية التي تلزم الحكومة بإعادة إرسال مشروع قانون الخدمة المدنية الاتحادي مع سلم الرواتب إلى مجلس النواب، لإكمال هذا الملف وإقراره بما يحقق العدالة الاجتماعية لكافة الموظفين".

 

 

حسين حاتم صحفي عراقي

نُشرت في الأحد 21 يوليو 2024 05:55 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

المزيد من المنشورات

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.