أكد وزير الخارجية العراقي فؤاد حسين أن الحكومة تمكنت من حماية العراق والنأي به عن ساحة الحرب بمسارين اثنين داخلي وخارجي، مؤكداً أنه "لا يمكن للحكومة نزع سلاح الفصائل العراقية المسلحة بالعنف، والأمر يحتاج إلى حوار شيعي - شيعي لتحقيقه".
جاء ذلك في لقاء متلفز أجراه الوزير العراقي مع قناة "شمس" الفضائية، قال فيه إن "العراق نجا من الحرب نتيجة دراسة الواقع الإقليمي المعاش والتعامل مع هذا الواقع على أساس حماية العراق أولاً وإبعاد العراق عن نار الحرب ثانياً، ونتيجة العلاقات القوية للحكومة العراقية ولوزارة الخارجية مع دول مختلفة، فكان هناك تأثير واضح في سبيل إبعاد العراق من نار الحرب ونجحنا في ذلك لحد هذه اللحظة".
وأوضح حسين أن عمل الحكومة بهذا المسار "كان يستند على عمودين، عمود الداخل وعمود الخارج، في عمود الداخل بدأ رئيس الوزراء والقادة السياسيين من الأحزاب الشيعية بالحوارات مع الكثير من قادة الفصائل وشرح خطورة أخذ زمام الأمور بيد الفصائل وتحديد الأهداف والعمل على شكل بعيد عن سياسة الحكومة العراقية. وبالعمود الآخر الخارجي بدأنا منذ الأزمة بتواصل مع العالم الخارجي وخاصة الولايات المتحدة الأميركية والدول الأوروبية المؤثرة على سياسة إسرائيل للتأثير على إسرائيل بعدم توسيع ساحة الحرب وضم العراق إليها"، مبيناً أنه "منذ البداية كنا نتحدث عن أن الحرب ستلد حرباً أخرى، وكنا نرى مسار الحرب في غزة وجنوب لبنان وسوريا آنذاك وإيران (الهدف)"، لافتاً إلى أنه "كنا نشرح للعالم الخارجي أن العراق لا يريد أن يكون جزءاً من ساحة الحرب، حتى حينما تحدث البعض عن وحدة الساحات، كنا نقول وعلناً إنه لدينا ساحة واحدة وهي الساحة العراقية، ووحدة الساحات عمل لآخرين وليس لنا"، مشيراً إلى أنه "بالحفاظ على الساحة العراقية بعيداً عن الساحات الأخرى تمكننا من حماية البلد لحد هذه اللحظة".
وأكد وزير الخارجية أن "الفصائل المسلّحة كانت ولا تزال تطرح موضوع وحدة الساحات ومسألة المقاومة، لكن بالنتيجة الحكومة هي التي تقرر، فكانت هناك سياسة واضحة ممن في العراق وفي الساحة العراقية، وبالنتيجة استطاعت الحكومة أن تبعد يد الفصائل عن حالة الحرب. ربما الفصائل وقادتها لم يكونوا مقتنعين بهذه المسألة وكانوا يعلنون ذلك في الواقع وكانوا يهاجمون القواعد الأميركية، لكن الرسالة وصلت، تدمير الوضع في العراق وإدخال البلد بالحرب يعني أيضاً تدمير الفصائل".
وفيما يتعلق بنزع سلاح الفصائل، أوضح أن الأمر مختلف، وقال إن "نزع السلاح مسألة أخرى، أنا أرى أنها مسألة لا ينبغي أن تحدث من خلال العنف، لأن نزع السلاح يعني قتال داخلي والقتال الداخلي ليس لصالح المجتمع العراقي ولا لصالح الحكومة. فنزع السلاح أي أخذه بدون قناعة الطرف المقابل يعني بالعنف بين الجيش والفصائل. لذا فإن نزع السلاح بقرار من الحكومة صعب، ويجب التعامل معه بتوازن (توازن القوى العسكري) كذلك عدم طرح مسائل تؤدي إلى قتال داخلي، لذا نحن نحتاج إلى حوار بالساحة العراقية بهذا الشأن"، مشيراً إلى أنه "عن طريق الحوار نصل إلى تفاهمات لنزع السلاح، ففي هذا الوقت لا يمكن نزع السلاح بالعنف".
وقال أيضاً: "نحتاج إلى حوار عقلاني أولاً في إطار الأحزاب الشيعية والقيادات الشيعية بالعراق، وثانيا في الإطار الوطني نحتاج لمناقشة مسألة الأمن، فأمن العراق غير محصور في مكون واحد وهو يتعلق بجميع المكونات. إذاً نحتاج لحوار وطني، وقبل الحوار الوطني نحتاج إلى حوار شيعي - شيعي، لكن مع الأسف لحد هذه اللحظة رغم وجود بعض التفاهمات ليس هناك حوار عقلاني بهذا الخصوص"، مشيراً إلى أن "الحوار في الوقت الحاضر يتعلق بعدم القيام بعملية ما أو تجميد عملية عسكرية، عدم توريط العراق أي عدم إدخال العراق في نار الحرب. لكن بالنتيجة نحن نتحدث عن مؤسسات أمنية وعسكرية ونتحدث عن مرجعية القرار، مرجعية القرار يجب أن تكون وحسب الدستور بيد الدولة والحكومة، وعدم قبول سلاح خارج الدولة"، موضحاً: "كيف يتم نزع السلاح خارج الدولة؟ هذا هو السؤال، وأنا من جانبي كوزير خارجية وديبلوماسي لا أرى شيئاً آخر غير الحوار".
ويقارن كثيرون الوضع في العراق مع ما هو موجود في لبنان، ويتحدّث البعض عن إمكانية قيام الحكومة العراقية بخطوة مشابهة لما فعلته الحكومة اللبنانية ورئيس الدولة بإصدار قرار إلزامي يقضي بنزع سلاح حزب الله، فيما يشير آخرون إلى إمكانية تكرار سيناريو لبنان، مع بغداد بقيام "إسرائيل" بتوجيه ضربات مباشرة ضد الفصائل المسلّحة.
وبهذا السياق، أوضح حسين أنه "حتى بعد الضربة الإسرائيلية لحزب الله لازال هناك سلاح في لبنان، أنا أتحدث عن نزع السلاح لا أتحدث عن مسألة توازن القوى"، مشيراً إلى أنه "يمكن للضربة أو القتال أن يؤدي إلى تغيير في توازن القوى. لكن أنا أتحدث عن مسألة نزع السلاح ونزع السلاح لا يمكن إلا بالحوار".
وتحدث حسين عن أن العراق "يعيش أزمة السيادة، وإعادتها يحتاج إلى بناء من خلال الدستور وبناء المؤسسات، وكلما يكون هناك تركيز على بناء السيادة، كلما تقل التدخلات الخارجية"، مبيناً أن "أكثرية الدول الجوار بشكل أو بآخر يتدخلون في القضايا السياسية العراقية، ومن ضمنه التأثير الإيراني الذي يعتبر الأكبر مقارنة مع الدول الأخرى".
وفي سياق الحديث عن زيارة مستشار الأمن القومي الإيراني علي لاريجاني إلى العراق والرسالة منها، أوضح الوزير العراقي أن "لاريجاني أخذ تسلم منصبه كمستشار للأمن القومي الإيراني حديثاً، وكان مقرر في الواقع أن يجري المستشار الإيراني السابق زيارة إلى بغداد، أي تم التخطيط للزيارة سابقاً"، منوّهاً أن "العلاقات الإيرانية- العراقية علاقات معروفة وواضحة، هناك روابط جغرافية تاريخية ثقافية سياسية تجارية بين البلدين، وهذه زيارة عادية في إطار العلاقات القائمة".
وتابع: "كان لي الشرف أن استقبل المستشار في بيتي وكان لنا نقاشات واضحة عن كيفية تطوير هذه العلاقات وكيفية إبعاد المنطقة عن نار الحرب"، مبيناً أن "هناك تحديات كبيرة تحديات تخص إيران وأيضاً تحديات تخص العراق والمنطقة برمتها"، مضيفاً: "إذاً نحن بحاجة إلى لقاءات وهذه اللقاءات طبيعية، ولم يكن لاريجاني يحمل أي رسائل معينة كما قيل، وإنما كان هناك نقاش واضح حول النقاط المطروحة من وجهة النظر الإيرانية حول مجمل القضايا في العلاقات العراقية الإيرانية".
وحول الحديث عن نزع سلاح حزب الله، وهل هناك ضغط أميركي على العراق بنزع السلاح، أكد حسين، أنه "ليس هناك ضغط كما في الحالة اللبنانية، ولكن الموقف الأميركي واضح، إذ أن الموقف معلن بالنسبة لقانون الحشد الشعبي الذي كان مطروحاً في البرلمان العراقي، وبالنسبة للفصائل أيضاً الموقف الأميركي واضح".
وأشار إلى أنه "يجب أن ننطلق من المصالح العراقية، وهل المصالح العراقية والحاجة العراقية تحتاج إلى مراكز قوى عسكرية وأمنية مختلفة أو نحتاج إلى مركز أو مرجعية واحدة بالنسبة لاتخاذ القرار الأمني والعسكري".
وأكد أننا "نحتاج إلى مرجعية واحدة، وهذا أمر دستوري، وليس لأن الأميركان طالبوا، وإذا الفصائل يعلنون أنهم جزء من الحشد، فهذا يعني أن الحشد تحت قرار أو مرجعية القائد العام للقوات المسلحة".
ولفت إلى أنّ "مسألة حل سلاح الفصائل يجب أن يكون جزءاً من الحوار الشيعي الشيعي، والحوار الوطني لكي نصل إلى نتائج إيجابية".