صعود السوداني أشعل "غيرة" الإطار من 50 مقعداً متوقعاً في الانتخابات المقبلة.. الوجه الآخر لضجة "التنصت"

9 قراءة دقيقة
صعود السوداني أشعل "غيرة" الإطار من 50 مقعداً متوقعاً في الانتخابات المقبلة.. الوجه الآخر لضجة "التنصت"

تخلي الإطار عن رئيس الحكومة يدفعه لأحضان الصدر

تقول أطراف سياسية إن رئيس الحكومة، محمد شياع السوداني، يواجه "هجمة إعلامية وسياسية" من حلفاءه على الأغلب، "الإطار التنسيقي"، فيما يبدو أن تلك الجهات التي لا تعلن صراحة بأنها "معارضة" حتى الآن، قد تضررت مصالحها بسبب "إصلاحات" قام بها رئيس الوزراء مؤخراً، بحسب مستشارين حكوميين.

 

 ومنذ شهر تقريباً، تعرض السوداني لـ"انتقادات لاذعة" من أطراف شيعية كانت تنصف على أنها "صديقة للحكومة"، بسبب قضايا تتعلق بمحاكمة نور زهير، المتهم الرئيسي بسرقة الأمانات الضريبية (سرقة القرن)، وما قيل عن "شبكة الابتزاز" في مكتب الحكومة المعروفة بـ"قضية جوحي".

 

مصدر حكومي رفيع  قال لـ"الجبال" إن "أحد الأسباب التي دعت قوى سياسية شيعية إلى مهاجمة رئيس الوزراء مؤخراً"، لأنه "أضر باقتصاديات الأحزاب السياسية ومنها الأحزاب الشيعية".

 

وأحد الأمثلة على ذلك، وفق المصدر، "عندما رفع رئيس الوزراء الدعم على نفط الأسود الذي كان يباع للمصانع (أسفلت مؤكسد)، أضر ذلك بأحد القوى السياسية الشيعية المشاركة في العملية السياسية"،  وهذا ما جعلهم أن يتحولوا إلى المعارضة، على حد وصفه.

 

ويتداول في الإعلام أن رأس الحرب في جبهة المعارضة الشيعية لرئيس الوزراء، هو نوري المالكي رئيس ائتلاف دولة القانون، بسبب خلافات قديمة بينه وبين السوداني، على اعتبار أن الأخير كان قد انشق عن حزب الدعوة في 2019.

 

"قدم بالمعارضة وأخرى في الحكومة"

 

عقيل الفتلاوي المتحدث باسم الإئتلاف يقول إن كتلة دولة القانون ما زالت داعمة للحكومة، لكن هذا دعم محكوم بـ"مراقبة الحكومة وليس مطلقاً"، بمعنى، والكلام للفتلاوي، أنّ "كتلة دولة القانون ليست محددة بأن لا تعمل ضد الحكومة، بل أننا نمتلك كل الحرية في  تحديد مكامن الخلل ومحاولة علاجه، وبالتالي لا نستطيع القول بأننا معارضة رسمية".

 

 ويُعرّف الفتلاوي المعارضة البرلمانية قائلاً: "عندما تعلن نفسك معارضاً فأنت تتبرأ من الحكومة في حين أننا جزء أساسي من الإطار التنسيقي، والحكومة  جزء من الإطار"، مستدركاً: "لكن يبقى لدولة القانون حق في تقديم الاعتراضات وتحديد مكامن الخلل في العمل الحكومي" .

 

وكانت الحكومة قد شكلت في ظروف استثنائية عقب اقتتال قيل إنه شيعي- شيعي نهاية آب 2022 على بوابات المنطقة الخضراء، انسحب على إثرها مقتدى الصدر، زعيم التيار الصدري من الحياة السياسية، وقدم "الإطار التنسيقي" - وهو تحالف من أغلب الأحزاب الشيعية الفائزة- عقب ذلك محمد السوداني كمرشح تسوية بسبب خلافات بين "شيوخ التحالف" أمثال المالكي، وهادي العامري، وحيدر العبادي، وآخرين الذين كانوا يرغبون بالحصول على المنصب.

 

أزمة الحكومات الائتلافية

 

الحكومة الائتلافية "مشكلة" على حد وصف إبراهيم الصميدعي، وهو مستشار حكومي، لأنها "هشة ومن النادر أن تصمد إلى نهاية عمرها الدستوري حتى في الديمقراطيات العريقة".

 

ويضيف  :"غالباً ما تتكسر (الحكومات الائتلافية) لاختلاف وجهات نظر وبرامج الأحزاب السياسية المشكلة لها".

 

 لكن مثل هذه المشكلة في الديمقراطيات الهشة مثل الديمقراطية العراقية يجدها الصميدعي "أكثر تعقيداً"، ويقول إن هناك ما هو أبعد من اختلافات وجهات نظر الأحزاب وبرامجها السياسية وغالباً تقود إلى "محاولات تكسير الأضلاع وليس الائتلاف، وسحب الثقة من الحكومة".

 

ويتصاعد الصراع، داخل الحكومات الائتلافية بالعراق،  كلما اقتربت الانتخابات،  على حد وصف المستشار الحكومي، ويتابع: "وخشيت الأحزاب المشكلة للائتلاف الحاكم من أن تحصد الحكومة أو رئيسها على وجه التحديد، نتائج الإنجاز الحكومي بالحصول على مقاعد في الانتخابات البرلمانية. تعتقد الأحزاب أن هذه المقاعد يجب أن يعاد تدويرها عليها بدون منافس جديد". 

 

وفي وقت مبكر، كانت الأحزاب الشيعية قد أعدت ورقة دراسة لنتائج انتخابات مجالس المحافظة الأخيرة التي جرت نهاية 2023، بحسب ما يتداول بالإعلام، وأظهرت تقدماً لبعض المحافظين، واعتبرت أن السوداني قد يحصل وفق قانون "سانت ليغو المعدل"، على نحو 50 مقعداً، ما سيحوله إلى "منافس شرس".

 

السوداني ليس استثناءً

 

حدثت المشكلة "تكسير الائتلافات أو الأضلاع " بالعراق، على حد تعبير الصميدعي، تقريباً مع  كل الحكومات العراقية "بلا استثناء"، و"حدثت بشكل واضح في حكومة المالكي الثانية التي انتقلت من الولاية الأولى إلى الثانية بنجاح كبير، ومع العبادي الذي أنهى ولايته بالانتصار الكبير على (داعش) في وقت قياسي بعد كانت كافة الدوائر الغربية تتوقع سنوات أطول وأثمان أكبر للمعركة". 

 

ومع أن السوداني لم يحاول الانفراد بالقرار، والكلام للصميدعي، ولا أن "يحسب النجاح لنفسه لكن دورة محاولة تكسير أضلاع حكومته ونجاحاته من الحلفاء الشيعة لن تكون استثناءً على التجارب السابقة"، لكن "السوداني ما يزال حريصاً وبجدية على إبقاء تماسك ائتلافي الإطار والدولة أمام مسؤولياتها لاستغلال المتبقي من عمر الحكومة للاستمرار في خطط حكومته لتنفيذ برنامجها الخدمي والعمراني الواسع وتحدي الأزمات المالية والسياسة الكبيرة وتأجيل قرار كيفية مشاركته في الانتخابات إلى ما بعد ذلك "، كما يقول الصميدعي.

 

ويتابع المستشار الحكومة قائلاً: "لذلك أعتقد أن مصلحة الأحزاب الشيعية على وجه التحديد إلا تبدأ الحرب الانتخابية مبكراً لأن أي تحول في موقفها ضد حكومة السوداني التي يعتبرها الشارع استجابت إلى الكثير من حاجاته في الخدمات والإعمار، سوف يقلل من حظوظها الانتخابية ولا يزيدها، ومن حق الأحزاب المشكلة للائتلاف الحاكم أن أدارت اللعبة باحتراف أن تصر إلى آخر لحظة أنها شريك في الإنجاز وليس طرفاً منافساً معرقلاً له".

 

رئيس الحكومة رفض دوره المرسوم داخل "الإطار"

 

السوداني، الذي جاء في ظروف ما بعد اشتباكات الخضراء وتهمة تزوير الانتخابات (انتخابات 2021) من طرف المجموعة الشيعية، لم يكن خيار جميع قوى الإطار التنسيقي، كما يقول بهاء الأعرجي، نائب رئيس الوزراء الأسبق، "لذلك بعد ترشيحه من الإطار كانت هناك قوتين داخل التحالف تعملان على إفشال هذا الخيار، لكن دخول الصدرين المنطقة الخضراء جعل من الإطار أن يتماسك أكثر، لذا تجاوزوا هذه الفكرة".

 

أما عن المشاكل الأخيرة، يرى الأعرجي أن "بعض قوى الإطار كانت تعتقد أن رئيس الوزراء يعمل بمثابة مدير لدى التحالف، لتمرير مقرراتهم لكنه رفض ذلك، كما تصاعدت شعبيته في الشارع هو كان بمثابة جرس إنذار لخطورة السوداني في الانتخابات القادمة، لذلك طرحوا فكرة الانتخابات المبكرة وتعديل قانون الانتخابات (دوائر متعددة) من أجل تحديد شعبيته، فافتعلوا قضية لا وجود لها وهي التصنت، وهي تهمة إعلامية ولا وجود لها بالواقع"، داعياً إلى أن ينتظر الجميع "قرار القضاء".

 

أما الآن يعتقد المسؤول السابق، أنه تم تجاوز الأزمة، لكنها بالتاكيد ستترك آثاراً منها "إضعاف حكومة السوداني"، وإيجاد نوع من الضغط السياسي على شخص رئيس الحكومة من أجل ايقاف مشروعه بالبناء والخدمات بشكل كامل، وكذلك إيجاد نوع من الحراك لـ"تعديل قانون الانتخابات". 

 

لذا يرى الأعرجي " استمرار هذه المشاكل وعدم وجود مبادرة من الإطار لتطمين السوداني ومنحه الحرية لإكمال برنامجه الحكومي قد يدفع رئيس الحكومة لايجاد تحالف جديد مع التيار الصدري ومسعود بارزاني، لا سيما وأن الصدريين هدفهم "إضعاف الإطار، وكذلك لوجود علاقة طيبة بين السوداني و البارزاني"، على حد وصف المسؤول السابق.

ويربط كثيرون صعود شعبية السوداني خصوصاً في تنفيذ المشاريع الخدمية بتراجع دعم "الإطار التنسيقي" للحكومة وغضبه من رئيس الوزراء.

 

"الغيرة" من السوداني

 

لكن أحمد الكناني عضو المكتب السياسي لـ"عصائب أهل الحق"، بزعامة قيس الخزعلي، يقول إن الإنجازات التي تحققت في عهد السوداني " تنسب للإطار التنسيقي، الذي دعم هذه الحكومة سياسياً وأمنياً، فضلاً عن بقية الكتل السياسية الموجودة في مجلس النواب، لاسيما في قضية الموازنة الثلاثية".

ويتابع: "لكن الوضع قبل قضية التنصت ليس كما بعده، واليوم كل قوى الإطار تنتظر رأي القضاء في هذه المشكلة، وكل المواقف التي تظهر هنا وهناك هي مواقف سابقة لأوانها، فقوى الإطار اتفقت على انتظار تحقيقات القضاء، وإذا أثبت القضاء تورط السوداني في قضية التنصت، سيكون لها حينها قرار بهذا الشأن".

 

وعن موقفه كتلته يقول الكناني :"اليوم صادقون (العصائب) جزء أساسي من الإطار ومن القوى الداعمة لحكومة السوداني، وبالنتيجة لن نخرج عن قرار الإطار في حال اتخذ إجراء بحق السوداني بشكل شخصي".

 

وبشكل عام يؤكد الكناني أن "الإطار لم يسحب دعمه لحكومة السوداني، وما زال داعماً حتى الآن، مبينا أنّ "الأمر لا يتعلق بفكرة أن الإطار (يغار) من حكومة السوداني أو من نجاحاته، وإنما باكتشاف وجود شبكة تجسس أو تنصت، وأن حدث هذا في أي مكان بالعالم سوف تأخذ القوى السياسية موقفاً من الحكومة".

 

وحتى وإن كان هناك حديث عن "الغيرة من نجاحات حكومة السوداني"، على حد وصف الكناني، فعلينا أن "نعرف هذا النجاح يحسب للإطار، لأنه كان داعماً على الصعيد السياسي والأمني للحكومة، وحتى على مستوى الموازنة، علماً أن الحكومات السابقة لم تنل دعماً يشبه الدعم الذي حصلت عليه الحكومة الان، والإطار معني بنجاح السوداني أو فشله"، لافتاً إلى أنه في حال ثبت وجود تجسس أو تنصت، فإن "قرار كتلة الصادقون لن يختلف عن قرار الإطار".

الجبال

نُشرت في السبت 14 سبتمبر 2024 09:32 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

المزيد من المنشورات

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.