وسط التوترات والأزمات التي تشهدها المنطقة، وصل يوم أمس أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني علي لاريجاني إلى بغداد، في زيارة رسمية لـ"توقيع اتفاقية أمنية ثنائية مع الحكومة العراقية"، لكن الأخير هو الهدف المعلن، إذ يعتقد سياسيون ومراقبون أن هناك أهدافاً أخرى للزيارة، بينها تخفيف التوترات بين الحكومة والفصائل المسلحة.
ويقول عضو الإطار التنسيقي، فاضل موات، لـ"الجبال" إن "زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، إلى بغداد، تأتي في وقت بالغ الحساسية، حيث تشهد المنطقة تحولات استراتيجية كبيرة، الزيارة تحمل رسائل متعددة، أبرزها، تعزيز التنسيق الأمني الحدودي، وتوقيع مذكرة تفاهم بين العراق وإيران لتنسيق التعاون الحدودي، بهدف منع أي خرق أمني قد يؤثر على أمن البلدين".
وأضاف موات أن "الزيارة تؤكد على تعميق العلاقات الثنائية، فتأكيد إيران على أهمية أمن جيرانها، مما يعكس رغبتها في تعزيز العلاقات مع العراق في مختلف المجالات، كذلك التهدئة السياسية الداخلية، فهناك محاولة لطمأنة الفصائل المسلحة في العراق، خاصة بعد التصعيد الأخير مع الحكومة العراقية، والعمل على تهدئة الأجواء السياسية".
وبيّنن أن "زيارة لاريجاني إلى بغداد تحمل ،رسائل إقليمية ودولية، فهي إرسال رسائل إلى الولايات المتحدة عبر القنوات العراقية، في إطار مساعي إيران للبحث عن مخرج سياسي للأزمة الراهنة، ولهذا الزيارة تكتسب أهمية خاصة في ظل التوترات الإقليمية، والإطار التنسيقي يولي اهتمام بالغ لتعزيز الأمن والاستقرار في العراق والمنطقة".
دبلوماسي عراقي: زيارة خطرة بهذا التوقيت
ويحذر الدبلوماسي العراقي السابق، غازي فيصل، اليوم الثلاثاء، من خطورة تداعيات زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني، إلى بغداد في هذا التوقيت.
وقال فيصل، لـ"الجبال"، إننا "نحذر من خطورة زيارة لاريجاني، إلى بغداد في هذا التوقيت الحساس الذي تمر به المنطقة، فهذه الزيارة تأتي في ظل توتر إقليمي متصاعد، وصراعات نفوذ متزايدة، مما يعكس محاولة طهران تعزيز حضورها وتأثيرها في العراق، وفرض أجندتها السياسية والأمنية على الساحة العراقية".
ورأى أن "للزيارة رسائل متعددة من بينها، تأكيد إيران على استمرار تدخلها في الشؤون الداخلية العراقية، مما يهدد السيادة الوطنية ويزيد من حالة الانقسام السياسي في البلاد، ومحاولة فرض مواقف معينة على الحكومة العراقية بشأن قضايا إقليمية حساسة، خاصة في ظل التوترات مع الولايات المتحدة وحلفائها".
وأشار إلى أن "تعزيز التنسيق الأمني والاستخباراتي بين الجانبين، بما قد يؤدي إلى توترات داخلية أو زيادة الضغوط على القوى السياسية التي تسعى إلى مسار مستقل، ولهذا الحكومة العراقية مطالبة بضمان عدم السماح لأي جهة أجنبية بالتدخل في شؤون العراق الداخلية، والحفاظ على استقلالية القرار الوطني، والالتزام بمبدأ عدم الانحياز في الصراعات الإقليمية".
وأكد الدبلوماسي العراقي السابق أن "هذه الزيارة ليست سوى محاولة مكشوفة من النظام الإيراني لفرض هيمنته ونفوذه على العراق، واستغلال الظروف السياسية والأمنية لتحقيق أجندات توسعية تهدد بشكل مباشر سيادة العراق واستقراره الوطني وعلى الحكومة العراقية الحذر من السماح لطهران بأن تستخدم العراق كأداة في صراعاتها الإقليمية".
وكان عضو مجلس النواب الأميركي، جو ويلسون، علّق على زيارة أمين المجلس الأعلى للأمن القومي في إيران، علي لاريجاني، إلى بغداد، قائلاً إن الرئيس دونالد ترامب والكونغرس "لن يسمحوا باستمرار هذه الخدعة".
ويوم، استقبل رئيس مجلس الوزراء، محمد شياع السوداني، الأمين العام للمجلس الأعلى للأمن القومي الإيراني، علي لاريجاني والوفد المرافق له.
ووفق بيان حكومي تلقت "الجبال"، نسخة منه، فإن السوداني أكد خلال اللقاء "سعي العراق الحثيث إلى تطوير العلاقات مع الجمهورية الإسلامية الإيرانية، وتعزيز الشراكات المثمرة في مختلف الصعد والمجالات، وبما يصب في مصلحة الشعبين العراقي والايراني".
وجدد السوداني الإشارة إلى "موقف العراق المبدئي والثابت إزاء رفض العدوان الصهيوني على إيران، وكل ما يؤدي إلى تصعيد الصراعات على المستوى الإقليمي والدولي، وتأييد العراق للحوار الأميركي الإيراني".
كما رعى السوداني "توقيع مذكرة تفاهم أمنية مشتركة بين مستشار الأمن القومي العراقي، ولاريجاني تتعلق بالتنسيق الأمني للحدود المشتركة بين البلدين".
ووصف الخبير الأمني أحمد الشريفي، الاتفاقية التي أبرمت بين العراق وإيران برعاية رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، بأنها "ستغضب" الولايات المتحدة الأميركية، وتحرج الحكومة العراقية.