مع ملاحظات التضييق والغموض.. هل سينهي قانون المعلوماتية صراع وزارة الاتصالات وهيئة الإعلام؟

6 قراءة دقيقة
مع ملاحظات التضييق والغموض.. هل سينهي قانون المعلوماتية صراع وزارة الاتصالات وهيئة الإعلام؟

الحجب يعيد الجدل إلى الواجهة

مع ترديد المخاوف من قبل نشطاء وصحفيين حول قانون الجرائم المعلوماتية، وإمكانية استخدامه ضد حرية التعبير، فضلاً عن دخول "الأمزجة السلطوية" في تطبيقه، لكن هناك العديد من المختصين يتحدثون عن أن القانون ربما ينهي الصراع بين وزارة الاتصالات وهيئة الإعلام والاتصالات، من حيث الصلاحيات والإجراءات.

 

ويقول عضو اللجنة القانونية النيابية، النائب رائد المالكي، لـ "الجبال"، إن "الحكومة خلال الفترة الأخيرة سحبت مسودة قانون الجرائم المعلوماتية من أجل إجراء عدة تعديلات على صيغته بعد تشخيص البرلمان لبعض الإشكاليات خلال القراءة الأولى له".

 

وتحتوي الكثير من الفقرات على عقوبات شديدة تمس حرية الرأي في المجتمع ومراقبة مواقع التواصل الاجتماعي، وفق المالكي الذي أشار إلى أن هذا ما خرجت به نقاشات اللجنة القانونية بالتشاور مع لجنة النقل والاتصالات ولجنة الثقافة".

 

وقال المالكي إن "القانون له أولوية في الدورة النيابية الحالية، لكنه يجب أن يعمد على حفظ حقوق وحريات المواطنين وعدم المساس بها، وبالمقابل يحد من الجرائم الالكترونية مثل حالات الابتزاز والتشهير وتضليل الرأي العام وغيرها"، مشيراً إلى أن "تشريع مثل هكذا قوانين مهمة لها علاقة بحرية الرأي والمعلوماتية تحتاج لنقاشات عميقة داخل البيت التشريعي للوصول للصيغة النهائية بعد وصول المسودة من الحكومة".

 

وخلال العامين الماضيين، أثار قانون جرائم المعلوماتية جدلاً كبيراً في الأوساط العراقية، خاصة مع إنهاء مجلس النواب قراءته الأولى بطلب تقدمت به وزيرة الاتصالات العراقية هيام الياسري، وانقسمت آراء العراقيين بين متخوف من إقراره، ومؤيد له لمراقبة محتوى النشر على الفضاء الإلكتروني.

 

وحينها قالت الياسري في بيان إن "تشريع القانون يمكن أن ينظم وسائل التواصل الاجتماعي التي تسودها الفوضى حالياً، مما أدى إلى انتشار ظواهر الابتزاز الإلكتروني والإساءة للقيم والأعراف الاجتماعية والعائلية بدواعي حرية التعبير"، فيما يسبق رأي الوزيرة وجهة نظر من منظمة "هيومن رايتس ووتش"  بأن "عدم مضي مجلس النواب في عرض مسودة قانون جرائم المعلوماتية يعد انتصاراً لحرية التعبير الإلكترونية في العراق"، بحسب بيان رسمي للمنظمة.

 

وتتضمن النسخة التي صوت عليها المجلس بالقراءة الأولى عقوبات كالسجن لسنتين وغرامة 3 إلى 5 ملايين لمن يستخدم الإنترنت لإهانة الآخرين بالقذف والسب، كما هو الحال بعقوبة السجن مدى الحياة لمن أساء لسمعة البلاد وتسبب في أذية النظام المالي، فضلًا عن سجن سنة وغرامة تصل إلى 5 ملايين دينار للمعتدي على المبادئ والقيم الدينية والأخلاقية والأسرية والمجتمعية، إضافة لعقوبة السجن المؤقت وغرامة تتراوح بين 10 إلى 30 مليوناً لمن يؤسس أو يدير موقعاً "يحرض على الفسق والفجور".

 

من جهته، يرى خبير الاتصالات والحوكمة الالكترونية، علي أنور، خلال حديثه لـ "الجبال"، أن "قانون المعلوماتية المطروح مهم جداً لتنظيم هذا الجانب في التعاملات، وأيضا سيحل الكثير من الإشكاليات والصراع بين وزارة الاتصالات وهيئة الإعلام والاتصالات منذ سنوات عديدة لتطبيق اللوائح التنظيمية".

 

وأضاف أنور، أن "هناك اعتراضات كانت تظهر في السابق على امتلاك وزارة الاتصالات الحق في منح التراخيص لشركات الانترنت لأنها صلاحيات يجب أن تكون للهيئة، لكن الأمر دفع الوزارة للاتجاه إلى القضاء ورفع دعاوى قضائية ضد الشركات وهذا لا يجوز"، مؤكداً أن "القضاء العراقي قال كلمته الفصل ومنح الهيئة حق منح التراخيص للشركات، وعاد مرة أخرى ليمنع الوزارة من حجب المواقع والمواقع الإعلامية، لافتقادها إلى السند القانوني".

 

ويؤكد الخبير، أن "مجلس النواب عليه مسؤولية كبيرة بضرورة الذهاب نحو تشريع قانون المعلوماتية لأنه يعتبر الحل الأمثل والأكثر تنظيماً لحل الكثير من المشاكل والملفات الشائكة في هذا القطاع وتشعباته".

 

ويأتي الجدل حول مسودة القانون في وقت يشهد العراق منذ أعوام متتالية تظاهرات لمختلف شرائح المجتمع للمطالبة بالحقوق الوظيفية والخدمية في محافظاتهم ومناطقهم أو احتجاجاً على قوانين وقرارات برلمانية وحكومية تتعلق بمحاربة الفساد وحتى التطورات الأمنية والاقتصادية، وهو ما يعقد المشهد بشكل كبير، لأن تلك المطالبات ربما يتم تجريمها بحسب المزاج السياسي السائد أو الرغبات الحزبية المتنفذة في البلاد.

 

بالمقابل، يشير المختص القانوني، علي التميمي، خلال حديثه لـ "الجبال"، إلى أن "القانون لم يضع تعريفاً واضحاً للفرق بين النقد والانتقاد وهو المهم مع الاستخدام الواسع لوسائل التواصل الاجتماعي في حين نلاحظ أن قانون العقوبات ميز بشكل واضح بين السب والقذف والتشهير"، مبيناً أن "النقد يراد منه الإصلاح والتقويم والخير في حين أن الانتقاد هو لوم وكشف المستور ونشر الغسيل".

 

وتابع، أن "النقد يخلو من ركن الجريمة المعنوي والذي هو أساس جرائم السب والقذف والتشهير، لكن الانتقاد هو إسناد واقعة لشخص إذا صحت ستجعله موضع ازدراء في قومه وأيضاً هو المساس بالمشاعر، ولذلك فالنقد يمثل حسن النوايا وظاهر الخير وباطن الجمال، أما الانتقاد فهو يمثل مخالفة العادات والتقاليد والأعراف السائدة".

 

ويؤكد التميمي، أنه "مع كل الجدل الحاصل فهناك خيوط فاصلة بين النقد والانتقاد تحتاج إلى الدقة في التمييز، حيث أن المعيار بين الاثنين هو كل ما يشكل جريمة"، موضحاً أن "ما يشكل جريمة هو الانتقاد الذي يعاقب عليه القانون وعكسه النقد الذي هو في السليم، ولهذا فالفرق لا يتضح بسهولة لأنه يحتاج لمعرفة النوايا والقصد الجنائي الذي يظهر من خلال التحقيق".

 

ولفت المختص إلى أن "النقطة الأهم في القانون هو ضرورة تشخيص الجهة الرقابية على وسائل التواصل الاجتماعي حيث يجب أن يتم إنشاء قسم خاص في هيئة الإعلام والاتصالات يكون بمثابة تعديل لقانون ٦٥ لسنة ٢٠٠٤ ويضم هذا القسم مجموعة من المختصين في الإعلام والقانون"، مبيناً أن "مهمة الفريق المختص تكون مراقبة ما يتم نشره وهو يرتبط بالمدير التنفيذي للهيئة حتى يتم إحالة أية جريمة تشخص إلى المحكمة المختصة مع ربط الفريق وهذا العمل بجهات أمنية أيضاً لتبادل المعلومات معها".

الجبال

نُشرت في الجمعة 13 سبتمبر 2024 07:00 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

المزيد من المنشورات

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.