تراجع أسعار النفط يهدد بإلغاء المشاريع والإبقاء على "الرواتب".. لماذا لا يمتلك العراق "الصناديق السيادية"؟

5 قراءة دقيقة
تراجع أسعار النفط يهدد بإلغاء المشاريع والإبقاء على "الرواتب".. لماذا لا يمتلك العراق "الصناديق السيادية"؟

هناك إشارات مقلقة

 

في ظل التصعيد العسكري بالشرق الأوسط، هوت أسعار النفط إلى ما دون الـ 70 دولاراً للبرميل الواحد، مما أثار المخاوف بالعراق من نزولها أكثر، وبالتالي الدخول بأزمات مالية، وتأخير رواتب الموظفين، وتكرار سيناريو أواخر عام 2020 الذي عاشت فيه البلاد فترة ضيق اقتصادي.

 

الحكومة العراقية بدروها أكدت أن رواتب الموظفين ستكون مؤمنة ولا مساس بها، لكنها ألمحت إلى احتمال اللجوء للاقتراض، فيما يُطرح بالمقابل فكرة "تأسيس صندوق سيادي لمواجهة الأزمات الطارئة التي تعصف بأسعار النفط".

 

وبلغت العقود الآجلة لخام غرب تكساس الوسيط الأميركي دولاراً واحداً أو 1.48 بالمئة إلى 68.67 دولار للبرميل، اليوم الاثنين، فيما اعتمدت الموازنة الثلاثية سعر 70 دولاراً للبرميل.

 

رواتب الموظفين

 

ويعلق مظهر محمد صالح، المستشار المالي لرئيس الوزراء، حول المخاوف المتعلقة بهبوط أسعار النفط عالميا بطمأنة الموظفين بأن "الرواتب خط أحمر، ولا مساس بها".

 

ويذكر صالح في حديث لمنصة "الجبال"، أن "النفط في قانون الموازنة الاتحادية العامة رقم 13 لسنة 2023، الذي عُد لثلاث سنوات، سُعر بـ70 دولاراً وبواقع صادرات 3.4 مليون برميل يومياً".

 

وبيّن أن"سقوف الانفاق تتراوح بين 199 – 211 تريلون دينار سنوياً، حسب الوضع الاقتصادي لكل سنة من السنوات الثلاث ضمن الموازنة المالية".

 

ويشير صالح إلى أن "متوسط برميل النفط في العام 2023 بلغ حوالي 84 دولاراً، والعجز كان بسيط جداً في الموازنة ولأسباب طارئة، أما الأشهر الأولى من العام 2024، فإن أسعار النفط كانت جيدة بحدود الـ80 دولاراً لكن التراجع بدأ حالياً، ومتوسط الأسعار للسنة المالية سيكون بحدود 74 دولاراً للبرميل".

 

ويلفت إلى أن "السوق النفطية تتأثر بعوامل خارجية لا إرادة لنا بها، إلا من خلال دورنا مع منظمة أوبك"، مشيراً إلى أنّ "أسعار النفط قد تتحسن في العام المقبل".

 

وأكد المستشار المالي أن "رواتب الموظفين والمتقاعدين لن تتأثر بتقلبات أسعار النفط"، لافتاً إلى أنّ "الدولة تعمل بكل إمكاناتها لتوفير الاحتياجات المالية وقد تلجأ الحكومة إلى الاقتراض".

 

ويرى صالح، أنّ "العراق يفتقر إلى الصناديق السيادية كونه لا يمتلك فائضاً نقدياً"، مؤكداً أنه "آن الأوان لتأسيس صندوق داخلي ولا بأس بمشاركات خارجية لاستثمار الموارد الطبيعية غير المستثمرة".

 

لماذا لا يملك العراق صندوقاً سيادياً؟!

 

من جهته، يستبعد جمال كوجر، عضو اللجنة المالية في البرلمان العراقي، تكرار سيناريو 2020 بالنسبة لرواتب الموظفين، التي كانت قد تعطلت في تلك السنة.

 

وقال كوجر لمنصة "الجبال" أنه "في العام 2020 انخفضت أسعار النفط الى 20 دولاراً للبرميل، اما اليوم فأسعار النفط وصلت الى 68 دولار"، ويستدرك "انخفاض أسعار النفط حتى لو دولاراً واحدا سكون مؤثرا بالعراق لأن الموازنة أعدت على سعر 70 دولاراً للبرميل".

 

وبحسب عضو اللجنة المالية النيابية، فإن "من مصادر تسديد العجز في الموازنة المالية هو الفائض من أسعار النفط"، مبيناً أنّ "انخفاض أسعار النفط يعني تعقد العجز".

 

ويذهب كوجر مع مستشار رئيس الوزراء تجاه خيار الاقتراض في حال استمرت أسعار النفط نحو الانخفاض، مؤكداً أنّ "ضخامة الموازنة التشغيلية تمنع من التأسيس لصندوق سيادي لمواجهة الأزمات".

 

من جانبه، يرى الباحث بالشأن الاقتصادي مصطفى حنتوش، أن "العراق بحاجة إلى صندوق سيادي وبعملة الدولار، لاستثمار الفائض في أوقات الأزمات الطارئة".

 

ويقول حنتوش إن "أسعار النفط بعد العام 2020 وإلى اليوم هي جيدة نوعاً ما، ولدى البنك المركزي العراقي احتياطي جيد بقيمة 35 مليار دولار غير مصدر فيها عملة".

 

ويرى أنّ "الدولة قادرة على دفع الرواتب لمدة سنتين في حال استمر انخفاض أسعار النفط، وذلك بالاعتماد على ما يأتي من إيرادات".

 

الضغط على أوبك

 

وفيما يخص الاتفاق مع أوبك، أوضح حنتوش أنّ "العراق يفترض ان يصل انتاجه إلى 7 مليون وتصديره 4.5 مليون على الأقل"، مشيراً إلى أنّ "العراق يجب أن يضغط تجاه أوبك بلس للحصول على زيادة، كوننا لم نأخذ حصتنا العادلة لمواجهة الأزمات".

 

إشارات مقلقة 

 

إلى ذلك، أكد الخبير الاقتصادي نبيل المرسومي، أن انخفاض سعر برميل النفط العراقي إلى 70 دولاراً سيؤدي إلى تأثيرات سلبية كبيرة على الاقتصاد الوطني.

 

وقال المرسومي، في تدوينة تابعتها "الجبال"، إن انخفاض الأسعار، مع تراجع الصادرات النفطية إلى 3.3 ملايين برميل يومياً، سيؤدي إلى انخفاض الإيرادات النفطية الشهرية إلى 9 ترليونات دينار.

 

وأشار إلى أنّ "ترليون دينار من هذه الإيرادات سيخصص لتغطية نفقات شركات التراخيص النفطية، مما يترك 8 ترليونات دينار فقط لتمويل الرواتب بمختلف أشكالها، والتي تبلغ تكلفتها 7.5 ترليونات دينار شهرياً".

 

وأضاف أن "نصف ترليون دينار سيخصص لتمويل مفردات البطاقة التموينية، بينما سيتم تمويل باقي النفقات التشغيلية والاستثمارية من الإيرادات غير النفطية الشحيحة، بالإضافة إلى الاقتراض الداخلي والخارجي".

 

وتوقع المرسومي أن ترتفع الضرائب والرسوم، كما ستتعاظم الديون، وسيتعرض الاحتياطي الأجنبي في البنك المركزي العراقي لضغط كبير، في ظل غياب صندوق سيادي في العراق.

 

وأوضح أنّ وزارة المالية قد تواجه صعوبات في تمويل الرواتب خلال الشهرين المقبلين، مما قد يؤدي إلى تأخير أو تخفيض الرواتب إذا استمر سعر البرميل في نطاق السبعين دولاراً لمدة ستة أشهر.

حسين حاتم صحفي عراقي

نُشرت في الاثنين 9 سبتمبر 2024 06:00 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.