الانتخابات الأميركية وتأثيرها على العراق.. ماذا لو فاز ترامب؟

7 قراءة دقيقة
الانتخابات الأميركية وتأثيرها على العراق.. ماذا لو فاز ترامب؟ (ترامب)

"شخصيات كبيرة" في خطر.. ومواقف الجمهوريين أكثر حدة

في وقت تتصاعد فيه المنافسة بين الرئيس الحالي للولايات المتحدة الأميركية، جوزيف بايدن، ومنافسه الرئيس الأسبق دونالد ترامب بالانتخابات الرئاسية المقرر إجراؤها في تشرين الثاني/نوفمبر المقبل، تطرح أسئلة عن التأثر الذي يمكن أن يتعرض له العراق بعد ظهور مخرجات الانتخابات، خاصة وإن بيانات وتقارير تشير إلى تصاعد حظوظ ترامب في الظفر بالرئاسة.

يأتي ذلك في وقت تقول الحكومة إنها تخوض جولات من المفاوضات مع الولايات المتحدة من أجل وضع جدول زمني لإخراج قوات التحالف من البلاد، والتحول إلى شراكة ثنائية مستدامة مع واشنطن ودول التحالف الأخرى.

وتقريباً، تنادي معظم الفصائل والقوى الشيعية بمطلب انسحاب القوات الأجنبية من العراق، منذ انتهاء الحرب ضد "داعش" وما تلاه من اغتيال نائب رئيس هيئة الحشد الشعبي "أبو مهدي المهندس"، وقائد فيلق القدس الإيراني "قاسم سليماني"ـ بغارة أميركية قرب مطار بغداد الدولي مطلع العام 2020.

وفي الرواية الأميركية تقول واشنطن التي تقود مهمة التحالف المناهض لـ"داعش"، إنها تحتاج إلى إعادة تقييم في ضوء هزيمة التنظيم في العراق عام 2017، لكنها لا ترى ضرورة في أن تشمل المحادثات مسألة انسحاب المستشارين العسكريين الأميركيين من البلاد، بحسب بعض التقارير العسكرية. 

ماذا لو فاز ترامب؟

 وبالنظر للسياسات الأميركية بين فترتي دونالد ترامب وجو بايدن، يرى الأكاديمي والكاتب السياسي، سليم سوزة، أنّ "دونالد ترامب بحال فوزه بولاية رئاسية على حساب بايدن، فلن يختلف بسياساته السابقة عندما كان رئيساً تجاه العراق وأوضاعه"، معتبراً أنّ "ترامب سيبرهن لناخبيه وبقوة على استمرار سياساته ذاتها وردود افعاله إزاء العديد من الملفات التي اتخذ خطوات جريئة بشأنها".

ويقول سوزة، خلال حديثه لـ"الجبال"، إنه "إذا نجح ترامب في الوصول إلى السلطة مرة ثانية، فلا أعتقده سيختلف عن نسخته في ٢٠١٦، إذ سيعود إلى سياساته المتشدّدة ذاتها تجاه إيران وميليشياتها في العراق والمنطقة، وربما بصورة أكثر راديكالية هذه المرة"، مضيفاً أن "ترامب بحاجة إلى أن يبيّن لناخبيه مدى تميزه واختلافه عن الرئيس الديمقراطي الحالي جوزيف بايدن بشأن ملف إيران والشرق الأوسط، سيما الملف النووي الإيراني وأذرع الحرس الثوري في المنطقة، ناهيك عن قدرات إيران الصاروخية".

ولدى دونالد ترامب ـ والكلام لسوزة ـ أكثر من مبرّر أمام ناخبيه ومعارضيه في حال هاجم المصالح الإيرانية وشخوصها هذه المرة، وذلك "بسبب طبيعة الصراع الحالي في غزّة وتورط إيران فيه عبر أذرعها"، موضحاً أنه "هو من أمر بقتل الجنرال قاسم سليماني حين لم يكن هناك مبرّرٌ كافٍ لهذا، فيما اليوم لديه أكثر من مبرر وسيحاول استغلال الأمر مبكراً في حال وصوله إلى السلطة ليوصل رسائل شديدة اللهجة إلى الخارج والداخل على حدٍّ سواء".

ويعتقد الباحث في الشأن السياسي، بأنه "في حال حصول التصعيد مع إيران سيكون له تداعياته على العراق بشكل مباشر وسينعكس سلباً على العلاقات الأميركية العراقية في ظل حكومة عراقية حاولت التوازن في علاقتها مع إيران من جهة وحكومة بايدن الديمقراطية من جهة أخرى"، لافتاً إلى أن "هذا التوازن الهش مرهون بمدى التصعيد بين أميركا ترامب وإيران بقيادة مسعود پزشكيان، إذ على بغداد أن تختار حينها الوقوف مع إحدى الجبهتين، وكل جبهة تختارها ستكون تكلفتها ثقيلة على السياسة والاقتصاد والاستقرار الهش".

ومنذ تشرين الأول/أكتوبر 2023، تصاعدت هجمات المجموعات العراقية المدعومة من إيران ضد المصالح الأميركية في المنطقة، خاصة بعد عمليات "طوفان الأقصى" ضد الكيان الصهيوني، وهو ما دفع واشنطن للرد واستهداف قادة الفصائل العراقية بعمليات قصف معلنة وبشكل رسمي.

وعلى الرغم من تعليق الهجمات وجهود التهدئة، تُلوِّح هذه الجماعات العراقية باستئناف هجماتها في ظل تصعيد أمني كبير تشهده المنطقة يتوسطه محاولات للخروج باتفاق عراقي - أميركي "ينهي الوجود العسكري بجدول زمني يرضي تلك الفصائل"، كما يقول مقربو الحكومة.

وسُجل حتى مطلع شباط/فبراير 2024، لحظة سريان هدنة غير معلنة بينها وبين القوات الأميركية، قرابة 60 هجوماً في العراق على مصالح الولايات المتحدة، وفقاً لتقرير "خدمة أبحاث الكونغرس "سي آر إس" (CRS).

 العودة للاغتيالات

 في السياق ذاته يرى الباحث والمحلل السياسي، علي البيدر، أن "وجود الجمهوريين في سلطة الولايات المتحدة مرة أخرى وتولي دونالد ترامب للرئاسة يعتبر غير مرحب به من قبل القوى الحاكمة في العراق مثل الإطار التنسيقي وأطراف سياسية أخرى تتمنى عدم حدوث ذلك"، موضحاً أنّ "عودة ترامب للرئاسة سيقود إلى شيء من التصعيد، خصوصاً في ظل توجهات الحزب الجمهوري ومواقف ترامب الحادة إزاء العقوبات الفردية والمصارف والجهات السياسية وإدراجها بالقوائم السوداء".

ويبين البيدر، لـ"الجبال"، أنه "من الممكن ذهاب ترامب والجمهوريين إلى أبعد من ذلك بما يخص العراق، حيث "يمكن استهداف مقرات عسكرية وشخصيات بارزة مع التصعيد الكبير الذي تشهده المنطقة فالفعل ورد الفعل محتمل وقوعه حيث كله سينتج توتراً أمنياً في العراق".

 وتحدث البيدر عن أن "هناك موقفاً مغايراً مثل الترحيب لدى المكون السني بعودة ترامب كونه يمكن أن يخلصه من وجود الجماعات المسلحة في العراق لأن الجمهوريين أسرع في ردة الفعل وسياستهم تتمحور حول علاقات ومواقف الولايات المتحدة الخارجية".

ويقول إن "ترامب يفكر بجلب شخصيتين بحال فاز بالرئاسة أولهما هو اليميني المتطرف جيمس ديفيد فانس الذي اختير ليكون نائباً للرئيس، وهذا سيساهم في صناعة المزيد من التصعيد بالشرق الأوسط والعالم خصوصاً إزاء بعض السلوكيات التي تراها الولايات المتحدة متطرفة، أما الشخصية الأخرى هو الرئيس التنفيذي لبنك جيه بي مورغان تشيس جيمي ديمون، الذي رشحه ليكون وزيراً للخزانة الأميركية، وهو يعرف مسارات وخطوط الأموال العراقية الموجودة في البنوك الأميركية وسيكون له القدرة على اتخاذ قرارات حازمة إزاء العراق".

ويوضح البيدر، أن "الولايات المتحدة لديها علاقات كبيرة في العالم ومساحة العراق قد تزداد بالنسبة لتلك العلاقات مع فتح جبهات صراع أكبر مثل الصين وتايوان وروسيا وأوكرانيا وأفريقيا وفلسطين وما يحصل هناك"، معتبراً أن "الجمهوريين رؤيتهم إزاء ايران ووجودها في العراق ستكون مختلفة ولا منفذ تجاهها سوى الساحة العراقية المهمة بالنسبة للحزب الجمهوري الذي سيمثل له الحلبة الأولى لصراع النفوذ وربما المواجهة وفقا للفعل ورد الفعل".

وفي  15 نيسان/أبريل 2024، زار رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني الولايات المتحدة، واجتمع مع الرئيس الأميركي جو بايدن في البيت الأبيض، واعتبر أنّ العلاقات بين العراق والولايات المتحدة "وصلت لمنعطف مهم"، مشدداً على أهمية الانتقال من "العلاقة ذات الطبيعة الأمنية والعسكرية" إلى الشراكة الكاملة "وفق اتفاقية الإطار الاستراتيجي".

وقتها، أوضح السوداني، تباين آراء الطرفين (العراقي والأميركي) في مواقفهما تجاه العديد من الملفات الإقليمية، في إشارة للموقف من الحرب الإسرائيلية على غزة واستهداف القنصلية الإيرانية بدمشق في نيسان/أبريل الماضي.

وبحسب معهد واشنطن للدراسات ترجح دوائر صنع القرار الأميركي، التوجه نحو سحب معظم القوات الأميركية من العراق دون الإضرار بالمصالح الأميركية، لتعيد تمركزها في إقليم كردستان وهذه الخطوة إن تحققت فستكون انسجاماً مع مبدأ "ضبط النفس" الذي تعتمده واشنطن، ومنعاً لتولد ردود فعل غير محسوبة في المستقبل، حيث لا تزال إدارة الرئيس جو بايدن متمسكة بأولوية عدم توسيع نطاق الصراع الدائر في الشرق الأوسط، لاسيما وهي تقترب من الانتخابات الرئاسية.

الجبال

نُشرت في السبت 20 يوليو 2024 06:06 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

المزيد من المنشورات

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.