خاص| هل يعود نازحو سنجار إلى قراهم بعد حل حزب العمال الكوردستاني؟

8 قراءة دقيقة
خاص| هل يعود نازحو سنجار إلى قراهم بعد حل حزب العمال الكوردستاني؟ جندي عراقي يقف بجانب غرافيتي لـ PKK في سنجار - AP

منذ أن أعلن حزب العمال الكوردستاني حل نفسه، ومن ثمّ ألقى سلاحه، تطرح الأسئلة حول إمكانية عودة نازحي سنجار إلى قراهم، بعد هذه التطورات الأخيرة. 

 

 

ونهاية شباط الماضي، دعا زعيم حزب العمال الكوردستاني عبدالله أوجلان، إلى حلّ جميع المجموعات التابعة لـ"بي كي كي" وإنهاء أنشطته المستمرة منذ أكثر من 40 عاماً، ليتم البدء بإلقاء السلاح في يوم  الجمعة الماضي، 11 تموز ضمن مراسم رسمية بمحافظة السليمانية.

 

"الأمر ليس بهذه السهولة"

 

وأكدت لجنة الأمن والدفاع البرلمانية، اليوم الثلاثاء، أن عودة النازحين إلى سنجار لن تتحقق بمجرد حلّ حزب العمال الكوردستاني، وذلك يعود إلى أربعة أسباب.

 

وقال عضو اللجنة النيابية ياسر وتوت، لـ"الجبال"، إن "عودة النازحين إلى سنجار لن تتحقق بمجرد حلّ حزب العمال الكردستاني، فهناك تحديات أعمق تحتاج إلى معالجة جذرية، على الرغم بأهمية الخطوة الرمزية المتمثلة بإعلان حزب العمال الكردستاني حلّ نفسه، إلا أن الواقع الأمني والإنساني في القضاء لا يزال معقّداً ويحول دون عودة آلاف العائلات النازحة إلى مناطقها الأصلية".

 

وأضاف وتوت أن "المشكلة في سنجار ليست مرتبطة فقط بوجود الـ PKK، بل تتعداها إلى صراعات النفوذ بين جهات مسلحة متعددة، وغياب سلطة الدولة الحقيقية، والانقسام الإداري، فضلًا عن ضعف الخدمات الأساسية وغياب إعادة الإعمار الجدية".

 

ولفت وتوت إلى أربعة أسباب تحول دون عودة النازحين، وأبرزها: "فرض سلطة الدولة بشكل كامل على القضاء، وتجريد كل الجماعات المسلحة من السيطرة، وتنفيذ اتفاق سنجار الموقع بين بغداد وأربيل بشكل فعّال دون مماطلة، وإعادة الإعمار السريع للمنازل والبنى التحتية المدمرة".

 

وختم عضو لجنة الأمن والدفاع البرلمانية قوله إن "بقاء هذا الوضع المعلّق في سنجار بعد كل هذه السنوات من التحرير من داعش يُعد فشلًا إدارياً وسياسياً جماعياً يجب الاعتراف به والعمل على معالجته بشكل جاد، وليس عبر حلول إعلامية مؤقتة".

 

"اتفاقية سنجار هي الحل" 

 

وأكد الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية، سيف رعد، أن حل حزب العمال الكوردستاني لا يحل أزمة النازحين من مدينة سنجار.

 

قال رعد في حديث لمنصة "الجبال"، إن "وجود حزب العمال الكوردستاني في سنجار كان أحد المعوات الرئيسة أمام عودة النازحين بسبب العمليات العسكرية التركية المتكررة التي تستهدفهم والتي تسببت في نزوح إضافي (مثل قصف عام 2021 الذي أثر على المدنيين)، فإذا نجحت تسوية ملف الحزب ذلك قد ينخفض الوجود العسكري التركي، ما يُعزز الشعور بالأمان لدى الأهالي خاصة الأيزيديين الذين يشكلون غالبية سكان سنجار".

 

وأضاف أنه "لا بد من الإشارة أن تنفيذ اتفاقية سنجار (2020) بين بغداد وأربيل برعاية الأمم المتحدة كانت تهدف إلى إخراج الجماعات المسلحة غير الشرعية بما في ذلك حزب العمال الكوردستاني وتسليم ملف الأمن الداخلي للشرطة المحلية والقوات الاتحادية، ومن الممكن بعد تسوية ملف الحزب أن يعاد إحياء هذا الاتفاق، مما يُسهل عودة النازحين".

 

وأشار إلى أنه "نتكلم عن حوالي 350 ألف أيزيدي في مخيمات (دهوك وأربيل) لكن أكبر التحديات التي تواجه إعادة النازحين هو عدم اليقين بشأن نزع السلاح، رغم إعلان الحزب هناك شكوك حول التزام جميع فصائله بنزع السلاح خاصة وحدات حماية سنجار اليبشه (YBS) المرتبطة به عقائدياً وعسكرياً أما إداريا ومالياً محسوبة على هيئة الحشد الشعبي والتي تضم حوالي 1500 مقاتل أو أكثر، بالإضافة إلى تصريحات بعض القيادات المحسوبة على حزب العمال الكوردستاني في مايو 2025 تشير إلى أن نزع السلاح سابق لأوانه، مما يُعقّد الوضع بالنتيجة مع وجود جماعات مسلحة أخرى حتى مع خروج الحزب".

 

وبيّن الخبير الأمني أن "الفصائل المسلحة لديها ارتباط مع إيران ولا تزال موجودة مما يُعيق عودة النازحين بسبب انعدام الثقة في الأمن، بالإضافة إلى البنية التحتية المدمرة حيث أن أكثر من 70% من سنجار مدمرة منذ سيطرة داعش في 2014، وغياب الخدمات الأساسية (الرعاية الصحية، التعليم، المياه) يجعل العودة صعبة حتى مع تحسين الوضع الأمني، كما أن بعض الفصائل المسلحة المرتبطة بهيئة الحشد الشعبي خاصة قد تُعرقل تنفيذ الاتفاقية إذا شعرت بتهميش دورها وأهمها وحدات مقاومة سنجار (YBS) المرتبطة بحزب العمال الكوردستاني قد تُواصل نشاطها حتى بدون الحزب مباشرة، بالإضافة إلى أن الخلافات السياسية بين بغداد وأربيل والتوترات حول المناطق المتنازع عليها بالأخص سنجار قد تستمر إذا لم يتم التوافق على إدارة مشتركة فعالة. فأربيل تطمح لضم سنجار إلى الإقليم بينما بغداد تصر على سيطرتها المركزية مع وجود تحصينات سابقة للحزب في جبل سنجار وتأثيره على المجتمع الأيزيدي (بسبب دوره في حمايتهم من داعش عام 2014) قد يُصعب إزالة نفوذه تماماً".

 

ورأى سعد أن "أزمة سنجار داخلية بطبيعتها، لأنها تتعلق بالصراع بين بغداد وأربيل حول السيطرة على المناطق المتنازع عليها وفق الدستور العراقي، ووجود أذرع مسلحة متنوعة مثل (البيشمركة، الحشد الشعبي، وحدات مقاومة سنجار) يُعقّد إدارة قضاء سنجار حيث يمثل كل فصيل مصالح سياسية محلية. والأزمة لديها أيضاً بعد إقليمي إذ ترى تركيا سنجار ممراً استراتيجياً وتهديداً بسبب وجود حزب العمال الكوردستاني وتدخلها العسكري المستمر (مثل القصف الجوي) يُعرقل الاستقرار، لذا إن تسوية ملف الحزب قد تُرضي أنقرة لكنها قد تُحافظ على نفوذها في المنطقة بحجة حماية مصالحها، وأيضا إيران تدعم بعض الـفصائل المسلحة وبعض الجماعات المرتبطة بالحزب لتعزيز نفوذها في سنجار التي تُعتبره ممراً حيوياً وإستراتيجياً بين العراق وسوريا وصولاً إلى لبنان فهذا الدعم يُعقّد تنفيذ اتفاقية سنجار".

 

وقال الخبير الأمني إن "الولايات المتحدة الأميركية تدعم اتفاقية سنجار لتعزيز سيطرة الحكومة المركزية ومحاولة تقليل النفوذ الإيراني في العراق مما يجعل التسوية جزءاً من توازن القوى الإقليمي".

 

وختم الخبير في الشؤون الأمنية والاستراتيجية حديثه لـ"الجبال"، بالقول إن "تسوية ملف حزب العمال الكوردستاني تُعد خطوة مهمة لكنها ليست كافية لحل الأزمة بشكل كامل، سنجار تعاني من تشابك المصالح الإقليمية (تركيا، إيران، الولايات المتحدة) والصراعات الداخلية بين بغداد وأربيل بالإضافة إلى التحديات الاجتماعية والاقتصادية، فبدون إزالة جميع الفصائل المسلحة وجعل قوة أمنية مركزية اتحادية مثل الجيش العراقي مسيطرة على القضاء مع إعادة إعمار شاملة ستظل الأزمة قائمة. بالنهاية يجب أن نشير أن هناك تعاطفاً محلياً مع حزب العمال الكوردستاني وبين الأيزيديين بسبب دورهم في التحرير من داعش الإرهابي، لذلك حتى لو تم نزع السلاح سيبقى نفوذهم السياسي والاجتماعي داخل سنجار".

 

وكانت وزارة الخارجية الأميركية، رحبت في وقت سابق، بدعوة زعيم حزب العمال الكوردستاني عبد الله أوجلان، لأعضاء حزبه، لإلقاء السلاح.

 

وصرحت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الأميركية تامي بروس، لمنصّة "الجبال" قائلة: "اطلعنا على تقارير حول بيان عبد الله أوجلان الجديد الذي يدعو فيه أعضاء حزب العمال الكوردستاني إلى إلقاء السلاح علانية".

 

وأضافت بروس: "نحن نرحّب بنزع سلاح حزب العمال الكوردستاني، وندعم أي خطوة لنزع سلاحه وإزالة التهديد من المنطقة".

 

وقبل ذلك، علق نائب رئيس حزب العدالة والتنمية التركي، والمتحدث باسم الحزب، عمر تشيليك، بشأن بدء حزب العمال الكوردستاني عملية تسليم السلاح، فيما أشار إلى أنه تم تجاوز "عتبة حرجة" في هذا الإطار.

 

وقال تشيليك في بيان، إن " تحقيق هدف (تركيا بلا إرهاب) سيفضي إلى تخلص بلدنا من عبء الإرهاب، وسيسهم في بلوغ هدف منطقتنا القريبة بأن تصبح منطقة خالية من الإرهاب"، مشيراً إلى أن "هذا المسار يدار بتوجيه من الرئيس التركي رجب طيب أردوغان".

 

وأضاف أن "مؤسسات الدولة، من دبلوماسية واستخبارات وأجهزة أمنية، تواصل جهودها الشاملة على مختلف الأصعدة من أجل تحقيق هذا الهدف".

 

وتابع تشيليك: "لقد تم تجاوز عتبة حرجة في هذه المرحلة، ويتعين الآن استكمال عملية تسليم السلاح، وإنهاء جميع فروع حزب العمال الكردستاني وهياكله غير القانونية".

 

وختم بالقول: "بإرادة رئيس الجمهورية، تنفذ هذه العملية كمشروع دولة، وتستمر اليقظة ضد كل أشكال الاستفزاز لضمان تحقيق أهدافها".

الجبال

نُشرت في الثلاثاء 15 يوليو 2025 12:40 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.