كشف تقرير لمعهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى عن وقوع نحو 10 زعامات سياسية، أغلبها شيعية، ضحية "قضية التنصت"، أبرزهم؛ رئيس مجلس القضاء فائق زيدان، وزعيم دولة القانون نوري المالكي، إضافة إلى قيادات في الحشد الشعبي.
وأكد التقرير أن مقربين من رئيس الوزراء (من أبناء عشيرته) من العاملين في مكتب السوداني، وفي جهازي المخابرات والأمن الوطني، متورطون بالقضية، فيما وصف محمد جوحي، بأنه "زعيم الخلية".
وفي 20 آب الماضي، وجّه السوداني، وفق بيان مبهم، بـ"تشكيل لجنة تحقيقية بحقّ أحد الموظفين العاملين في مكتب رئيس مجلس الوزراء؛ لتبنّيه منشوراً مُسيئاً لبعض المسؤولين وعدد من السادة أعضاء مجلس النواب، وإصدار أمر سحب يد لحين إكمال التحقيق".
ضحايا التنصت
لكن تقرير معهد واشنطن وصف ما جرى بأنه فضيحة تشبه "فضحية ووترغيت" الأميركية الشهيرة في ستينيات القرن الماضي. وقال الكاتب و المحلل السياسي المعروف مايكل نايتس إن "قضية التنصت" بالعراق طالت شخصيات سياسية كبيرة من خلال اختراق أو مراقبة أجهزة الاتصال الخاصة بهم.
وأبرز من ذكر نايتس في تقرير معهد الشرق الأوسط هم:
- رئيس "مجلس القضاء الأعلى" القاضي فائق زيدان.
- رئيس الوزراء السابق نوري المالكي وصهره ووكيله التجاري ياسر عبد صخيل المالكي.
- هادي العامري، رئيس كيانين سياسيين رئيسيين مدعومين من إيران: "الإطار التنسيقي" و"منظمة بدر"
- رئيس مجلس النواب بالإنابة محسن المندلاوي
- رئيس مجلس النواب السابق محمد الحلبوسي (واحد من العديد من السياسيين العرب السنة المستهدفين)
- رئيس الوزراء السابق حيدر العبادي
- همام حمودي، رئيس "المجلس الأعلى الإسلامي العراقي"
- أحمد الفتلاوي، مستشار زعيم تيار "الحكمة" عمار الحكيم (من بين العديد من الشخصيات السياسية الأخرى المستهدفة)
- شخصيات مختلفة في مكتب الرئيس.
- مسؤولون مختلفون في "قوات الحشد الشعبي"
وكان من اللافت غياب أقرب مؤيدي السوداني، قيس الخزعلي، وكبار أعضاء ميليشيا "عصائب أهل الحق"، حسبما يقول التقرير.
أعضاء خلية جوحي
وكانت خلية التنصّت تتمركز في مكتب رئيس الوزراء، وفق ما نايتس، وتُديرها مجموعة من الشخصيات المقربة من السوداني، على النحو التالي:
- عبد الكريم السوداني، السكرتير العسكري لرئيس الوزراء وقريب من قبيلته
- خالد اليعقوبي، مستشار السوداني لشؤون السياسات الأمنية
- محمد جوحي، زعيم الخلية ونائب المدير العام للشؤون الإدارية في مكتب رئيس الوزراء (اعترف جوحي بالجريمة، وتم إجراء تحليل لأجهزته الإلكترونية)
- أحمد السوداني، قريب آخر لرئيس الوزراء ورئيس "جهاز المخابرات الوطني العراقي" بالوكالة
- أحد عشر فنياً في مجال استخبارات الإشارات من "شعبة الإنصات التابعة للمديرية الفنية لجهاز المخابرات الوطني العراقي"
- مختلف الضباط في "جهاز الأمن الوطني" و"وكالة المعلومات والتحقيقات الاتحادية" التابعة لوزارة الداخلية.
وأوضح التقرير أن محمد جوحي، المتهم الأبرز في القضية، وآخرون ممن شاركوا في عمليات التنصّت استخدموا ممتلكات "جهاز المخابرات الوطني العراقي" ومعداته ومركباته لتنفيذ الخطة التي أقرّها أحمد السوداني. فضلاً عن ذلك، تم انتداب أفراد من "جهاز الأمن الوطني" إلى خلية جوحي من قبل رئيس الجهاز أبو علي البصري (المعروف أيضاً باسم عبد الكريم عبد فاضل حسين)، الذي يتمتع بسمعة فعالة في ملاحقة الإرهابيين السنة ولكنه أيضاً أبرز العناصر في "الإطار التنسيقي" الذين يقومون بحملات ضد الخصوم السياسيين، حسبما يقول نايتس.
وأشار أيضاً إلى أنه في الثالث من أيلول الحالي، تم اعتقال المصور الشخصي لرئيس الوزراء فيما يتعلق بالمخطط.
استبدال وكلاء موثوقون بالفصائل
واعتبر التقرير أن "فضحية التنصت" وسياسيات محمد السوداني، أدت إلى إجراء تغييرات بالأجهزة الاستخبارية التي كانت الولايات المتحدة بأنشائها بعد الإطاحة بنظام صدام، واستبدال القيادات بأعضاء في الفصائل المسلحة.
وقال إنه "منذ عام 2022، قامت حكومة السوداني بتطهير العديد من ضباط جهاز المخابرات الذين كانوا محل ثقة من قبل الولايات المتحدة واستبدلتهم بوكلاء من الميليشيات المدعومة من إيران".
وأضاف: "وفي أوائل عام 2023، تم تعيين مدير جديد لمكافحة التجسس في المخابرات - والذي تتمثل مهمته في منع اختراق الجهاز - وهو فيصل غازي اللامي، ابن شقيق رئيس "هيئة الحشد الشعبي" فالح الفياض، وأحد أتباع أبو آلاء الولائي (المدرج على قائمة الولايات المتحدة للإرهاب) منذ فترة طويلة".
وقد تم تصنيف كل من الفياض والولائي من قبل الحكومة الأمريكية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان والأنشطة الإرهابية على التوالي، حسبما اكد التقرير، وتابع :"بالإضافة إلى ذلك، يشغل وسام المحياوي - الذي هو مرشح آخر من قبل الفياض - منصب مدير شعبة المراقبة في جهاز المخابرات".
أيضاً قال التقرير إن "جهاز الأمن الوطني" - الذي كان سابقاً في حالة تحسن بعد سنوات من تسلل الإرهابيين - تراجع أيضاً منذ عام 2023 عندما أُعطيت مفاتيح الجهاز للبصري. واضاف "وقد مُنحت المناصب العليا، مثل نائب المدير، ومدير العمليات، ورئيس عمليات أمن بغداد، إلى مسؤولين من عصائب أهل الحق".
واعتبر نايتس حجم "حملة التنصت" كانت كثيفة لدرجة أن حتى السياسيين والمواطنين العراقيين - الذين اعتادوا بكل معنى الكلمة على الفساد والفضائح حتى الآن- بحسب وصفه - أصيبوا بالصدمة من هذه القضية.
وقال إنه "بالنسبة للولايات المتحدة، تُعد الفضيحة مؤشراً صارخاً آخر على أن العراق ليس مستقراً كما يُصوَّر في بعض الأحيان، وأن حكومته الحالية ليست الشريك الأمني والاستخباراتي الموثوق به الذي تحتاجه واشنطن".