سلّط تقرير أميركي، الضوء على موقف الفصائل المسلّحة "الموالية لإيران"، العراقية منها واللبنانية، إزاء الهجمات التي تشنّها إسرائيل ضد الأراضي الإيرانية على مدى الأيام القليلة الماضية، مركّزاً على دور وردود فعل حزب الله اللبناني وكتائب حزب الله في العراق، في هذا الصدد، والذي أشار إلى أن "الفصائل العراقية المدعومة من إيران تلتزم الصمت إلى حد كبير"، معللاً ذلك بوجود "مخاوف سياسية داخلية".
وذكر التقرير الذي نشره موقع "أسوشيتد برس"، وتابعته "الجبال"، أنه "لطالما اعتُبر حزب الله خط الدفاع الأول لإيران في حال نشوب حرب مع إسرائيل. ولكن منذ أن شنت إسرائيل قصفها المكثف على إيران هذا الأسبوع، بقيت الجماعة المسلحة اللبنانية خارج أتون الصراع".
وأضاف التقرير، "وفي الوقت نفسه، لزمت شبكة من الفصائل المسلّحة القوية المدعومة من إيران في العراق الصمت إلى حد كبير، على الرغم من أن إسرائيل استخدمت المجال الجوي العراقي جزئياً لتنفيذ هجماتها".
ولفت التقرير إلى أنه "يبدو أن المخاوف السياسية الداخلية، بالإضافة إلى الخسائر الفادحة التي مُني بها الحلفاء خلال ما يقرب من عامين من الصراعات والاضطرابات الإقليمية، قد دفعتهم إلى اتخاذ دور ثانوي في الجولة الأخيرة التي تهزّ المنطقة".
وأشار التقرير، إلى أن "حزب الله، أضعف بسبب قتال العام الماضي وبعد خسارة طريق إمداد رئيسي للأسلحة الإيرانية مع سقوط الرئيس السوري بشار الأسد، الحليف الرئيسي، في هجوم خاطف للمتمردين في ديسمبر".
وقال أندرياس كريغ، المحلّل العسكري والأستاذ المشارك في كلية كينغز كوليدج لندن في هذا الصدد، بحسب التقرير: "لقد تدهورت قدرات حزب الله على المستوى الاستراتيجي بينما انقطعت عنه سلاسل الإمداد في سوريا".
يعتقد العديد من أعضاء حزب الله "أنه تمت التضحية بهم من أجل مصالح إيران الإقليمية الكبرى، منذ أن أطلق هجوم حماس على إسرائيل الحرب الأخيرة. يريدون التركيز على المصالح اللبنانية المحورية بدلاً من الدفاع عن إيران"، حسب ما قال كريغ.
ونقلت "أسوشيتد"، عن المحلل اللبناني المقرّب من "حزب الله"، قاسم قصير، قوله: إنه "لا ينبغي استبعاد دور للجماعة المسلحة في الصراع الإسرائيلي-الإيراني"، مشيراً إلى أن "هذا يعتمد على التطورات السياسية والميدانية. كل شيء ممكن".
وقال كريغ، بحسب الموقع، إن "كلاً من الحوثيين والفصائل العراقية يفتقرون إلى القدرة على توجيه ضربات استراتيجية في العمق ضد إسرائيل، التي كان يمتلكها حزب الله ذات يوم".
وقال ريناد منصور، وهو باحث في مركز "تشاتام هاوس" للأبحاث في لندن، وفق التقرير، إن "الفصائل العراقية المتحالفة مع إيران حاولت طوال الوقت تجنب جرّ بلادها إلى صراع كبير. فعلى عكس حزب الله، الذي يعمل جناحه العسكري كجهة غير حكومية في لبنان - على الرغم من أن جناحه السياسي جزء من الحكومة - فإن الفصائل العراقية الرئيسية هي أعضاء في تحالف من الجماعات التي تعتبر رسمياً جزءاً من قوات الدفاع الحكومية".
وأضاف: "الأمور في العراق جيدة بالنسبة لهم الآن، فهم مرتبطون بالدولة - ويستفيدون سياسياً واقتصادياً". متابعاً: "كما أنهم رأوا ما حدث لإيران ولحزب الله، وهم قلقون من أن إسرائيل ستلتفت إليهم أيضاً".
وأكمل كريغ، قائلاً: إن "هذا يترك الحوثيين كمحور جديد محتمل في محور المقاومة". لكنه قال إن "الجماعة ليست قوية بما فيه الكفاية - وبعيدة جداً جغرافياً - لإلحاق ضرر استراتيجي بإسرائيل بخلاف هجمات المتمردين الصاروخية المتقطعة".
واختتم كريغ بالقول إن "التصوّر بأن أعضاء محور المقاومة كانوا وكلاء تسيطر عليهم إيران بالكامل كان دائماً تصوراً خاطئاً، لكن العلاقات الآن قد أصبحت أكثر مرونة". قائلاً: "لم يعد محوراً بالمعنى الحقيقي بقدر ما هو شبكة فضفاضة حيث ينشغل كل طرف إلى حد كبير ببقائه على قيد الحياة".
وسرد التقرير، تحركات وارتباطات "حزب الله" اللبناني، منذ تأسيسه ولغاية الآن، حيث أشار إلى أنه "تأسس بدعم إيراني في أوائل الثمانينيات كقوة فدائية تقاتل الاحتلال الإسرائيلي لجنوب لبنان في ذلك الوقت. وقد ساعدت الجماعة في إخراج إسرائيل من لبنان وبنت ترسانتها على مدى العقود التالية، لتصبح قوة إقليمية مؤثرة ومحوراً لمجموعة من الفصائل والحكومات المدعومة من إيران والمعروفة باسم محور المقاومة"، مبيناً أنه "يضم الحلفاء أيضاً الفصائل الشيعية العراقية والمتمردين الحوثيين في اليمن، بالإضافة إلى حركة حماس الفلسطينية. وفي وقت من الأوقات، كان يُعتقد أن حزب الله يمتلك حوالي 150,000 صاروخ وقذيفة، وتفاخر زعيمه السابق، حسن نصر الله، ذات مرة بوجود 100,000 مقاتل تحت إمرته".
وأكمل التقرير، "وسعياً لمساعدة حليفتها حماس في أعقاب هجوم 7 أكتوبر 2023 على جنوب إسرائيل والهجوم الإسرائيلي على غزة، بدأ حزب الله في إطلاق الصواريخ عبر الحدود. أدى ذلك إلى غارات جوية وقصف إسرائيلي، وتصاعدت الاشتباكات إلى حرب شاملة في سبتمبر الماضي. ألحقت إسرائيل أضراراً جسيمة بحزب الله، حيث قتلت نصر الله وقادة كبار آخرين ودمرت جزءاً كبيراً من ترسانته، قبل أن يوقف وقف إطلاق النار الذي تفاوضت عليه الولايات المتحدة ذلك الصراع في نوفمبر الماضي. وتواصل إسرائيل احتلال أجزاء من جنوب لبنان وشن غارات جوية شبه يومية".
واستذكر التقرير بين سطوره، الهجمات التي شنتها الفصائل المسلّحة العراقية ضد القواعد الأميركية في العراق، قائلاً: "كانت الفصائل العراقية تضرب أحياناً القواعد التي تستضيف القوات الأميركية في العراق وسوريا، بينما أطلق الحوثيون في اليمن النار على السفن في البحر الأحمر، وبدأوا في استهداف إسرائيل".
وختم تقرير" أسوشيتد برس"، بالقول: "أدان حزب الله وزعيمه نعيم قاسم الهجمات الإسرائيلية وقدما التعازي في كبار الضباط الإيرانيين الذين قُتلوا. لكن قاسم لم يلمح إلى أن حزب الله سيشارك في أي رد على إسرائيل، مشيراً في ذات الوقت إلى بيان "كتائب حزب الله" العراقية، بشأن الاستهداف الإسرائيلي للأراضي الإيرانية، والذي جاء فيه: "من المؤسف للغاية أن إسرائيل أطلقت النار على إيران من الأجواء العراقية، وهو أمر اشتكت منه بغداد إلى مجلس الأمن الدولي. على الحكومة العراقية طرد القوات الأجنبية من البلاد على وجه السرعة".