عشرات آلاف النازحين وتغيير ديموغرافي وآمال تتلاشى.. ذي قار تبحث عن "حل" للعطش

6 قراءة دقيقة
عشرات آلاف النازحين وتغيير ديموغرافي وآمال تتلاشى.. ذي قار تبحث عن "حل" للعطش ذي قار

تتحدث الحكومة عن محاولات متواصلة لأزمة الجفاف

مع حلول الصيف في كل عام، تتلاشى الآمال بالوعود الحكومية من أجل حل مشكلة نقص المياه الذي يتسبب بتصحر مساحات واسعة بالمناطق العراقية، وجفاف مصادر رزق أبنائها، وذي قار واحدة من تلك المناطق التي لم تستثنيها تأثيرات التغيّرات المناخية ولا انعكاسات الخطط الاحترازية لدول الجوار.

 

ويدفع العطش الشديد، عشرات آلاف العائلات في أنحاء العراق إلى ترك مالها وحالها في مناطقها، والتوجّه نحو مناطق أخرى أكثر استقراراً لم يبلغها الأجل بعد.

 

ووعدت الحكومة العراقية بحل المشكلة المائية، بعد زيارة الرئيس التركي رجب طيب اردوغان إلى بغداد، والتوقيع على اتفاقية استراتيجية تضمنت إطاراً للتعاون المائي بينهما. لكن الكلام لم يلغ الواقع، ولم يسعف المدن المحتضرة على ضفاف دجلة والفرات. إذ يواصل آلاف من أبناء ذي قار وأخواتها هجر أراضيهم والذهاب لمناطق أكثر انتعاشاً.

 

وأعلن مستشار محافظ ذي قار، حيدر سعدي، في وقت سابق، عن تسجيل نزوح 9 آلاف و607 عائلة بسبب تداعيات الجفاف التي تعرضت لها المحافظة بمناطق متعددة. وأشار إلى انعكاسات "خطيرة" دفعت إلى حدوث الهجرة السكانية "لأول مرة" في مناطق الأهوار وشمال ذي قار التي تعيش على حوض نهر الغراف.

 

أكبر المتضررين

 

يقع العراق بالمرتبة الخامسة بين الدول الأكثر تضرراً من تأثرات التغيّرات المناخية على مستوى العالم، وذكر رئيس الحكومة العراقي محمد شياع السوداني في آذار الماضي، أن 7 ملايين عراقي تضرروا بسبب التغيّر المناخي، مع تسبب الاحتباس الحراري العالمي بموجات من الجفاف والعواصف الرملية وموجات الرياح الغبارية.

 

وقال مستشار محافظ ذي قار، إنّ التحول المناخي قد يؤدي إلى تغييرات ديموغرافية في المناطق المتضررة، وزيادة التوتر والعنف حول مصادر الدخل والتشغيل وغيرها. وهنا تراود أسئلة الأذهان عن مصير هؤلاء النازحين، ومصير مناطقهم، وعن الخطة الحكومية القائمة في مواجهة الأزمة.

 

أكثر من 50 ألف نازح

 

مدير فرع وزارة الهجرة والمهجرين في ذي قار، ليث دخيل، أوضح أن أكثر من 10 آلاف عائلة نزحت في من مناطقها بالمحافظة بفعل المناخ، وأن تلك العائلات رحلت خلال سنوات، وكوادر دائرة الهجرة تستمر بإجراء المسوحات حولها، وتقديم المساعدات المادية لها.

 

وقال دخيل لمنصة "الجبال" إنه "تم جرد العوائل التي نزحت بفعل التغيرات المناخية من التصحر وجفاف الأهوار، منذ عام 2019 وحتى 2023"، مضيفاً أنه "تم التأكد من بياناتهم بالتواصل مع رؤساء الوحدات الإدارية، وبلغت أعداد العائلات النازحة 10 آلاف و500 عائلة. بمتوسط 5 أفراد لكل عائلة". أي، ما يعادل 52500 شخص، دون الإشارة إلى أرقام عن العام الحالي 2024.

 

أوضح دخيل أن "عملية النزوح تحدث داخل المحافظة، أي من المناطق الأهوارية أو الأراضي المتصحرة إلى داخل المدن التي تضمن بيئة مناسبة للعيش".

 

مساعدات ماديّة

 

وبحسب قول مدير فرع وزارة الهجرة والمهجرين في محافظة ذي قار، "تم شمول العائلات النازحة بمساعدات مقدّمة من وزارة الهجرة والمهجرين، تتضمّن سلّات غذائية وصحية ومنزلية، وألبسة"، و"دائرة الهجرة في ذي قار تعمل حالياً عبر كوادرها على إعادة المسح من جديد لمعرفة ما إذا عاد البعض إلى مناطقهم السابقة أم لا يزالوا نازحين".

 

وحصلت منصة "الجبال" على معلومات، استناداً إلى بيانات جمعتها مديرية الهجرة من الوحدات الإدارية عن حركة نزوح العائلات، إلى تدقيق بيانات أكثر من 7 آلاف عائلة، قيما لا تزال بيانات آلاف العائلات الأخرى قيد التدقيق. وتقديم المساعدات قبل نحو شهر، لنحو 3 آلاف عائلة نازحة في شمال وجنوب وشرق المحافظة.

 

محاولات هزيلة 

 

وتدعي الحكومة العراقية أنها تقوم بالمحاولات لحل المعضلة المائية وسط وجنوب البلاد، لكن الإجراءات المتبعة غير قادرة على موازاة حجم المشكلة، مع تضخم تأثيرات الجفاف وتدني الوعي بأساليب حماية الثروة المائية، فـ "يد لوحدها لا تصفّق".

 

وقال مدير الموارد المائية في ذي قار، هاشم محيبس، لمنصة "الجبال"، إن "وزارة  الموارد المائية وعبر دائرة كري الأنهر، نفذت هذا العام خطة بكري مسالك المجاري المائية المؤدية إلى الأهوار، من خلال آليات حفر عملاقة تهدف إلى تعميق مجرى النهر، بالتالي ضمان وصول كميات مائية كبيرة".

 

وانطلق العمل بالخطة، منذ بداية العام الحالي 2024، فضلاً عن ضمان منسوب مائي جيد للأهوار من نهر الفرات، إذ بلغ مستوى منسوب الفرات الداخل إلى الأهوار 60 سنتمتراً هذا العام، بينما كان المنسوب منخفظاً أكثر العام الماضي وبلغ 50 سنتمتراً"، وفقاً لمحيبس.

 

أكد محيبس لـ"الجبال" أن "الكوادر الفنية لوزارة الموارد المائية مع القوات الأمنية، نفذت حملات متكررة مشتركة، لرفع التجاوزات من المناطق ذات الأراضي الزراعية الواقعة شمال المحافظة، من خلال ردم المنافذ المائية غير النظامية والمضخات غير المرخصة ومصادرتها، وأخذ التعهدات على أصحابها، بهدف ضمان حصة مائية عادلة بين المناطق الزراعية".

 

وكان المتحدث باسم وزارة الموارد المائية العراقية، خالد شمال، قد صرح في وقت سابق لمنصة الجبال بأن "العراق مر بأربع سنوات شحيحة، وعملنا على استثمار المياه المتوفرة لدينا في تعزيز الخزين"، مشيراً إلى أن "70% من إيرادات العراق المائية هي من دول الجوار"، وأن التجاوزات ببناء أحواض الأسماك تفاقم الأزمة بشكل كبير.


 
وأردف شمال أن "الحكومة عملت على تحويل ملف المياه إلى ملف سيادي، يشرف عليه رئيس الوزراء بشكل مباشر، والحكومة تعمل على تعزيز التفاهم الثنائي مع دول الجوار لتأمين الإطلاقات المائية".

 

وهنا نعود إلى مستجدات الاتفاقية المائية التي وقعها العراق مع تركيا خلال زيارة الرئيس التركي إلى بغداد في أيار الماضي، والتي قامت على أساس "المساواة" ونصت على إدارة الموارد المائية بين الجابين لعشر سنوات قادمة، بهدف تخصيص عادل ومنصف للمياه الدولية، وأكدت الحكومة أن من شأنها حل المشكلة المائية مع الجانب التركي. 

 

لكن عضو لجنة الزراعة والمياه والأهوار في البرلمان العراقي، ثائر مخيف الجبوري، لاشى الآمال بقوله إنه "لا توجد اتفاقية مبرمة بين العراق وتركيا بشأن ملف المياه، لا سابقاً ولا حالياً"، معيداً كل الاحتمالات إلى نقطة الصفر.

 

وقال الجبوري في حديث لمنصة "الجبال" إنّ "الجانب التركي متجاهل للعراق ولحصصه المائيه، منذ العام 2003 ولغاية الآن"، مضيفاً أن دولاً مثل "تركيا وكذلك إيران، بدأوا بإنشاء السدود وتحويل ممرات المياه لصالح مخزوناتهم المائية، متجاهلين المواثيق الدولية الخاصة بالدول المتشاطئة". 

لافا عثمان

نُشرت في الخميس 29 أغسطس 2024 04:33 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.