البنك المركزي تسبب بزخم وهناك حلول "غير واقعية".. ما تفسيرات عدم استقرار الدولار؟

5 قراءة دقيقة
البنك المركزي تسبب بزخم وهناك حلول "غير واقعية".. ما تفسيرات عدم استقرار الدولار؟

المطارات غير قادرة على تغطية طلبات المسافرين

يواصل الدولار الأمريكي تقلباته مقابل الدينار العراقي، حيث تستمر الفجوة في أسعار التصريف بين الرسمي والموازي (محال الصيرفة، والبورصات)، على الرغم من الإجراءات المتتالية التي يعلن عنها البنك المركزي العراقي لـ"الحد من الأزمة" التي بدأت مطلع العام الماضي.

وينتقد أعضاء في اللجنة المالية النيابية، وخبراء في مجال الاقتصاد، "تلاعب الشركات الخاصة" بالعملة، وتعثر عمل "المركزي"، فضلاً عن أخطاء في آلية توزيع الدولار على المسافرين، إضافة إلى اشتراطات الخزانة الأميركية.

وسجل سعر صرف الدولار مؤخراً أكثر من 151 ألف دينار مقابل كل 100 دولار في آخر ارتفاع له، حيث جاء ذلك بعد أن أصدر المركزي تعليماته الخاصة ببيع الدولار للمسافرين بالسعر الرسمي 1320 في المطارات، وتحديد المبالغ لكل مسافر، كما حدد العمولة الإدارية بالمصارف وشركات الصرافة العاملة هناك بمبلغ 10 آلاف دينار، أما شركات الصرافة تكون عمولتها 15 ألف دينار مع إعادة النظر بالعمولات لاحقاً بعد فترة 6 أشهر.

ويرى عضو اللجنة المالية النيابية، النائب معين الكاظمي، خلال حديثه لـ"الجبال"، أنّ "شركات الصيرفة بشكل عام قامت بالتلاعب في مسألة صرف مبالغ الدولار للمسافرين التي جرى تحديدها بثلاثة آلاف دولار، مما أربك تسليم الأموال للمسافرين"، مشيراً إلى أنّ "البنك المركزي وبناءً على ما جرى من تزاحم على أستلام المبالغ، أصدر تعليماته بحصر منح الدولار للمسافرين في المطارات، وهو ما جعل سعر الصرف يرتفع في السوق السوداء".

وقال إنّ "الإقبال الكبير على شراء الدولار أحدث زخماً على السوق السوداء من قبل المسافرين خاصة، والمواطنين الراغبين به بشكل عام، وبالتالي فالارتفاع حصل نتيجة ذلك"، مضيفاً أنّ "هناك سبب آخر يكمن في استمرار عدم صرف الحوالات للدول التي يستورد منها مستوردو البضائع بشكل مستمر، ما يدفعهم باتجاه شراء الدولار من السوق السوداء لتلبية احتياجاتهم التجارية بسرعة".

ويتطرق الكاظمي إلى "إيقاف البنك الفيدرالي الأميركي للحوالات بعملة اليوان الصيني، والذي تسبب أيضاً برفع سعر الدولار تلقائياً"، معتبراً أنّ "مبيعات المركزي العراقي اليومية تغطي حركة الاستيراد التجاري بشكل طبيعي ووازنت أسواق البضائع من حيث استقرار الأسعار للمواد بمختلف فئاتها".

يُذكر أن البنك المركزي العراقي قرر في 4 تموز/يوليو الحالي 2024، البدء ببيع الدولار للمسافرين من خلال منافذ الشركات والمصارف في المطارات الدولية، فيما منح شركات الصرافة فئتي "A-B" إمكانية تسجيل أنشطة الحوالات الداخلية والخارجية عبر منصة (FITR) على ألا يتجاوز سقف التحويلات المالية في اليوم الواحد رأس مال الشركة.

 

حلول غير واقعية

 

وقبل أيام، كشف وزير الخارجية العراقي، فؤاد حسين في مؤتمر صحفي، عن انخراط الحكومة العراقية بمحادثات مع الجانب الأميركي لمعالجة قضايا تقييد الدولار، وقال إنّ "الخزانة الأميركية قامت بتقييم عمل البنك المركزي العراقي بشكل إيجابي".

لكن الأكاديمي والمختص المصرفي، مصطفى أكرم حنتوش، لا يتفق مع طرح وزير الخارجية حول التقييم الأميركي الإيجابي للمركزي العراقي. وقال لـ"الجبال"، إنّ "البنك يتحمل ما يحصل من أزمة في سعر الدولار لاستمراره بالحلول البعيدة عن الواقع".

ويوضح حنتوش، أنّ "الارتفاع بسعر صرف الدولار بشكل مستمر سببه عدم التزام البنك المركزي بتشكيل لجنة تفاوضية من القطاعات المعنية للجلوس والنقاش مع وزارة الخزانة الأميركية لحل مشكلة تقييد عمل المصارف بالدولار"، مبيناً أنّ "البنك يعمل منفرداً عن الخزانة ولا يمكن لأحد معرفة أي شيء حول المصارف المقيدة من قبل الجانب الأميركي وأسباب منع اندماجها خاصة بعد زيارة الوفد الحكومي العراقي إلى واشنطن".

وطالب المختص مجلس النواب بـ"ضرورة لعب دوره بشكل جدي وواضح في ملف أزمة سعر صرف الدولار، لأنه "الجهة الأولى التي تعتبر مسؤولة عن عمل البنك المركزي وسياسته وقراراته"، معتبراً أنّ "الحلول التي يعمل عليها المركزي غير واقعية وتسببت بعدم استقرار سعر الصرف في الأسواق مما يتطلب وجود خطة واضحة وقابلة للتطبيق".

يشار إلى أن العراق يشهد منذ العام الماضي نقصاً واضحاً بعملة الدولار نتيجة قيام البنك الاحتياطي الفيدرالي الأميركي بفحص حوالات البنوك العراقية من أجل منع تهريب العملة إلى إيران المعاقبة أميركياً.

توزيع العملة بالمطارات

 

بالمقابل، يفسر مستشار رابطة المصارف العراقية، عبد الرحمن الشيخلي، أسباب ارتفاع سعر صرف الدولار في السوق السوداء بأنه مرتبط بسلوك وقرارات البنك المركزي، حيث أفرز قراره الأخير بحصر منح الدولار للمسافرين بالمطارات عن الصعود الحالي بسوق الصرف.

ويوضح الشيخلي، لـ "الجبال"، أنّ "المطارات ليست قادرة على استيعاب زخم الشركات التي يتجاوز عددها 1200 شركة صرافة ومتوزعة بمختلف المحافظات والمناطق، حيث يمكن للراغبين بالدولار في سفرهم أخذه بسهولة من تلك الشركات"، مؤكداً أنّ "المرونة لدى الشركات بشكل مستقل أكبر من التقييد في عملها بالمكان".

وبيّن أنّ "المركزي حصر توزيع الدولار بستة مكاتب في مطار بغداد وذلك لن يحدث استجابة لزخم المسافرين والتجارب السابقة كثيرة"، مؤكداً أن "قيام المركزي أيضاً بمنع الحوالات بعملة اليوان الصيني أيضاً يعتبر سبباً بصعود سعر الصرف، ولكن يمكن الاستغناء عنه فعلياً عبر التحويل بالدولار بالنسبة للتجار وبضائعهم في الصين".

 

 

 

 

الجبال

نُشرت في الخميس 18 يوليو 2024 09:56 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.