زيدان والمالكي مع الفكرة.. ماذا وراء دعوات تحويل نظام العراق إلى رئاسي؟

6 قراءة دقيقة
زيدان والمالكي مع الفكرة.. ماذا وراء دعوات تحويل نظام العراق إلى رئاسي؟

"رغبات شخصية وإعادة للدكتاتورية"

"يبدو من الصعب اعتماد نظام رئاسي في العراق"، إذ أنّ الرغبة من بعض القوى السياسية تصطدم بصعوبة تعديل الدستور، الذي ينص على إلغاء أي تعديل فيما لو رفضت ثلاث محافظات ذلك.

 

وتحدد المادة 142 من الدستور العراقي خطوات عدة لإجراء أي تعديل عليه، أولاها: التصويت على التعديل في البرلمان ثم عرضه على الاستفتاء الشعبي العام، ويكون باطلاً إذا اعترضت عليه أغلبية المصوتين في ثلاث محافظات.

 

لكن الدعوة لنظام رئاسي في العراق، من خلال تصريحات مسؤولين بارزين بين الحين والآخر، قد تدفع إلى نظام ديكتاتوري جديد، نتيجة تهميش مكون على حساب مكون آخر، وفق ما يقوله سياسيون.

 

ويرجح آخرون دوافع اعتماد النظام الرئاسي في العراق ضمن الدعاية الانتخابية، كون المسألة لا تتعلق بشكل النظام ونوعه وأنما بالشخصيات الحاكمة ما بعد العام 2003.

 

دعوات سياسية وقضائية 

 

ويستبعد عضو اللجنة القانونية في مجلس النواب عارف الحمامي، إمكانية اعتماد النظام الرئاسي في العراقي بالوقت الحالي.

"التحول إلى نظام رئاسي من جديد يعتمد على تعديل الدستور"، يقول الحمامي ويؤكد لمنصة "الجبال"، أن "من الصعب تعديل الدستور والذهاب نحو نظام رئاسي في ظل الأوضاع التي يمر بها العراق حالياً".

ويضيف، أنّ "الدستور الحالي أقر بأن النظام الحالي هو برلماني، وتغييره يواجه صعوبات عدة"، مشيراً إلى أنّ "رفض ثلاث محافظات لتغيير فقرة في الدستور تعيد المقترح المطروح إلى المربع الأول ولن يمضي".

 

إن "اعادة النظام إلى رئاسي في العراق، لا يمكن التحكم به من داخل البرلمان، والملف الشائك مرتبط بتعديل الدستور فقط"، وفق الحمامي.

 

وفي منتصف آب الحالي دعا رئيس الوزراء الأسبق، ورئيس ائتلاف دولة القانون، نوري المالكي، إلى اعتماد النظام الرئاسي في العراق.

 

وقال المالكي، في تصريحات صحافية، إنه "للتخلص من هذه المشاكل نذهب للنظام الرئاسي".

 

وليس المالكي وحده من دعا إلى تغيير النظام، فقد سبقه رئيس الجمهورية السابق برهم صالح، معتبراً النظام الذي أقيم بعد العام 2003، قد بلغ "منتهاه"، وهناك حاجة لتعديل الدستور لإقامة نظام رئاسي أكثر قوة. 

 

وفي تشرين الثاني 2022، وصف رئيس مجلس القضاء العراقي، فائق زيدان، النظام البرلماني القائم في العراق بـ"الفاشل"، مؤكداً حينها على ضرورة "تغييره وتعديل الدستور والتحول إلى النظام الرئاسي بالعراق".

 

هناك عيوب

 

بدوره، يقول عضو مجلس النواب العراقي ثائر الجبوري، إن  اعتماد النظام الرئاسي في العراق، لم يناقش بشكل رسمي داخل اجتماعات ائتلاف دولة القانون، أو الأروقة السياسية الأخرى.

ويضيف في حديث لمنصة "الجبال"، أن "كل نظام يتميز بمزايا وعيوب، وهذا ما يمر به النظام الحالي للعراق مما يدفع البعض من الساسة إلى الاتجاه نحو النظام الرئاسي لإصلاح تلك العيوب".

ويؤكد الجبوري أنّ "ملف اعتماد النظام الرئاسي في العراق، لم يناقش بشكل رسمي داخل اجتماعات ائتلاف دولة القانون، أو الأروقة السياسية الأخرى، ولا يوجد أي إجماع لغاية الآن بشأن التحول إلى النظام الرئاسي".

ويلفت الجبوري، إلى أن "من ضمن عيوب النظام الرئاسي هو تهميش مكونات على حساب مكون"، في أشارة إلى الكورد والسنة.

 

"النظام سيبقى فاسداً"

 

بدوره، يرى حسين الغرابي، الأمين العام لحزب البيت الوطني المنبثق عن احتجاجات تشرين 2019، أن المشكلة ليست في نوع النظام وشكله، وإنما في الشخصيات الحاكمة بعد سقوط نظام صدام حسين.

"في كل فترة انتقالية، وعند اقتراب الانتخابات، يحاول البعض التمسك بالحكم من خلال إرجاع دوامة الحكم الرئاسي، والتحجج بفشل الحكم البرلماني في العراق"، حسبما يقول الغرابي.

واتهم الأمين العام لحزب البيت الوطني في حديث لمنصة "الجبال"، الأحزاب الحاكمة بأنها "طائفية ومناطقية وقومية"، قائلاً: "لا توجد أي أحزاب وطنية في العراق، تمثل تطلعات العراقيين بجميع دياناتهم".

 

ويرى الغرابي، أن "المشكلة ليست في نوع النظام وإنما في الشخصيات الحاكمة بعد سقوط نظام صدام حسين بعد العام 2003،"، مشيراً إلى أن "أي نظام، سواء أكان ملكياً ام جمهورياً أم رئاسياً، سيفشل ويكون فاسداً ما دامت الأحزاب والشخصيات الحاكمة باقية نفسها".

"رئيس الوزراء الحالي، ومن قبله، يمتلكون صلاحيات كبيرة تمكنهم من القضاء على الفساد والتغيير من خلال استخدام القانون والردع"، يذكر الغرابي ويضيف أن "القضية تتطلب إرادة حقيقية، ونية صادقة نحو التغيير".

 

ويلفت الأمين العام لحزب البيت الوطني إلى أنه "من الصعب جداً العودة إلى النظام الرئاسي في ظل الوضع السياسي الحالي، كون النظام الرئاسي يتطلب تغيير دستوري"، مستدركاً بالقول: لكن "التغيير الدستوري فيه الكثير من الاشتراطات، ومن ضمنها رفض النظام في حال رفضت ثلاث محافظات التغيير".

 

دوافع شخصية

 

من جانبه، يرى استاذ القانون الدولي وائل منذر، أن الدعوات لاعتماد النظام الرئاسي تنم عن رغبات شخصية، ومنادة للجماهير، وهي نوع من الدعاية الانتخابية المبكرة.

 

"إذا كانت توجهات الاحزاب السياسية في المناطق الوسطى والجنوبية، ترغب في نظام رئاسي أو شبه رئاسي، نتيجة ما يمتلكوه من أغلبية وشعبية جماهرية، فإن ذلك النظام قد يتلائم مع تلك المناطق، دون أخرى"، يؤكد منذر ويذكر لمنصة "الجبال"، أن "العراق بلد متعدد الطوائف، والتحول إلى نظام رئاسي أو شبه رئاسي من خلال تعديل الدستور سيؤدي إلى زيادة صلاحيات مكون على مكونات أخرى".

 

ويستبعد منذر، المضي نحو النظام الرئاسي أو شبه الرئاسي، "كون التجارب التي مرت بها المغرب وتونس لا تشير إلى أن أنظمتهم ديمقراطية، ومن غير الصحيح الخوض بمثل هكذا تجربة".

 

"أي اختلال بعملية التوازن في الصلاحيات بين السلطات والخروج عن النظام التوافقي وانفراد سلطة على حساب سلطة أخرى، يقودنا إلى نظام ديكتاتوري جديد"، وفق أستاذ القانون الدولي.

 

ويلفت منذر إلى أن "الدعوات الأخيرة لاعتماد النظام الرئاسي بالعراق تنم عن رغبات شخصية لبعض رؤساء الكتل وطموحاتهم، ومنادة للجماهير بما يرغبون فيه، باعتبار أن طرح النظام الرئاسي يعزز من حجم الجماهير لبعض الأحزاب السياسية"، مبيناً أنها "نوع من الدعاية الانتخابية المبكرة".

 

 

 

حسين حاتم صحفي عراقي

نُشرت في الأربعاء 28 أغسطس 2024 05:39 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

المزيد من المنشورات

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.