أعقب إعلان حكومة كوردستان التعاقد مع شركتين أميركيتين للتعاون في مجال الطاقة، ردود فعل واسعة رسمية وغير رسمية، ومنها ما هو غاضب تمثل بموقف الحكومة الاتحادية، فيما تقول سلطات الإقليم إنها تنتظر من الاتفاقيتين الجديدتين تحقيق الاكتفاء الذاتي من الغاز الطبيعي محلياً، وبالتالي "حل أزمة الكهرباء".
ويوم الإثنين الماضي، أعلنت حكومة إقليم كوردستان، خلال زيارة يجريها رئيس الحكومة مسرور بارزاني إلى الولايات المتحدة الأميركية، التعاقد مع شركتي "HK1" و"ويسترن زاغروس" الأميركيتين والمخضرمتين في مجال الطاقة، للتعاون في إنتاج الغاز الطبيعي في حقلين جديدين في كوردستان.
وعلى الرغم من الحديث عن أن الاتفاقيتين تشكلان أهمية اقتصادية للبلاد، إلا أن وزارة النفط العراقية أبدت رفضها للخطوة عادة أياها "مخالفة للدستور".
"مشروع واعد"
وبحسب الأرقام، تبلغ البنية التحتية لإنتاج الطاقة الكهربائية في إقليم كوردستان 8700 ميغاواط، وهو رقم ضخم يفيض عن حاجة الإقليم، في حين يحتاج الإقليم إلى 4500 ميغاوات فقط لتوفير الكهرباء على مدار الساعة لسائر مناطق الإقليم ضمن مشروع "إنارة".
وفي الوقت الحالي، ينتج إقليم كوردستان 4200 ميغاواط من الكهرباء فعلياً، أي ما يقلّ عن حاجته 300 ميغاواط، وذلك يعود لنقص الغاز المنتج، وترغب حكومة كوردستان في الاستفادة القصوى من الغاز الطبيعي لتوليد الكهرباء، وذلك نظراً لانخفاض تكلفته.
وتعتمد 80% من البنية التحتية للكهرباء في إقليم كوردستان على الغاز الطبيعي، إذ تعمل 6 محطات طاقة من أصل خمس عشرة محطة بالغاز الطبيعي، وهي: أربيل، خورمالا، بازيان، جمجمال، أكريكو ودهوك.
يذكر أنه يتم توفير أكثر من 600 مليون قدم مكعب من الغاز الطبيعي في حقلي غاز "خورمالا" و"كورمور" يومياً لإنتاج لكهرباء، لكن إقليم كوردستان يحتاج إلى ضعف كمية الغاز الطبيعي المنتج يومياً لسد الحاجة إلى الكهرباء وحدها.
"فائدة كبيرة للعراق"
ويرى مختصون أن العقود الجديدة المبرمة بين إقليم كوردستان والشركات الأميركية، لن تنفع إقليم كوردستان فقط، بل ستعود بالفائدة على كامل العراق، وفي مقدمة تلك الفوائد سد نقص الغاز وحل مشكلة الكهرباء، إذ أنه مع اقتراب فصل الصيف تزداد الخشية من حدوث أزمة، نظراً لازدياد الحاجة إلى طاقة الكهربائية، وعجز الحكومة عن سدّ الحاجة، خصوصاً بعد إلغاء الولايات المتحدة الإعفاء عن العراق في استيراد الغاز الطبيعي المستخدم في إنتاج الكهرباء من إيران.
في هذا الإطار، أكد المتحدث باسم وزارة الكهرباء أحمد موسى، لمنصة "الجبال"، أن العراق يحتاج بشكل مستمر إلى 40 إلى 45 ألف ميغاواط كهرباء، خاصة خلال موسم الصيف، في حين تبلغ قدرته الإنتاجية 28 ألف ميغاواط فقط، لكن الإنتاج لا تتجاوز 22 ألف ميغاواط، وهو يعود إلى توقف بعض محطات الإنتاج بسبب نقص الغاز.
وتقول وزارة الكهرباء إنها "تحتاج إلى 120 مليون متر مكعب من الغاز يومياً لحل مشكلة الكهرباء. ويبلغ حجم إنتاجها الحالي 50 مليون متر مكعب يومياً"، مبينة أن "الدولة تستورد نحو 45 مليون متر مكعب من الغاز من إيران يومياً، لكن هذا يكفي لإنتاج الطاقة لساعات فقط".
وتقول الوزارة أيضاً إنها "تحتاج إلى ما بين 30 إلى 50 مليون متر مكعب من الغاز يومياً، حتى مع استيراد الغاز الإيراني".
يذكر أن إقليم كوردستان يحتوي على 3% من الاحتياطات العالمية من الغاز الطبيعي، وفيه 10 حقول غاز يبلغ إجمالي حجم الثروة الغازية فيها 30 تريليون قدم مكعب.
وبحسب الأرقام المذكورة، فإن تنفيذ الاتفاقيتين الجديدتين مع الشركتين الاميركيتين ستساهمان في زيادة إنتاج الغاز وبالتالي الطاقة الكهربائية لحدّ يكفي حاجة الإقليم، وإرساله إلى باقي محافظات العراق أيضاً، ما يدفع لتقليص الحاجة للاستيراد من الخارج ويعود بالربح على كل البلد.
ويرى متخصصون أن "استثمار الثروة في الحقول المذكورة سيدخل إقليم كوردستان في مرحلة تاريخية مذهلة، ويلحق الإقليم بدولة قطر كأحد أهم المنتجين في المنطقة".
وأبدت وزارة النفط العراقية رفضها للخطوة، رغم حاجتها للغاز الطبيعي، مبينة أن "العقود المبرمة تخالف القانون، وأن ثروة النفط ملك لجميع العراقيين، وأي استثمار في هذه الثروة يجب أن يكون من خلال الحكومة الاتحادية".
بالمقابل، ردّت وزارة الثروات الطبيعية في إقليم كوردستان، على بيان وزارة النفط العراقية، قائلة إن "العقدين مع شركتي "HK1" و"ويسترن زاغروس" الأميركيتين ليس فيهما أي شائبة قانونية"، وأن "الاتفاقيات والعقود ليست جديدة، تم توقيعها منذ سنوات طويلة واعترفت المحاكم العراقية بقانونيتها، لكن الجديد هو التعاقد مع الشركات المنفذة للاتفاق".
وتقوم الشركتان الاميركيتان المعنيتان، بتطوير الاستثمارات في قطاع النفط والغاز منذ سنوات عديدة، وهما الشركتان المنتجان الرئيسيان للنفط في إقليم كوردستان.