مع الحديث الرسمي المتواصل.. هل هناك فعلاً اتفاقات عراقية مع تركيا لتفادي عطش الرافدين؟

5 قراءة دقيقة
مع الحديث الرسمي المتواصل.. هل هناك فعلاً اتفاقات عراقية مع تركيا لتفادي عطش الرافدين؟

البرلمان لا يعتقد بوجودها

مرت 4 سنوات جافة وقاسية على بلاد الرافدين فيما لا تزال المفاوضات بين العراق ودول الجوار حول ملف المياه معقدة ومتعثرة، إذ أنّ 70 بالمائة من الإيرادات المائية للعراق هي من تركيا وإيران.

 

وتعرض العراق لمتغيرات بيئية صعبة خلال السنوات العشر الأخيرة، وأكد رئيس الحكومة محمد شياع السوداني، في آذار الماضي، أن 7 ملايين عراقي تضرروا بسبب التغير المناخي، فيما تسببت ظاهرة الاحتباس الحراري العالمي بموجات من الجفاف والعواصف الرملية وموجات الرياح الغبارية.

 

ووضع العراق بالمرتبة الخامسة بين الدول الأكثر تضرراً بتأثرات التغيّرات المناخية على مستوى العالم، وهو ما دفع الحكومة إلى إطلاق إستراتيجية مناخية تلتفت إلى إدارة ‏المياه وإنشاء سور العراق الأخضر واعتبار ملف المناخ من الملفات السيادية.

 

ومع تراجع الأمطار، استفحل الجفاف بقوّة، ما دفع السلطات إلى الحدّ بشكل كبير من مساحات الأراضي المزروعة بما يتناسب مع كميات المياه المتوفرة.

 

التجاوزات تفاقم أزمة المياه 

 

المتحدث باسم وزارة الموارد المائية، خالد شمال يقول إن "الخزين المائي يرتفع موسمياً في فصلي الشتاء والربيع، عند هطول الأمطار وذوبان الثلوج، والوزارة تستثمر تلك المياه لخزينها المائي".

"الخزين المائي ارتفع لأعلى مستوياته في عامي 1988 و2019"، يذكر شمال لمنصة "الجبال" ويلفت إلى أنّ "العراق مر بأربع سنوات شحيحة وعملنا على استثمار المياه المتوفرة لدينا في تعزيز الخزين".

 

ويشير المتحدث باسم وزارة الموارد المائية إلى أن "70 بالمئة من إيرادات العراق المائية هي من دول الجوار"، "مستدركاً بالقول: "من ضمن المشاكل التي فاقمت الأزمة هي التجاوزات ببحيرات الأسماك التي حصلت بعد 2018.. منحنا المتجاوزين فترة طويلة لإزالة بحيراتهم المتجاوزة".

 

ويردف شمال، أن "الحكومة عملت على تحويل ملف المياه إلى ملف سيادي، يشرف عليه رئيس مجلس الوزراء بشكل مباشر، ونعمل على تعزيز التفاهم الثنائي بيننا وبين دول الجوار لتأمين الإطلاقات المائية".

 

لا توجد اتفاقية مبرمة بين العراق وتركيا

 

ومن المفترض أن العراق قد وقع اتفاقية لمدة 10 سنوات بشأن إدارة الموارد المائية، وذلك خلال زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان إلى بغداد، وحسبما أعلنه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني خلال مؤتمر صحفي مشترك مع الرئيس التركي، إلا أن لجنة الزراعة والمياه والأهوار في البرلمان العراقي نفت ذلك.

ويقول عضو اللجنة، ثائر مخيف الجبوري، "لا توجد اتفاقية مبرمة بين العراق وتركيا بشأن ملف المياه، لا سابقاً ولا حالياً".

ويؤكد الجبوري في حديث لمنصة "الجبال"، أنّ "الجانب التركي متجاهل للعراق ولحصصه المائيه، منذ العام 2003 ولغاية الآن".

 

ويلفت عضو مجلس النواب إلى أن دولاً مثل "تركيا وكذلك إيران، بدأوا بإنشاء السدود وتحويل ممرات المياه لصالح مخزوناتهم المائية، متجاهلين المواثيق الدولية الخاصة بالدول المتشاطئة".

"لجنة المياه النيابية دائماً تضع ملف المياه من ضمن أولوياتها"، يذكر الجبوري ويستدرك: "لكن يفترض أن يستخدم العراق أوراق ضغطه لاستعادة حصصه المائية".

 

ودعا عضو لجنة المياه والزراعة النيابية، الحكومة العراقية إلى "تشكيل لجنة وطنية دائمة، للتفاوض مع الدول المتشاطئة لوضع الحلول لأزمة المياه المتواصله منذ حوالي 4 سنوات".

 

وعلى خطى تركيا، طورت إيران خططها الخاصة لبناء أكثر من مائة سد على أنهار مختلفة تشمل روافد مهمة تصب في نهري دجلة وشط العرب.

وانخفضت كميات المياه التي يتلقاها العراق من إيران من المتوسطات التاريخية البالغة 15 مليار متر مكعب سنوياً إلى كميات ضئيلة بحلول عام 2018.

 

كم يحتاج العراق سنوياً من المياه؟

 

بدوره، يرى المختص بالشأن المائي علاء البدران، أن "مشكلة المياه مع دول الجوار تتمثل بأن الحصص المائية غير مثبتة باتفاقيات، وعدم وجود اتفاق لتقاسم الضرر أيضاً فاقم الأزمة".

"التغيير المناخي، وغياب الأمطار أثر بشكل كبير على مناسيب المياه"، يقول البدران لمنصة "الجبال"، ويضيف، أن "العراق دولة مصب وليس دولة منبع".

ويشير الخبير المائي إلى أن "تركيا عملت على إنشاء سدود كثيرة وأصبحت تتحكم بالمياه وتفكر إلى مدى بعيد بالسنوات التي قد تكون جافة".

 

ولفت إلى أنّ "تبخر المياه في الفصول الحارة يأخذ حوالي ثلث كمية مياه الأنهار الموجودة في نهري دجلة والفرات".

ويؤكد البدران أنّ "العراق يحتاج إلى 40-45 مليار متر مكعب سنوياً لتلبية احتاجاته"، مبيناً أن "أزمة المياه تحتاج إلى تدخل دولي، وتنسيق مع دول الاتحاد الأوروبي".

ويختم قائلاً إن "العراق يستطيع من خلال الاتحاد الأوروبي، الضغط على تركيا لاستحصال حصص مائية تخص الزراعة والتشجير"، مشيراً إلى أن "ملف المياه سياسي أكثر مما هو تقني".

 

يذكر أن وزارتا الزراعة والبيئة في العراق، حذرتا من أن البلاد تفقد سنوياً 100 ألف دونم (الدونم 1000م مربع)، جراء التصحر، كما أن أزمة المياه تسببت بانخفاض الأراضي الزراعية إلى 50% وفق تصريحات رسمية قبل أسابيع.

وبحسب وزارة الزراعة، فإن العراق خسر نحو مليوني دونم من الغطاء النباتي خلال الأعوام العشرة الماضية.

 

ووفقا لتوقعات "مؤشر الإجهاد المائي" لعام 2019 فإن العراق سيكون أرضاً بلا أنهار بحلول عام 2040، ولن تصل مياه النهرين إلى المصب النهائي في الخليج العربي.

حسين حاتم صحفي عراقي

نُشرت في الاثنين 26 أغسطس 2024 11:40 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

المزيد من المنشورات

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.