مليون نسمة في الزبير يترقبون اكتمال المستشفى التركي.. ما زال متعثراً بين الشركات "العاجزة" والنسيان

4 قراءة دقيقة
مليون نسمة في الزبير يترقبون اكتمال المستشفى التركي.. ما زال متعثراً بين الشركات "العاجزة" والنسيان

في قلب البصرة الغربية، حيث يتموضع قضاء الزبير بثقله السكاني والاقتصادي، يعلو صوت متصاعد يطالب بتحويل القضاء إلى محافظة مستقلة، فمشروع المستشفى التركي، الذي كان يُفترض أن يكون بوابة الزبير إلى عصر جديد من الرعاية الصحية، ما زال عالقاً منذ أكثر من عقد بين الشركات المتعثرة، والقرارات المؤجلة، والحكومات التي تعاقبت دون أن تمتلك الإرادة السياسية أو الكفاءة الفنية لإتمامه. 

 

والنتيجة أن سكان القضاء يُضطرون إلى التكدس في مستشفى حكومي لا يكفي حتى لربع احتياجاتهم، بينما يقف مبنى ضخم على أطراف المدينة كأنّه نصب تذكاري للفشل الإداري، ويُعد مشروع المستشفى التركي رمزاً لهذه الأزمة، إذ أُطلق العمل به عام 2011، وكان من المقرر أن يُنجز خلال ثلاث سنوات، لكن وبعد أكثر من 13 عاماً، ما يزال المشروع غير مكتمل، فيما يعاني المواطن من غياب الرعاية الصحية المناسبة. 


مشروع أُطلق مرتين.. وتعثر ثلاثاً

 

تمّت إحالة المشروع أول مرة إلى شركة تركية باسم AT، لتباشر أعمالها في الموقع، قبل أن تفرّ من العراق إثر اضطرابات داعش عام 2014، ثم أُعيدت الإحالة إلى شركة عراقية عام 2014، وأخرى في 2018. غير أن جميع المحاولات فشلت في استكمال ما تبقّى من المشروع، الذي وصلت نسبة إنجازه إلى أكثر من 80%، بحسب المهندس المقيم فرات ناهي.

 

وأوضحت ناهي لمنصة "الجبال"، أن الشركة الأخيرة لم تتمكن من استكمال المتبقي، والذي يتضمن الأجهزة الطبية الحساسة، منظومات التبريد، المحولات، والمولدات الكهربائية، ومع تعثر فتح الاعتمادات المستندية وغياب الدعم الحكومي، غرقت الشركة في عجز مالي خانق، دفعها إلى مخاطبة الجهات الحكومية لإعلامها بعدم قدرتها على المضي في التنفيذ.

 

قائممقام الزبير: شركة عاجزة ومشروع منسي

 

قائممقام الزبير، عباس ماهر، أشار في حديثه لمنصة "الجبال" إلى أن "الحكومة المحلية سبق أن منحت الشركة المنفذة مهلة لستة أشهر لإثبات الجدية، لكن الشركة أخفقت حتى في هذه الفرصة الأخيرة".

 

وقال ماهر: "ما تبقى من المشروع يحتاج إلى إرادة حقيقية، وشركة تمتلك القدرة المالية والفنية. أما الآن، فإن المشروع معطل، والحكومة المحلية الحالية لا تملك صلاحية اتخاذ قرار جديد بشأنه لأنها في طور تصريف الأعمال، وتنتظر تشكيل مجلس المحافظة الجديد للبت النهائي في مصيره".

 

وأضاف أن "مشروع المستشفى التركي ليس حالة استثنائية، بل تجسيد لحالة عامة من الإهمال الذي يعانيه القضاء، وهو ما يدفع اليوم بالمواطنين والنخب الاجتماعية إلى المطالبة بتحويل الزبير إلى محافظة، لتحقيق إدارة مستقلة تضع أبناء القضاء في مركز القرار لا هامشه".


مشهد صحي متهالك… وغضب شعبي


في ظل هذا الواقع، يعيش سكان الزبير ـ الذين تجاوز عددهم المليون نسمة ـ أوضاعاً صحية صعبة، في ظل الاكتظاظ الكبير داخل المستشفى الحكومي الوحيد في القضاء، والذي لا يتسع لأكثر من 300 مراجع يومياً، وفق ما أكده الناشط علي المالكي.

 

المالكي قال لمنصة "الجبال"، إن "كل يوم نمرّ أمام المستشفى التركي، فنشعر أن الوقت يُهدر، والعمر يُستهلك. المبنى قائم، لكنه بلا حياة. أما الحكومة، فهي تتحدث كثيرًا وتصمت أكثر، ولا نتيجة".

 

وأضاف أن "الزبير ليست قرية نائية، بل منطقة استراتيجية تربط البصرة بعمقها الصحراوي، وتضم الموانئ والمنشآت النفطية. ورغم ذلك، فإنها تُعامل كملحق تابع، لا كمركز ينبغي النهوض به". 


ملف عالق بين الإدارات.. وصمت محاسبي


بحسب مصادر في دائرة مشاريع البصرة، فإن المشروع لم يخضع حتى الآن لتحقيق إداري شامل، ولم تُحاسب أي جهة عن أسباب التلكؤ، رغم مرور أكثر من 10 سنوات على إطلاقه. 

 

وترجّح المصادر أن المشروع يحتاج إلى إعادة إحالة كاملة، أو عقد جديد يراعي الأسعار الحالية وتطور السوق، فضلاً عن تقييم الأضرار التي لحقت بالأجزاء المُنجزة بسبب الإهمال.

الجبال

نُشرت في الخميس 8 مايو 2025 10:19 ص

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.