الغبار يخنق الناس.. هل تشهد أيام العراقيين 300 عاصفة ترابية فعلاً؟

6 قراءة دقيقة
الغبار يخنق الناس.. هل تشهد أيام العراقيين 300 عاصفة ترابية فعلاً؟

أي الفصول نعيش الآن؟

لم تجد التحذيرات حول تغير المناخ آذاناً صاغية، لتتفاقم الأزمة المناخية في العراق بدون حلول مقترحة، فضلاً عن تجاهل حكومي أو اهتمام ليس بالمستوى المطلوب، كما يرى مختصون، ولطالما اصطبغ لون المدينة باللون الأحمر جراء الدماء التي سالت في الشوارع عبر عقود من الصراعات، يكتسي اليوم أفق المدينة بلون أحمر آخر، لكنه هذه المرة قادم من الصحراء؛ عواصف غبارية متواصلة لأيام حولت سماء المدينة إلى كتلة ترابية خانقة، وتنذر بتوقع عام مليء بالهواء القاسي الذي يتسلل إلى أنوف السكان كلص يسرق أنفاسهم.

 

يخشى مرتضى (31 عاماً) عملية الجيوب الأنفية لكنه بدأ بالتفكير بها جدياً بعد المعاناة التي عاشها خلال الأيام السابقة وشعوره بالاختناق المستمر بسبب العواصف الترابية، كما تحدث بذلك لـ”الجبال”.

 

ولم يصل الأمر إلى المعاناة اليومية التي يمر بها الناس خلال العواصف المستمرة والتي صارت جزءاً من أيامهم، أنما باتت تسبب خسائر اقتصادية جمة، حيث يؤكد مرصد "العراق الأخضر" في تقرير له، بأن الخسائر الناجمة عن العواصف الترابية تقدر بمليون دولار، وأن القطاع الأكثر تتضرراً هو  الصحة، بسبب ما تصرفه الوزارة على  مرضى الجهاز التنفسي وشراء أجهزة التنفس.

 

أيام العراقيين ستكون “متربة”

 

وتشير التوقعات إلى أن العواصف الترابية ستستمر لأكثر من 200 عام خلال هذه السنة، فضلاً عن  تصريحات سابقة وتوقعات كانت تشير إلى أن العراق سيكون معرّضاً لعواصف غبارية تصل لـ 300 يوم في السنة.

 

لكن تصريح للمتنبئ الجوي صادق العطية نفى صحة ما يتم تداوله عن توقع 300 يوم من العواصف الغبارية في السنة، موضحاً أن “التصريح الأصلي، والذي ربما صدر عن موظفين في إحدى الدوائر الحكومية ونقلته وسائل الإعلام، كان يشير في حقيقته إلى 300 يوم غبار وليس 300 عاصفة غبارية”.

 

وأشار إلى أن "الغبار أنواع"، فهناك "غبار هاب" ناتج عن نشاط الرياح، و"غبار عالق"، بالإضافة إلى "عواصف ترابية”، مؤكداً أن “هذه الأنواع الثلاثة من الظواهر الجوية تؤثر على مدى الرؤية بشكل متفاوت”.

 

وبيّن العطية  في تصريحه لـ" الجبال", أنه “عند جمع أيام حدوث هذه الظواهر الثلاث خلال فصول السنة الأربعة، قد يصل المجموع بالفعل إلى نحو 300 يوم غبار في السنة”، إلا أنه شدد على أن “هذا لا يعني بالضرورة أن هناك 300 يوم من العواصف الترابية الفعلية”.

 

وفعلاً، هذا ما يؤكده أيضاً مرصد "تلسكوب العراق"، في تصريحه لـ"الجبال"، حيث يشدد على أن “هذا الرقم يشمل حتى الغبار الخفيف الذي يُلاحظ بوضوح عند الأفق، ولا يقتصر على العواصف الترابية الكثيفة أو المتوسطة”.

 

أسباب موجات الغبار في العراق

 

تعد قلة الأمطار وجفاف سطح التربة في البادية السبب الرئيسي في سهولة اقتلاع الرياح للتربة وحمل الغبار منها، على عكس التربة الرطبة التي يصعب على الرياح التأثير فيها.

 

وأشار مرصد “تلسكوب العراق” في حديث لـ”الجبال”، إلى أنه “في حال استمرار تأثير التغير المناخي وقلة الأمطار، فمن المؤكد أن موجات الغبار ستزداد”، فكلما “قلّت الأمطار في الموسم، زاد جفاف التربة، وبالتالي تزداد فرص تشكل العواصف الترابية”.

 

لكن التكهنات المستقبلية بكمية العواصف الغبارية تظل غير مؤكدة كما يرى صادق العطية، حيث “تعتمد بشكل كبير على طبيعة الموسم المطري الذي يسبق فصلي الربيع والصيف”.

 

ويقول العطية إنه “في حال كان الموسم المطري جافاً كما حدث في الشتاء الماضي، فمن المتوقع ازدياد العواصف الغبارية خلال الربيع والصيف المقبلين، أما في حال شهد الموسم المطري أمطاراً وفيرة وجيدة، فإن احتمالية حدوث هذه العواصف ستقل”.

 

واستناداً إلى الوضع الحالي وشح الأمطار في الموسم الماضي، رجح العطية أن “العراق سيواجه تكراراً للعواصف الغبارية الصيفية”، مشيراً إلى أن “هذه العواصف غالباً ما تهب نتيجة لرياح شمالية غربية تبدأ تقريباً في شهر حزيران وتستمر حتى نهاية شهر تموز”.

 

صيف أم ربيع.. أي الفصول نعيش الآن؟

 

لقد اختلطت الأمور على المواطن بسبب “التقلبات المزاجية” للطقس وانعكست هذه المزاجية على "المكيفات الهوائية في المنازل"، وما بين رفع درج مكيفات الهواء إلى الـ16 درجة وخفضها إلى الـ 20 درجة، فإن الموضوع كله مرهون لحالة الطقس؛ فهل نعيش فصل ربيع أم صيف؟

 

يؤكد مرصد “تلسكوب العراق”، أن “العراق يعيش حالياً فصل الربيع فلكياً”، ومع ذلك، أوضح أن “طبيعة الربيع في البلاد تتميز بالتقلب الشديد في الأحوال الجوية، وذلك نتيجة لتلاقي رياح باردة قادمة من الشمال مع رياح حارة تهب من الجنوب، مما يؤدي إلى حدوث تقلبات جوية قوية ومفاجئة”.

 

وبخصوص توقعاته لفصل لفصل الصيف، أشار تلسكوب العراق إلى أن “الأمر يعتمد على الموجات الحارة القادمة، وهي ليست جديدة على العراق”، لكن مع تأثير التغير المناخي، “أصبحت هذه الموجات أطول وتتكرر بوتيرة أكبر من السابق”، مؤكداً على “صعوبة تقديم توقعات دقيقة لفصل الصيف بأي وسيلة ممكنة، لكنه سيكون بالتأكيد حاراً وجافاً”. 

 

هل العراق وحده المتضرر؟

 

ويؤكد مرصد “تلسكوب العراق”، أن العراق ليس وحده المتضرر من هذه الظاهرة، ولكنه أكثر تأثراً بسبب طبيعة أراضيه الغربية التي تخلو من الجبال والتلال التي يمكن أن تصد الرياح المحملة بالغبار، مما يزيد من تفاقم المشكلة.

 

وفي تصريح تابعته “الجبال”، أعلن الناطق باسم وزارة الصحة العراقية، سيف البدر، عن استقبال المستشفيات في عموم البلاد أكثر من 5 آلاف حالة اختناق، موضحاً أن “هذا العدد مرشح للارتفاع”، مشيراً إلى “وجود حالات صعبة بين المصابين، خاصة أولئك الذين يعانون من مشاكل في الجهاز التنفسي”.

 

إيناس فليب شاعرة وصحفية

نُشرت في الأربعاء 7 مايو 2025 01:06 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.