تخيم على مدينة دمشق أجواء أمنية متوترة، عقب احتجاجات، واعتقالات، واشتباكات مسلّحة، وتهديد قيادي درزي لرئيس الحكومة، أحمد الشرع، وتأكيد وزارة الداخلية السورية اليوم الثلاثاء على "ملاحقة المتورطين بإخلال الأمن العام".
وبدأت المشكلة مع انتشار مقطع صوتي، قبل أيام، ينسب إلى شابين درزيين، "أساءا" إلى رسول الإسلام "النبي محمد"، خلّف ردود أفعال وتوترات داخلية في دمشق ومناطق متفرقة من البلاد. بدأت بتنظيم تظاهرات احتجاجية رفضاً للإساءة ثم مواجهات ومن ثم اعتقال شبان من داخل حرم جامعي في حمص.
وبحسب المعلومات، نظم شبان تظاهرة احتجاجية داخل السكن الجامعي رفضاً للكلام المسيء للرسول، وقامت قوات الأمن العام بفض التظاهرة وتفرقة المتظاهرين واعتقال الشبان المنظمين للتظاهرة إلى جانب شبان دروز كانوا في المكان. وهو ما أثار استياء أطراف درزية (البعض تبرّأ من التسجيل والمسؤولين عنه، وبعض آخر طالب بالإفراج عن المعتقلين).
ويشير رواد ومتابعون على مواقع التواصل الاجتماعي إلى أن المقطع الصوتي تضمن إساءة إلى رسول الإسلام وسب زوجته "عائشة" بـ"كلام فاحش"، وبعود إلى شخصين يدعيان "عاطف حمزة" و"فؤاد مراد"، وهما المتهمان بافتعال الأزمة.
تهديدات مباشرة
وفي تسجيل منشور على مواقع التواصل الاجتماعي، منسوب إلى القيادي الدرزي "أبو أمير الصفدي"، أعرب القيادي عن استيائه من اعتقال شبان من أبناء طائفته وهدّد رئيس سوريا الانتقالي أحمد الشرع بتحرك "جيش الموحدين"، من أجل إخلاء سبيل الطلاب الدروز الذين تم اعتقالهم من السكن الجامعي في مدينة حمص، والذين اعتقلوا مع مجموعة شبان غاضبين بسبب شتم درزي للنبي، محدّداً مهلة زمنية للشرع للإفراج عن المعتقلين.
قال "أبو امير الصفدي" في التسجيل الذي نشر يوم أمس: "باسمي وباسم جيش الموحدين أمنح أحمد الشرع مهلة من اليوم إلى الساعة العاشرة من صباح يوم غد (الثلاثاء)، بشأن الشباب الذين تم توقيفهم في الجامعات. وأنا حصلت على إذن شيوخ الدروز على التصرف الذي سأقوم به، لديه وقت حتى الساعة 12:00 من يوم غد، إن لم يتم إخلاء سبيل أبنائنا وإعادتهم إلى حضن عائلاتهم، سيتم الردّ، سيأتي الرد القاسي للشرع وهذا كلام قطعي. وسترى ماذا سيفعل بك تهديد جيش الموحدين".
وفي الساعات الأولى من اليوم الثلاثاء، انتشرت مقاطع مصورة على موقع "إكس" لاشتباكات في مناطق بدمشق، وسط انتشار أنباء عن انتشار مسلحين دروز في غابات عقربا وجرمانا واشتباكهم مع قوات الأمن العام وأهالي المنطقة، وسماع دوي إطلاق نار في صحنايا وقطنا أيضاً. أسفرت اشتباكات جرمانا عن سقوط ضحايا.
ونٌشرت مقاطع صوتية نُسبت إلى "المجلس العسكري"، تحرض على قطع الطرقات والتجهيز للاشتباكات، ونشر أسلحه ثقيلة على الطرقات والتلال، قال أحدهم فيها "التلال لنا، والجبال لنا، يجب أن نمسك برأس الجبل"، فيما ذكر شخص آخر بتسجيل آخر: "بالنسبة للقرى الشرقية، أطمئنكم على نواحي دوما والعراج والكسيب وأم ضبيب، مجموعتنا هناك وتم نصب النواظير والكاميرات الحرارية والقناصات هناك، تم نشر السلاح على التلال".
الداخلية ترد
وفي بيان رسمي، أكدت وزارة الداخلية السورية، صباح اليوم الثلاثاء، متابعتها للصوتية المسيئة للرسول محمد، مؤكدة مباشرة التحقيقات لملاحقة المذنبين.
وقالت الوزارة إنه "انطلاقاً من مسؤوليتها الوطنية، باشرت الجهات المختصة تحقيقاتها المكثفة في هذا الشأن، وتبيّن خلال التحريات الأولية أن الشخص الذي وجهت إليه أصابع الاتهام لم تُثبت نسبة الصوتية المتداولة إليه، وتؤكد الوزارة أن العمل ما زال جارياً لتحديد هوية صاحب الصوت، ليقدم إلى العدالة وينال العقوبة الرادعة التي يستحقها وفقاً للأنظمة والقوانين المعمول بها".
وشدّدت الوزارة على "التزام المواطنين بالنظام العام، وعدم الانجرار إلى تصرفات فردية أو جماعية من شأنها الإخلال بالأمن العام أو التعدي على الأرواح والممتلكات"، مؤكدة الوزارة أنها "قائمة بدورها في حماية المقدسات ومحاسبة المسيئين إليها بكل حزم"، ومحذرة من أن "أي تجاوز للقانون سيقابل بإجراءات صارمة لضمان وحفظ الأمن الاستقرار".
وتقترب المهلة الزمنية التي حددها "أبو امير الصفدي" من الانتهاء، دون ورود أي معلومات عن الإفراج عن المعتقلين في حمص.