شهد الفن التشكيلي النسوي في العراق نقلة نوعية خلال العقود الأخيرة رغم التحديات التي واجهت معظم الفنانات التشكيليات داخل وخارج البلاد من خلال حضورها اللافت وبث ووجودها بألوانها ولوحاتها المعبرة وبثها لرسائل توعوية تخدم المجتمع والتعبير عن ما يدور من محيطها.
ويشهد العراق كل عام إقامة العديد من الفعاليات الثقافية والفنية والاجتماعية، ويصاحبها العديد من المعارض الفنية لمختلف الفنانين والفنانات العراقيات.
وتشير فنانات تشكليات عراقيات لـ"الجبال"، إلى صعوبات قد تؤثّر على النشاط الفني النسوي وهي الوعي المجتمعي لضرورة دعّم القدرات وعدم إهمال تلك المواهب وتطويرها لكونها روافد الفن التشكيلي النسوي في المستقبل.
التحدي من بعض العقد والمشاكل النفسية
تتحدث الفنانة التشكيلية منى مرعي عن الكثير من التحديات التي تواجه الفنانة المرأة في بعض مجالات الحياة، "فما زال البعض من المجتمع يؤمن أن تواجد المرأة في البيت بدلاً من العمل الفني والثقافي، وكذلك مصاعب الحياة كونها أخت أو زوجة أو أم، وهكذا تكون مسؤولية البيت والعائلة والأولاد إضافة أخرى لمسؤولياتها"، حسب قولها.
وأوضحت لـمنصة "الجبال"، أن "التحدي يكون أحياناً من بعض العقد والمشاكل النفسية التي يعاني منها بعض وأقول بعض الرجال من أن تنتصر عليه امرأة في مجال ما أو أن تترأس مكان العمل امرأة أو تسبقه في أي مجال لأن تفكيره الرجولي ينتصر على تفكيره الثقافي والواعي، لكن في أغلب الأوقات تجد البعض الآخر من الرجال يناصر المرأة ويساعدها بل ويتعاطف معها كونها الجانب الأرق والأكثر عاطفة".
مرعي، تتحدث عن تاريخ العراق المعاصر ، وبعد تشكيل الدولة العراقية الحديثة سنة 1921، برزت أسماء نساء رائدات عملن مع أشقائهن الرجال في استكمال بنيان الدولة والمجتمع في مختلف المجالات وخاصة التربوية والأدبية والثقافية، خاصة وأن "العراق بلد يمتلك تاريخ وحضارة عريقة وتاريخه النسوي يشهد الكثير من الأسماء النسوية المهمة والتي سجلت علامات فارقة في العالم وليس في العراق فقط، ومنهم نازك الملائكة وزها حديد ونزيهة سليم والكثير الكثير من رائدات العراق"، لذلك فبالتأكيد "بلد يمتلك كل تلك الحضارة والتاريخ أن يكون نتاجه إبداعياً بحتاً ويكون في اللائحة الأولى عربياً وعالمياً ويمتلك الثقل والعمق الإبداعي أينما يكون".
نقل الثقافات والتجارب الأخرى من وإلى العراق
في المقابل، توضح الفنانة التشكيلية المغتربة، نسرين الهنداوي، إن "النشاط الفني التشكيلي في العراق كسائر النشاطات الإنسانية الأخرى الثقافية والعلمية يواجه صعوبات لعقود من الزمن، وعلى رأسها الصراعات والحروب التي عانى منها العراق ومن تبعاتها التي قادت إلى عدم الإمكانية لخلق بيئة ملائمة لتنمية تلك النشاطات التي غالباً ما تمنحه الأنظمة المؤسساتية لدعم الفنان للانفتاح على النشاطات العالمية، والتعرف على الحركات والاتجاهات الفنيه المعاصرة والتي لا يكفي معرفه أبعادها من خلال صفحات الإنترنت. إذ تعمل المهرجانات والمسابقات المحلية والدولية في داخل القطر وخارجه على تنميه هذا الجانب ونقل الثقافات والتجارب الأخرى من وإلى العراق".
وتطرقت الهنداوي في حديثها لـ "الجبال"، إلى صعوبات أخرى قد تؤثّر على النشاط الفني النسوي وهي الوعي المجتمعي بضرورة دعّم القدرات وعدم إهمال تلك المواهب، وتطويرها لكونها روافد الفن التشكيلي النسوي في المستقبل. وتابعت أن الفنان والمبدع بصوره عامة وفي الكثير من الأحيان يحاول أن يتغلب على التحديات الخارجية من خلال ابتكار بدائل جمالية وإنتاج المجال فنياً ويكون الهدف منه إيجاد بيئة مثالية ومعادل صورية لمحيطه، قد يساهم هذا في تطوير قدرات الفنان وطروحاته الإبداعية.
الفنانة العراقية أثبتت وجودها بألوانها ولوحاتها المعبرة
لكن زميلتها رشا عكاب، تتحدث عن استخدام "الجانب الشرقي" في تصوراتها الفنية، حيث أشارت إلى أنّ "المرأة تبالغ بالخط واللون لإيصال فكرتها والتعبير عن الحالة. وكوني فنانة عراقية ولوحاتي رسائل وذكريات عشتها في محيط شرقي جميل، قمت برسم المرأة الجميلة الأنيقة الأم والزوجة الحنونة بكل حالات الفرح".
وأكدت الفنانة التشكيلية، أنه "اليوم نرى الفن النسوي التشكيلي العراقي بالأخص بصوره جميلة منتشرة وذاع صيته في كثير من الدول. الفنانة العراقية اثبتت وجودها بألوانها ولوحاتها المعبرة"، كما أرجعت "الفضل إلى إصرار الفنانة العراقية أولاً ودعم المجتمع لها وإقامة المعارض من قبل قاعات العرض، وأكيد لكل امرأة أب وأخ وزوج، هذا هو دور المجتمع الصحيح، أن يدعم الفن، فإذا أردنا معرفة ثقافة بلد نتطلع إلى فنّه. فاليوم أرى الحركة النسوية بخير، وهذا دليل وعي كبير للمجتمع".