المؤسسة الأمنية ليست للرجال فقط.. نساء السلك العسكري ضحية أعراف مجتمعية و"عقلية ذكورية"

6 قراءة دقيقة
المؤسسة الأمنية ليست للرجال فقط.. نساء السلك العسكري ضحية أعراف مجتمعية و"عقلية ذكورية" تعبيرية

"تجاهل تحيتهن" من أبرز التحديات

رغم التخوف من العادات والتقاليد والأعراف المجتمعية، إلا أن المرأة اثبتت وجودها داخل السلك العسكري والأمني من خلال أدوار مهمة ومتنوعة، سواء في المجال اللوجستي أو القتالي.

 

إذ شهد العراق في السنوات الأخيرة ارتفاعاً في انخراط النساء داخل المؤسسة العسكرية، لكن نظرة المجتمع الذكورية ما تزال تحدّ من أدوارهن في الميدان، مما دفعهن إلى العمل في المكاتب الإدارية.

 

وانخرطت النساء في السلك العسكري داخل العراق منذ السبعينيات، ومع اندلاع الحرب العراقية الإيرانية، أوقفت السلطات، آنذاك، منح الرتب العسكرية للنساء، والاكتفاء بتعيين المتعاقدات بصفة مدنية، لكن سرعان ما تغير الحال بعد سقوط نظام صدام حسين في 2003، حين فتحت الوزارات الأمنية باب التطوع للنساء.

 

وبحسب التقرير السنوي الصادر عن وزارة التخطيط في العام 2022، فإن عدد الإناث في وزارة الداخلية بلغ 11114 من أصل 670352، فيما بلغ عدد الإناث في وزارة الدفاع 3611 من أصل 361002.

 

دور لا يمكن تجاهله

 

مريم عمران - منتسبة أمنية ضمن صفوف وزارة الداخلية، تؤكد أهمية دور المرأة في السلك العسكري.

 

"دور المرأة العراقية في السلك العسكري توسع بعد العام 2003"، تقول عمران وتضيف لمنصة "الجبال": "كوننا مجتمع عشائري فلا يسمح للرجال بتفتيش النساء في الدوائر الحكومية والمراقد المقدسة، فكان للنساء العسكريات ذلك الدور المهم".

 

ولا يقتصر دور المرأة في السلك العسكري على التفتيش، فهناك الكثير من المهام منها الطبية والإدارية والفنية بالإضافة إلى مساهمتها في معالجة حالات العنف الأسري وحماية الأسرة والطفل من خلال المنتسبات ضمن مديرية الشرطة المجتمعية بوزارة الداخلية، بحسب عمران.

 

أما عن عاطفة النساء وكيفية الفصل بين العمل العسكري والعائلة، تلفت عمران إلى أن "العاطفة تكون في المنزل ومع العائلة، أما في العمل نضع حاجزاً عن بيئة المنزل ونتعامل ضمن واجباتنا وبكل مهنية".

 

وتؤكد أن عملها في السلك العسكري، أضاف قوة لشخصيتها، مشيرة إلى أن "التدريبات والدورات المستمرة انتزعت الخوف والإحباط من داخلنا كنساء".

 

نشاط المرأة العسكرية يتوسع 

 

ويتفق الباحث بالشأن الأمني والعسكري اللواء ماجد القيسي، مع عمران على أهمية دور المرأة ضمن صفوف المؤسسة الأمنية العراقية.

 

ويذكر القيسي في حديث لمنصة "الجبال"، إن "للنساء دور كبير في المجالات الإدارية والفنية واللوجستية"، مبيناً أن "المرأة لديها تجارب كثيرة منذ عقود طويلة ضمن السلك العسكري".

 

ويشير إلى أن "نشاطات المرأة بدأت تتوسع في مجال السلك العسكري خلال السنوات الأخيرة، وأصبح لها أدوار عديدة في الدوائر التابعة لوزارتي الداخلية والدفاع، لا سيما في دائرة المرور والجوازات والأحوال المدنية والمستشفيات العسكرية".

 

يلفت اللواء المتقاعد إلى أن "الكثير من النساء العسكريات ساهمن في عملية فرض القانون، والحرب على داعش في العام 2014"، مشيداً بدورها في "الجوانب اللوجستية".

 

من جهتها، تعزو الناشطة في مجال حقوق المرأة، إسراء سلمان، قلّة تواجد النساء في السلك العسكري مقارنة بالرجال، إلى العادات والتقاليد المجتمعية.

 

"هناك عادات مجتمعية تنبذ فكرة وجود المرأة داخل المؤسسة العسكرية"، تقول سلمان وتضيف لمنصة "الجبال"، "الأغلبية يعتقدون بأن السلك العسكري للذكور فقط، بسبب ضعف بنية المرأة مقارنة بالرجل".

 

وتلفت الناشطة في مجال حقوق المرأة إلى أن "المادة (14) من الدستور العراقي تنص على أن العراقيين متساوون أمام القانون دون تمييز بسبب الجنس أو العرق أو القومية أو الأصل أو اللون أو الدين أو المذهب أو المعتقد أو الرأي أو الوضع الاقتصادي أو الاجتماعي"، مستدركة: "بالتالي فإن وجود المرأة مهم في السلك الأمني".

 

وتشدد سلمان على "ضرورة التعاون المشترك بين الزوج وزوجته التي تعمل ضمن السلك العسكري، لإدارة أمور المنزل على أتم وجه". 

 

تجاهل للرّتبة يقابله "غرامة" 

 

وتنتقد الناشطة بمجال حقوق المرأة، "بعض المضايقات التي تتعرض لها المرأة ضمن عملها في المؤسسات الأمنية، مثل عدم أخذ التحية العسكرية لرتبة المرأة من قبل الرجال في المجال ذاته"، مشيرة إلى أن "التعامل مع النساء في السلك العسكري ببعض الأحيان يكون مرهوناً بالعقلية الذكورية والطبيعة العشائرية التي ترفض أن تقودها امرأة".

 

وكشفت مصادر أمنية عن مخصصات "بدل التحية العسكرية"، تدفع للنساء على إثر رفض زملائهن الرجال في السلك الالتزام بالعرف العسكري تجاههن، وتقدر بنحو 200 ألف دينار عراقي شهرياً.

 

وقالت تلك المصادر لمنصة "الجبال"، إن "مخصصات مالية تصرف للنساء في السلك العسكري في حال امتنع الضباط والجنود عن أداء التحية لها".

 

والكثير من الضابطات لا تستلمن المبالغ، احتجاجاً على فكرة تعويض احترام السلام الجمهوري بالمال، وفق المصدر.

 

وفي 8 آب الجاري، اجتمع وزير الداخلية عبد الأمير الشمري بمجموعة من النساء العاملات في مفاصل الوزارة، مؤكداً دورهن الكبير في مختلف المجالات الأمنية والخدمية.

 

وأشاد الشمري بالدور الكبير الذي تقوم به المرأة العاملة في مختلف تشكيلات الوزارة وما تؤديه من واجبات على الصعيدين الأمني والخدمي، مؤكداً على تطوير العمل الذي يخص الجانب النسوي، وفق بيان لوزارة الداخلية العراقية.

 

قال وزير الداخلية، إن "المرأة أثبتت قدرتها على تحمل المسؤولية وهي جديرة بالثقة من خلال إنجاز المهام التي توكل إليها في مختلف التخصصات".

 

واستمع الوزير حينها، إلى احتياجات الحاضرات، ووجّه بتذليل جميع العقبات أمامهن والعمل على متابعة طلباتهن من قبل الجهات المختصة.

 

حسين حاتم صحفي عراقي

نُشرت في الأربعاء 21 أغسطس 2024 02:05 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

المزيد من المنشورات

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.