خط نفط البصرة - العقبة.. بلا جدوى اقتصادية والإطار يبرر تغير موقفه

8 قراءة دقيقة
خط نفط البصرة - العقبة.. بلا جدوى اقتصادية والإطار يبرر تغير موقفه

بعد أكثر من ثلاثة عقود على طرح فكرة مشروع خط النفط البصرة العقبة، منحت الحكومة الحالية المرتبطة بالإطار التنسيقي، الضوء الأخضر لتنفيذه، عبر تضمينه في الموازنة الاتحادية، لتتحمل بغداد تكاليفه بالكامل، في خطوة أثارت التساؤلات، نظراً لعدم جدوى المشروع اقتصادياً، فضلاً عن فائدته بشكل مباشر أو غير مباشر للكيان الإسرائيلي.

 

هذا الخط النفطي، أثار اللغط منذ سنوات طويلة، وخاصة ابان إدارة الحكومة السابقة، إذ عارضت قوى الإطار التنسيقي بما فيها شخص رئيس الوزراء محمد شياع السوداني قبل تنصيبه، هذا المشروع، إلا أن البوصلة اختلفت بعد تسلّم الإطار زمام الحكومة حيث جرى التوجه لإنشاء الخط المثير للجدل.  

 

خبراء بالنفط والاقتصاد، أكدوا عدم جدوى المشروع من النواحي الاقتصادية والنفطية، بل أشاروا إلى اندراجه ضمن صفقة إقليمية لجعل العراق جزء من دعم الكيان الصهيوني فقط وتطبيع العلاقات معه بشكل غير مباشر، لا سيما مع عدم وضوح آليات تنفيذ المشروع والشركات المنفذة له، وإبقاء ذلك سرّياً.  

 

ما يجري، برره الإطار التنسيقي بأنه خطوة لتنويع الإيرادات النفطية، فيما لفت إلى أن الاعتراض السابق كان لأن حكومة مصطفى الكاظمي سعت للتطبيع، لكن تمريره بالوقت الراهن سيكون من قبل الإطار الذي سيحافظ ويراقب ويضمن عدم وصول النفط لإسرائيل.

 

وحول هذا الأمر، يقول الخبير النفطي حمزة الجواهري، إنه "طالما تم ادراج مشروع بصرة العقبة ضمن الموازنة العامة للدولة العراقية، هذا يعني أن المشروع سوف تدفع تكاليفه بشكل كامل من قبل العراق، وهو من سيتحمل كافة التكاليف التي هي لغاية الآن غير معروفة، ومدة انجاز هذا المشروع أيضاً غير معروفة".

 

ويرى الجواهري، أن هذا المشروع "سيء من البداية إلى النهاية" وليس له أي عوائد اقتصادية للعراق اطلاقاً، "جاء ضمن صفقة القرن الأميركية، التي تهدف إلى تطبيع علاقات إسرائيل مع المحيط العربي ويهدف إلى جعل العراق جزء من هذه الصفقة"، حسب قوله.

 

ويؤكد: "هذا المشروع كبير جداً وضخم، ولهذا لا يمكن إعطاء أي تقدير بشأن تكلفته المالية أو مدة إنجازه، فهذا الأمر متوقف على ما سيجري للمشروع، فهو لغاية الان لا وجود له على أرض الواقع".

 

ويتابع: "مشروع بصرة عقبة لا يصب في صالح العراق، وانما سوف  يتحمل العراق تكاليفه المالية فقط، النفط سيذهب بعضه إلى الأردن وبعضه إلى مصر والفائدة الأساسية هي ذهاب النفط إلى إسرائيل، وهناك يكون اجبار على التطبيع بشكل مباشر أو غير مباشر بالنسبة للعراق".

 

كان النائب مصطفى سند، كشف عن تضمين موازنة 2024 مشروع خط أنبوب بصرة _ حديثة، الذي تكفلت به الحكومة العراقية حتى مدخل الحدود الأردنية، لغرض إيصاله إلى العقبة.

 

وأعلن وزير الطاقة والثروة المعدنية الأردني صالح الخرابشة، عام 2022، أن الوزارة تنسق مع الجانب العراقي تمهيدا للتوقيع على اتفاقية مد أنبوب نقل النفط من مدينة البصرة العراقية إلى ميناء العقبة، مؤكداً أنه لم يتبق سوى بعض التفاصيل القانونية بشأن الاتفاقية.

 

ووفقاً للجانب الأردني، فإن تكلفة تنفيذ المشروع تقدر بين 79 مليارات دولار، وأنه يمنح الحق للأردن بشراء 150 ألف برميل نفط يومياً.

 

وليس بعيدا عن رأي الجواهري، فإن الخبير بشأن الطاقة حيدر البطاط، يؤكد أن "مشروع بصرة عقبة خطر كبير وفيه اضرار كبيرة على العراق، وهذا المشروع ليس فيه أي فوائد اقتصادية أو أي عائدات مالية".

 

ويلفت إلى أن "المشروع يهدف إلى وصول النفط العراقي للحدود الإسرائيلية، وهذا يعني أن هناك رسائل عبر هذا المشروع وهي رسائل سياسية اكثر مما هي اقتصادية، لهذا كان ينبغي رفضه سياسياً وشعبياً".

 

ويستطرد بالقول: "لغاية الان تفاصيل المشروع المالية والزمنية مازالت مبهمة ولا نعرف أي من الشركات التي سوف تنفذ هذا المشروع، وما إمكانية نجاح تحقيق هذا المشروع في ظل وجود رفض سياسي وشعبي له، والأيام المقبلة سوف توضح الصورة بشكل أكبر أمام الجميع".

 

يذكر أن وزارة النفط العراقية، سلطت الضوء على تاريخ مفاوضات مشروع إنشاء أنبوب "البصرة العقبة" النفطي، قبل نحو عامين، مستعرضة كافة المراحل التي مر بها المشروع منذ عام 1980 ولغاية الآن، وأكدت أنه في آخر المحطات، لا يزال قيد النقاش الفني والتجاري، رغم وصول المفاوضات الى مراحل متطورة، بهدف أن يضيف المشروع قيمة اقتصادية للعراق والأردن، شريطة تخفيض كلف التنفيذ الى ما دون الـ9 مليارات دولار.

 

وحسب القمة الثلاثية بين العراق ومصر والأردن، التي احتضنت بغداد إحدى جولاتها في حزيران 2021، فإنه سيتم مد أنبوب نفط البصرة- العقبة إلى الأردن، وصولا الى الموانئ المصرية، حيث سيجري استخراج المشتقات النفطية فيها وإعادتها للعراق، لاسيما وأن وزير البترول المصري طارق الملا، زار بغداد، ذلك بعد أيام من توقف إمداد شركة أرامكو السعودية لمصر بنحو 700 ألف طن من المواد البترولية، في إطار اتفاق طويل الأجل بين الرياض والقاهرة، التي تشهد العلاقات بينهما توتراً على خلفية قضايا ثنائية وإقليمية.

 

مشروع سياسي

 

وفضلاً عن أضراره الاقتصادية، يشير الباحث في الشأن السياسي محمد علي الحكيم، إلى أن "هذا المشروع سياسي، والعراق وافق عليه بسبب الضغوطات الأميركية عليه، وربما يكون هو بداية ذهاب العراق نحو التطبيع مع إسرائيل"، لافتاً إلى أن "القوى الحاكمة في العراق مستعدة لفعل أي شيء وكل شيء من أجل بقاء قواتها ونفوذها، فهي كانت تعارض المشروع خلال الحكومة السابقة، والان صوتت عليه وجعلته ملزم التنفيذ ضمن قانون الموازنة العامة للدولة العراقية".

 

يتوقع الحكيم أن يتسبب "هذا المشروع بمشاكل امنية وسياسية خلال المرحلة المقبلة، فهناك معارضة حقيقية له من قبل جهات متعددة رافضة لوصول النفط العراقي إلى إسرائيل، والكل يعلم هذا المشروع هدفه الأساسي وصول النفط إلى إسرائيل، ولهذا ضغطت واشنطن على بغداد وقدمت بعض الدعم المحدود للحكومة الحالية مقابل تطبيق هذا المشروع".

 

يذكر أن الاتفاق على إنشاء الأنبوب بين العراق والأردن تحول الى واقع في عام 2019، خلال ترؤس عادل عبد المهدي للحكومة، وبلغت الطاقة التصميمية للمشروع مليون برميل يومياً، بهدف نقل النفط الخام العراقي عبر الأراضي الأردنية إلى مرافئ التصدير على ساحل البحر الأحمر في العقبة.

 

وفي ذلك العام أيضاً (2019)، وقع العراق مذكرة تفاهم مع الاردن، مجددا بها تصدير النفط للأردن بسعر تفضيلي بعد توقف 5 سنوات جراء الحرب على داعش، وتقضي المذكرة بتصدير العراق 10 الاف برميل نفط يومياً للاردن.

 

التبرير

 

وبشأن اللغط المثار، يبرر عضو  الإطار التنسيقي عائد الهلالي، تمرير هذا الخط، بأن "الحكومة العراقية لا تقدم على أي مشروع دون وجود دراسة جدوى اقتصادية، وأكيد هذا المشروع له فوائد مالية كبيرة، مقابل وجود ضمانات عدم وصول النفط العراقي إلى إسرائيل باي شكل من الأشكال".

 

ويضيف أن "مبدأ المقاطعة التجارية والاقتصادية بشكل مباشر او غير مباشر ثابت مع إسرائيل، وهذا ما يؤكد عليه الدستور كذلك قانون تجريم التطبيع، هذا المشروع اقتصادي بحت والهدف منه تنويع مصادر تمويل موازنة الدولة عبر هكذا مشاريع نفطية عملاقة في المنطقة".

 

وبشأن الرفض السابق للمشروع، يؤكد الهلالي أن "الرفض السابق لهذا المشروع كان بسبب الخشية من العمل على جعله جزءاً من عملية التطبيع غير المباشرة، لكن الحكومة العراقية والقوى السياسية الداعمة لها هي معروفة الموقف تجاه إسرائيل، وهي تعمل على المشاريع التي فيها تقوية للاقتصاد العراقي".

سام محمود

نُشرت في الأحد 7 يوليو 2024 02:36 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.