يعقد الاتحاد الأوروبي في العاصمة البلجيكية بروكسل مؤتمراً للأطراف المانحة حول سوريا، يشكل فرصة للأوروبيين لتعزيز التعبئة الدولية لدعم هذا البلد الذي دمرته الحرب المستمرة منذ أكثر من عقد.
وللمرة الأولى، سيحضر المؤتمر التاسع للمانحين والمعقد اليوم الإثنين ممثلون عن الحكومة في دمشق. وسيمثل وزير الخارجية السوري أسعد الشيباني بلاده في بروكسل، على هامش اجتماع لوزراء خارجية دول الاتحاد الأوروبي.
في 8 كانون الأول الماضي، أطاحت فصائل المعارضة السورية المسلحة الرئيس السوري بشار الأسد، وتولت سلطات جديدة الحكم بقيادة الرئيس الانتقالي أحمد الشرع. وتعيش سوريا عملية الانتقال صعبة في بلد منقسم بين مجموعات دينية عدة.
وبحسب دبلوماسيين، فإن دول الاتحاد الأوروبي الـ27 التي سارعت بعد 8 كانون الأول إلى دعم العملية الانتقالية في سوريا، تريد أن تعتبر أعمال العنف التي وقعت في منطقة الساحل السوري قبل أيام "حادثاً معزولاً". وقد رحبت بتعيين لجنة تحقيق، قائلة إنه "يجب القيام بكل شيء منعا لحدوث جرائم كهذه مرة أخرى"، وفق ما جاء في بيان.
وأكدت هذه الدول استعدادها لإعادة النظر في الرفع التدريجي للعقوبات المفروضة على سوريا الذي تقرر في نهاية شباط 2025، إذا تكررت حوادث كهذه، وفقا لدبلوماسيين في بروكسل. وأعلنت فرنسا الأربعاء أنها ستُعارض أي رفع إضافي للعقوبات "إذا مرت هذه الممارسات بلا عقاب".
ستحاول الدول الـ27 المجتمعة في بروكسل حشد مساعدة المجتمع الدولي لإعادة بناء هذا البلد. وقال مسؤول في الاتحاد الأوروب:ي "من المؤكد أن المؤتمر هذا العام سيكون مختلفاً"، مضيفاً: "ثمة فرصة سانحة، لكنها ليست كبيرة بما يكفي، لذا يتعين علينا استغلالها، وإلا فسيكون الأوان قد فات".
وفي ظل الاحتياجات الهائلة، قدرت الأمم المتحدة أنه، بالوتيرة الحالية، ستحتاج سوريا إلى نصف قرن على الأقل للعودة إلى الوضع الاقتصادي الذي كانت عليه قبل الحرب الأهلية التي اندلعت في العام 2011.
ويحتاج نحو 16,7 مليون شخص لمساعدة دولية في سوريا في الوقت الذي لم تعد الولايات المتحدة منخرطة كثيراً في هذا المجال.
ونجح مؤتمر المانحين العام الماضي في جمع نحو 7,5 مليارات يورو لسوريا. لكن الجهود المبذولة لتحقيق هذه النتيجة أصبحت معرضة للخطر هذا العام بسبب قرار الولايات المتحدة تعليق مساعداتها الدولية.
وكانت الولايات المتحدة تُعتبَر حتى الآن المانح الرئيس للمساعدات الدولية لسوريا، بحسب الأمم المتحدة، وهي ستكون ممثلة الاثنين في المؤتمر.
وأوضح مسؤول أوروبي آخر أن "نظام المساعدات الإنسانية الدولي كان يعتمد بشكل عام على ركيزتين، الأولى مهمة جداً وتشكلها الولايات المتحدة، والثانية الاتحاد الأوروبي ودوله الأعضاء"، مضيفاً أن "إحدى هاتين الركيزتين قد تقلصت (حالياً) إلى حد كبير، إن لم تكن قد اختفت بالكامل، وهذا يعني تراجعاً في الأموال المتاحة للمساعدات الإنسانية في كل أنحاء العالم".
حتى قبل عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، لم تكن الأطراف المانحة توفر لسوريا إلا حوالى 35 % من المساعدة المطلوبة من الأمم المتحدة.
ويأمل منظمو مؤتمر المانحين هذا أن تتمكن دول عربية في الشرق الأوسط من تعويض الانسحاب الأميركي.
مساعدة ألمانية بقيمة 300 مليار
واليوم الإثنين، تعهدت ألمانيا بتقديم مساعدة جديدة لسوريا بقيمة 300 مليون يورو، قبيل انعقاد مؤتمر المانحين في بروكسل.
وقالت وزيرة الخارجية الألمانية، أنالينا بيربوك، من العاصمة البلجيكية إنه "في سبيل هذه المهمة الهائلة، ستوفر ألمانيا للأمم المتحدة ومجموعة من المنظمات، 300 مليون يورو إضافي في إطار هذه العملية السلمية ومن أجل الشعب السوري وشعوب المنطقة".