2.35 مليون يغرقون في عالم الفيديوهات القصيرة.. لماذا يفضل العراقيون "تيك توك" أكثر من غيره؟

5 قراءة دقيقة
2.35 مليون يغرقون في عالم الفيديوهات القصيرة.. لماذا يفضل العراقيون "تيك توك" أكثر من غيره؟

أصدر مركز الإعلام الرقمي (DMC) تقريراً حديثاً يكشف عن زيادة ملحوظة في عدد مستخدمي مواقع التواصل الاجتماعي في العراق، وصلت من 31.95 مليون مستخدم في العام الماضي إلى 34.3 مليون خلال هذا العام، لكن الإحصائية أظهرت تفضيل العراقيين لتطبيق "تيك توك" بعدد يصل إلى 2.35 مليون مستخدم، وهو ما يطرح سؤالًا عن أسباب تواجد العراقيين فيما يسمى بـ"عالم الفيديوهات القصيرة". 

 

وتعتبر سهولة الاستخدام وتجربة المستخدم الجذابة، أحد الدوافع التي تجعل العراقيين يفضلون "تيك توك" بالإضافة إلى أن "واجهة المستخدم لتيك توك بسيطة وسهلة الاستخدام، مما يجعلها مفضلة للمستخدمين من جميع الأعمار"، بحسب المدرب في مجال الأمن الرقمي آسو وهاب الذي رأى أن "الخوارزمية الذكية تقدم محتوى مخصصاً بسرعة، مما يعزز التفاعل ويجعل المستخدمين يشعرون بأن المحتوى موجه لهم شخصياً".

 

وفي السؤال عن "لماذا يفضل العراقيون استخدام تيك توك"، تقول ملاك إنها "تستخدم التطبيق بسبب الترندات" بالإضافة إلى "ميزة البحث السهل"، فيما وصفت التطبيق بأنه "يفتهمج بسرعة"، بينما ترى رنين بأن "التطبيق يوفر لها كل الذي تبحث عنه بوقت قياسي".  

 

حلقة الإدمان الرقمي

 

ويرى عديدون أن ميزة الفيديوهات السريعة تجعلهم مندمجين ولا يودون مغادرة التطبيق، وهوما يؤكده الخبير آسو وهاب الذي كشف أن "تطبيق تيك توك يعتمد على خوارزميات متطورة لتحليل سلوك المستخدمين وتفضيلاتهم بدقة، وذلك بهدف جذبهم وإبقائهم على المنصة لأطول فترة ممكنة".

 

وتعتمد الخوارزمية ـ والكلام للخبير ـ على "مجموعة متنوعة من البيانات، بما في ذلك التفاعلات والإعجاب والمشاركات، بالإضافة إلى التعليقات، ومدة المشاهدة".

 

ويوضح وهاب أنه "بفضل هذه البيانات، يقدم تيك توك محتوى مخصصاً لكل مستخدم بشكل فوري، مما يعزز تجربة المستخدم ويجعلها أكثر جاذبية"، كما "تعطي الخوارزمية الأولوية للمحتوى الجديد والفريد، مما يشجع المستخدمين على استكشاف المزيد من الفيديوهات".

 

وبالإضافة إلى ذلك، يقول وهاب إن "الخوارزمية تعمل على ترويج المحتوى الذي يحقق تفاعلًا عالياً، مما يخلق حلقة من الإدمان الرقمي"، مضيفاً أنه "ولا ننسى أن تيك توك يستخدم الذكاء الاصطناعي لفهم اهتمامات المستخدمين وتقديم محتوى يلبيها، مما يضمن بقاؤهم على المنصة لفترات أطول".

 

"معتقدات خاطئة واضطراب"

 

لكن الباحث في علم النفس السياسي والاجتماعي، حيدر الجوراني، يحذر من التأثيرات السلبية لتطبيق "تيك توك"، مشيراً إلى أن "طبيعة محتوى الفيديو القصير تجعله سهل الترسيب في اللاوعي".

 

وأكد أن "الدراسات العلمية الحديثة تشير إلى أن 83.7% من محتوى تيك توك يؤدي إلى معتقدات خاطئة نتيجة إغراق الفضاء الرقمي بالتضليل المعلوماتي دون رقابة تخصصية"، كما أثبتت "البحوث العلمية النفسية أن التشخيص الذاتي من قبل المتابعين، واعتقادهم السريع بالمعلومات الخاطئة، يؤدي إلى اضطراب توهم المرض السيبراني"، بحسب الجوراني الذي يكشف أيضاً عن "استخدامات التطبيق مخابراتياً في العمليات النفسية"، مشيراً إلى "ما فعلته روسيا في حربها مع أوكرانيا من خلال التأثيرات السلبية على عمليات التجنيد الأوكرانية".

 

ويحذر مختصون في الصحة النفسية من أن الإدمان المتزايد على وسائل التواصل الاجتماعي ينذر بتفاقم حالات الاكتئاب والقلق النفسي، بالإضافة إلى "مشاكل النوم وزيادة مخاطر الانتحار"، كما يشيرون إلى أن "هذه الأمراض ستشهد ارتفاعاً ملحوظاً في المستقبل القريب". 

 

وفي هذا الصدد يرى الباحث النفسي أحمد مهودر أن  "منصات مثل تيك توك والفيديوهات القصيرة قد أحدثت تحولاً ملحوظاً في كيفية معالجة الدماغ للمعلومات، مما أدى إلى آثار نفسية متعددة، منها ضعف الانتباه والتركيز، وتغيير في طرق التعلم".

 

وأوضح مهودر أن "التعرض لمحتوى سريع ومكثف في فترات قصيرة يؤدي إلى ما يُعرف بالتعزيز الفوري، حيث يحصل الدماغ على دفعات متتالية من الدوبامين، وهو الناقل العصبي المسؤول عن الشعور بالمتعة". 

 

وهذا النمط من الاستثارة المتكررة ـ والحديث لمهودر ـ "يمكن أن يضعف الانتباه والتركيز على المدى الطويل، حيث يتكيف الدماغ مع هذه التدفقات السريعة، مما يقلل من قدرته على معالجة المعلومات المعقدة".

 

التعليم وعقلية التصفح

 

ومع كل ما ذكر، فإن الإدمان على الفيديوهات القصيرة قد يخلق ما يُعرف بـ"عقلية التصفح"، حيث يعتاد الفرد على القفز السريع بين المعلومات، مما يقلل من قدرته على التعمق أو الاستيعاب العميق، وفق مهودر الذي رأى أن "البعض قد يجد صعوبة في التعامل مع المحاضرات الطويلة أو المناهج الدراسية التي تتطلب تركيزاً لفترات ممتدة، ويميلون إلى البحث عن ملخصات سريعة بدلاً من قراءة النصوص الأصلية".

 

وحذر مهودر بأن "ذلك قد يؤدي إلى فقدان القدرة على التحليل النقدي والتفكير العميق"، مستدركاً بالقول: لكن "الحل ليس في رفض التكنولوجيا، بل في التوازن، وذلك من خلال تدريب الطلاب على مهارات التركيز العميق بجانب الاستفادة من الأدوات الرقمية لضمان أن التكنولوجيا تعزز التعلم بدلاً من أن تقوضه".

الجبال

نُشرت في الأربعاء 12 مارس 2025 12:30 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.