تحدثت السفيرة العراقية لدى السعودية، صفية السهيل، عن "تحوّل" العلاقات بين بغداد والرياض، فيما كشفت عن حجم التبادل التجاري بين البلدين خلال 2024، كاشفة عن "اقتراب" البرلمان العراقي من إقرار قانون حماية الاستثمارات السعودية، فيما تطرقت إلى مشروع "جادة بغداد" الذي تروم الرياض تنفيذه في بغداد.
السهيل قالت في حوار مع صحيفة "الشرق الأوسط" تابعته "الجبال"، إن "العلاقات العراقية - السعودية تشهد تحولاً استراتيجياً يعكس رؤية قيادتي البلدين لتعزيز الشراكة في مختلف المجالات السياسية والأمنية والاقتصادية"، لافتة إلى أن "بغداد والرياض اتخذتا خطوات ملموسة لترسيخ أواصر التعاون بما يخدم المصالح المشتركة ويعزز الاستقرار الإقليمي".
وأضافت: "خلال العامين الماضيين، اتخذت بغداد والرياض خطوات ملموسة لتعزيز الشراكة السياسية والأمنية والاقتصادية، وهذا التطور يعكس الإرادة الصادقة لدى الجانبين لتعميق التعاون الاستراتيجي الثنائي، بما يخدم المصالح المشتركة للبلدين والمنطقة العربية بأسرها".
وأوضحت السهيل، أن "العلاقات بين العراق والسعودية شهدت خلال السنوات الأخيرة تطوراً ملحوظاً في التنسيق بشأن القضايا العربية والإقليمية، وذلك استجابةً للتحديات المشتركة التي تواجه المنطقة العربية، حيث تم التركيز على تعزيز التعاون الأمني ومكافحة التنظيمات الإرهابية".
وأضافت، "وشهدت الأشهر الماضية الكثير من الاجتماعات على مستوى عالٍ؛ رئيس الوزراء العراقي زار السعودية والتقى الأمير محمد بن سلمان ولي العهد رئيس مجلس الوزراء، وهناك تنسيق واسع لمواقف عراقية - سعودية تجاه ما يحصل في المنطقة، سواء ما يتعلق بإخواننا في غزة أو لبنان أو في سوريا، أو في المنطقة الإقليمية كافة".
قانون حماية الاستثمارات السعودية
وفي مجال الطاقة، قالت السفيرة العراقية: "يتعاون البلدان ضمن إطار منظمة (أوبك) لضبط أسعار النفط وتحقيق استقرار الأسواق بما يخدم مصالحهما المشتركة"، مشددةً على أن "هذا التنسيق المستمر في مختلف المحافل الدولية ينبع من رغبة البلدين في تحقيق استقرار المنطقة ومواجهة التحديات والتدخلات الخارجية".
تعتقد السفيرة صفية السهيل أن "الاقتصاد هو مفتاح العلاقات، وأن جهودها تركز على التعريف بالفرص الاستثمارية الواعدة في العراق"، مشيرةً إلى "قرب تمرير قانون حماية الاستثمارات السعودية في العراق، بعد استكمال التعديلات المطلوبة بالتنسيق مع الجهات المعنية"، مؤكدةً أن "هذه الخطوة من شأنها تعزيز تدفق الاستثمارات السعودية إلى العراق".
وقالت السهيل: "أحد الأمور التي سنراها خلال المرحلة المقبلة التي تسهل تدفق الاستثمارات أكبر وفق ما سمعناه من الأشقاء في المملكة، تمرير قانون حماية الاستثمارات السعودية، سعى البرلمان العراقي بالتنسيق والتعاون مع الجهات القانونية والتشريعية ذات العلاقة في المملكة إلى تمرير هذا القانون، وسيرى النور في مجلس النواب، وفق ما سمعته من المجلس، خلال الفترة القليلة المقبلة، وسيكون مفتاحاً أساسياً في مسألة تنسيق علاقات استثمارية أعلى، وسيكون بالتأكيد لصندوق الاستثمارات العامة السعودي وصندوق التنمية العراقي الاستثماري الدور الكبير في تعزيز هذه العلاقات".
مشاريع "السيادي" السعودي في العراق
هناك جهود لحث المسؤولين العراقيين والسعوديين على تشجيع "صندوق الاستثمارات العامة" السعودي على العمل في العراق، نظراً إلى أهميته بوصفه واحداً من أكبر الصناديق الاستثمارية عالمياً، وفقاً للسفيرة السهيل.
وأضافت السهيل، "اقترحت السفارة إحالة مشاريع استثمارية استراتيجية مباشرة إلى الصندوق، ونؤكد أهمية توفير حزمة من الضمانات والإعفاءات والحوافز التي تشجع الصندوق على الاستثمار في العراق، وتسريع مصادقة الجانب العراقي على الاتفاقيات الثنائية، بما في ذلك اتفاقية تشجيع وحماية الاستثمار وتطبيق بنود اتفاقية منطقة التجارة الحرة العربية الكبرى".
"جادة بغداد" وحجم التبادل التجاري خلال 2024
من أبرز المشاريع التي ينفّذها "صندوق الاستثمارات العامة" السعودي في العراق، بحسب السهيل، مشروع "جادة بغداد"، "وهو مشروع استراتيجي سكني لمدينة سكنية، قدمتها المملكة لتكون مدينة نموذجية داخل العاصمة بغداد، بالإضافة إلى مشاريع لدعم القطاع الزراعي وتطوير الاستخدام الأمثل للمياه والمرشّات وغيرها، كما يقدم الصندوق دعماً لهيئة الصادرات السعودية".
وبشأن العلاقات الاقتصادية والتجارية بين العراق والسعودية، بينت السهيل، أنها "تشهد تطوراً ملحوظاً ومستمراً، وأن حجم التبادل التجاري بين البلدين بلغ 1.3 مليار دولار عام 2024، مما يعكس زيادة كبيرة مقارنةً بالأعوام السابقة"، على حد تعبيرها.
وأضافت السفيرة، "تعمل الدولتان تحت مظلة المجلس التنسيقي العراقي - السعودي، الذي تم تأسيسه عام 2017 بوصفه إطاراً مؤسسياً يعزز التعاون في مختلف القطاعات، بما في ذلك القطاع الاقتصادي، ويضم المجلس ثماني لجان تغطي القطاعات كافة، لعل من أهمها اللجنة السياسية والأمنية التي تعمل على التنسيق المباشر، ويرأسها نائب رئيس الوزراء العراقي وزير الخارجية فؤاد حسين، ومن الجانب السعودي وزير الخارجية الأمير فيصل بن فرحان، ولجنة الطاقة التي يترأسها من الجانب العراقي نائب رئيس الوزراء وزير النفط، ومن الجانب السعودي وزير الطاقة الأمير عبد العزيز بن سلمان".
34 شركة سعودية في العراق.. رحلة أسبوعية بين بغداد والرياض قريباً
وأفادت السهيل، بأن "عدد الشركات السعودية المسجلة في العراق بلغت 34 شركة، بينما توجد 46 شركة عراقية مسجلة في المملكة".
وكشفت السفيرة العراقية لدى الرياض، عن أن "الخطوط الجوية العراقية سوف تُسيِّر رحلة أسبوعية من بغداد إلى الرياض ابتداءً من مطلع أبريل (نيسان) المقبل، وذلك لتعزيز الروابط بين الشعبين الشقيقين ودعم التبادل التجاري والسياحي بين البلدين".
وكشفت السفيرة السهيل عن "وجود أكثر من 120 طالب عراقي يدرس في الجامعات السعودية"، مشيرةً إلى وجود "رغبة أكبر ليدرس طلابنا في الجامعات السعودية التي أصبح تصنيفها العلمي عالياً جداً، كما نأمل أن نرى طلاباً سعوديين يدرسون في الجامعات العراقية كما كان في الماضي القريب".
استعدادات القمّة العربية في بغداد
أكدت السفيرة صفية السهيل أن "بغداد تواصل استعداداتها لاستضافة القادة العرب في 17 مايو/ أيار المقبل في القمة الرابعة والثلاثين برئاسة العراق". مشيرةً إلى أن "هذه القمة تأتي بعد أن استضاف العراق آخر قمة عربية في عام 2012، مما يعكس المكانة المهمة للعراق ودوره الفاعل على الصعيدين العربي والإقليمي".
وتعتقد السهيل أن القمة "تأتي في ظل ظروف استثنائية تمر بها المنطقة العربية، مما يجعلها ذات أهمية بالغة، ومن المتوقع أن تركز القمة على عدد من الملفات الحيوية، بما في ذلك القضية الفلسطينية وما تعرضت له غزة والأراضي الفلسطينية من دمار، بالإضافة إلى الأوضاع في لبنان وسوريا، ويسعى العراق إلى تعزيز الحوار والتضامن العربي لمواجهة التحديات المشتركة وبناء مستقبل أفضل للشعوب العربية".