ذي قار.. 4 أطباء نفسيين لأكثر من مليوني نسمة

6 قراءة دقيقة
ذي قار.. 4 أطباء نفسيين لأكثر من مليوني نسمة مستشفى الحياة في ذي قار (الجبال)

تعاني محافظة ذي قار، من قلّة عدد الأطباء في مجال الطب النفسي فيها، إذ لا يتجاوز عددهم حالياً 4 أطباء ضمن الاختصاص، رغم أنه في ذلك حاجة ملحة تتمثل بتنامي حالات تعاطي المخدرات التي تتطلب علاجاً نفسياً، إضافة إلى حالات أخرى بعيداً عن دائرة المخدرات، تتطلب تدخلاً طبياً على يد أطباء نفسيين، ولكن لا تناسب بين عدد أطباء ذي قار المختصين في هذا المجال وعدد المراجعين لعلاج الأمراض النفسية، حيث بلغ عدد المراجعين لمركز للعلاج النفسي في المحافظة 121 مراجعاً خلال شهر واحد، بحسب إحصائيات شبه رسمية.

 

"علي"، أحد مواطني ذي قار، يعاني من مرض نفسي "الكآبة"، ويقول لمنصّة "الجبال"، إنه "كان يتلقى العلاج عند أحد أطباء الطب النفسي في محافظة ذي قار لعدة أشهر، ولكن حالته لم تتحسن كما كان يأمل؛ فقرر أن يغيّر طبيبه لعله يجد العلاج الذي ينقذه من معاناته، ولكن في بحثه عن أطباء نفسيين في المحافظة صُدم بعددهم الضئيل، إذ لا يوجد سوى أربعة مختصين في المجال النفسي أحدهم من من محافظة بابل".

 

 

وبعد ما فشل "علي" في العثور على خيارات كافية في ذي قار التي يتجاوز عدد سكانها مليوني نسمة، قرر السفر إلى بغداد، حيث يمكنه الحصول على بدائل أكثر لوجود عدد من الأطباء في هذا الاختصاص، على حد تعبيره.

 

"علي" ليس الوحيد في هذه المعاناة فهناك العديد من المرضى النفسيين في ذي قار الذين لا يجدون العناية الطبية اللازمة بسبب قلّة الأطباء في هذا الاختصاص، فهذه المشكلة تعد تحدياً كبيراً ليس فقط للمواطنين، بل أيضاً للجهات الصحية في العراق التي بحاجة إلى زيادة عدد الأطباء النفسيين وتوسيع خدمات الرعاية النفسية لضمان علاج فعال لجميع المرضى في ظل الزيادة السكانية المستمرة.

 

نقيب أطباء ذي عبد الحسن النيازي، تحدث لمنصة "جبال"، عن العدد الحقيقي لعدد الأطباء النفسيين في المحافظة، "حيث لا يتجاوز عدد المسجلين في هذا التخصص أربعة فقط، وأن هذا الرقم يعد ضئيلاً مقارنة بعدد سكان المحافظة، وأن هذا التخصص يُعتبر من أصعب التخصصات وأقل رغبة بين الطلبة فالطالب يحتاج بالضرورة الى تحفيز وتشجيع على الدخول في هذا التخصص من خلال زيادة عدد المقاعد الدراسية وتوفير الحوافز اللازمة".

 

من جهته أوضح إبراهيم صفاء الصائغ الطبيب الاختصاص في الأمراض النفسية ومعاون مدير مركز الحياة للتعافي من الإدمان والاضطرابات النفسية التابع لدائرة صحة ذي قار، أن "النقص الحاد في عدد الأطباء النفسيين يفاقم من أزمة تقديم الخدمات الصحية النفسية للمواطنين في المحافظة وأن المعايير العالمية تشير إلى أنه يجب أن يكون هناك طبيب نفسي واحد لكل 10 آلاف نسمة في ذي قار بينما هذا غير متوفر في المحافظة".

 

 

وأشار في حديث لـ"الجبال"، إلى أن "الأطباء النفسيين في المحافظة لا يقتصرون على معالجة الاضطرابات النفسية فحسب، بل يتعاملون أيضاً مع متعاطي المخدرات ما يضاعف حجم العبئ الملقى عليهم؛ لذا الأمر يحتاج إلى رفع مستوى الدعم الحكومي للأطباء النفسيين وزيادة التحفيز للطلبة الدارسين في كلية الطب للانخراط في هذا التخصص الحيوي".

 

وأكد الصائغ أن "مركز الحياة للتعافي الذي افتتح عام 2022 قد نجح في معالجة 4485 مريضاً يعانون من اضطرابات نفسية حتى مطلع عام 2025 وهو عدد كبير يتطلب توفير المزيد من الأطباء النفسيين لضمان تقديم أفضل رعاية صحية للمواطنين، وهذا العدد الكلي يبين أن متوسط المراجعين للشهر الواحد في هذه السنوات يصل إلى  121 مريضاً شهرياً ما يوضح حجم الضغط الكبير على الأطباء النفسيين في المحافظة".

 

وفي ظل هذا الوضع يشير الخبراء إلى أن الأطباء النفسانيين في ذي قار، والبالغ عددهم أربعة فقط، لا يمكنهم مواكبة احتياجات أكثر من 600 ألف نسمة في المحافظة، وفقاً للتوزيع السكاني وبالاستناد إلى المعايير العالمية فإن المحافظة بحاجة إلى أكثر من 230 طبيباً نفسياً لتغطية هذه الحاجة بشكل مناسب، وهو ما يعكس عجزاً كبيراً في توفير الرعاية النفسية المناسبة للمواطنين.

 

مسؤول منظمة التواصل والإخاء الإنسانية في محافظة ذي قار علي الناشي، أوضح في حديث لمنصّة "الجبال"، أن "وجود حالات الانتحار والأمراض النفسية في المجتمع المحلي يعود إلى مجموعة من الأسباب العميقة والمعقدة منها التفكك الأسري والظروف الاقتصادية الصعبة، وفي مقدمتها الفقر والبحث عن فرص العمل، التي تشكل العوامل الرئيسية وراء زيادة تلك الحالات المقلقة".

 

 

وأشار الناشي إلى، أن "حالة من التهميش والبطالة تسود صفوف الشباب، حيث يُلاحظ وجود أعداد كبيرة منهم في المقاهي من دون عمل وهو ما يعد مؤشراً خطيراً على فقدان الأمل لديهم، ويزيد من معاناتهم النفسية وهذه الظروف القاسية تساهم في دفع البعض نحو التفكير في الانتحار أو الإصابة بأمراض نفسية، لذا يتطلب الأمر اتخاذ موقف جاد لمتابعة الحالات النفسية والمجتمعية، وأن هذه الأعداد الكبيرة الذين خضعوا للعلاج النفسي في مركز حكومي يوجد منها أعداد مماثلة في العيادات الخاصة".

 

بينما قال رئيس جمعية الأطباء النفسانيين في العراق حيدر المالكي، إن "عدد الأطباء النفسانيين في العراق تجاوز الـ200 طبيب فقط، وسجّلنا وجود زيادة في عددهم والتي جاءت نتيجة الإجراءات التحفيزية التي قدمتها وزارة الصحة مؤخراً، والتي تشمل إعفاء الأطباء النفسانيين من شرط الإقامة في المناطق النائية بالإضافة إلى إعفائهم من شرط المعدل الدراسي لدخول التخصص".

 

 

 

 

الجبال

نُشرت في السبت 1 مارس 2025 09:30 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.