تواصل قوى عديدة جهودها داخل مجلس النواب، لتعديل قانون الخدمة والتقاعد الخاص بهيئة الحشد الشعبي، والتي ترى في إقراره خطوة لإعادة تنظيم الهيئة ككيان وعمل، تقابلها قوى أخرى تعارض التعديل وتعدّه استهدافاً مباشراً للمؤسسة وقياداتها الحالية، فيما يتحدث العديد من المراقبين عن صراع داخل الإطار التنسيقي حول الأمر.
إجراء تنظيمي
ترى كتلة صادقون البرلمانية (الجناح السياسي لعصائب أهل الحق التي يتزعمها قيس الخزعلي)، أن قانون الخدمة والتقاعد لهيئة الحشد الشعبي، لا يستهدف هيكلية الهيئة كما يروج البعض. وقال النائب عن الكتلة رفيق الصالحي، لمنصة "الجبال"، إن "هناك من يريد أن يروج لأن قانون الخدمة والتقاعد لهيئة الحشد الشعبي يهدف إلى استهداف هيكلية الحشد وإحالة القادة البارزين إلى التقاعد وإخراجهم من مناصبهم وهذا الأمر غير صحيح".
وبيّن الصالحي أن "القانون يهدف إلى تنظيم عمل الهيئة بشكل أفضل كحال باقي المؤسسات الأمنية والعسكرية الأخرى، كذلك يضمن حقوق مقاتلي الحشد الشعبي، ويضع حد لقضية تجاوز العمر القانوني لبعض القيادات وهذا أمر طبيعي معمول به بكل مؤسسات الدولة الأمنية والعسكرية الأخرى".
وبحسب النائب عن صادقون فإن "الخلاف حالياً منحصر على قضية السن القانوني، وهناك مقترحات ضمنها بأن تكون صلاحية حصرية للقائد العام للقوات المسلحة في أن يمدد عمل من يشمله قانون التقاعد بحسب مقتضيات المصلحة العليا".
وختم النائب حديثه للجبال بقوله إن "الخلافات الحالية بشأن القانون لا يمكن أن تؤدي إلى تفكك الإطار التنسيقي كما يتمنى البعض ذلك، والإطار متماسك وسيبقى متماسكاً"، ميناً أن "هذه الاختلافات قابلة للنقاش والاتفاق، والإطار مر بأصعب منها وتجاوزها بفضل تماسكه".
خلاف شيعي - شيعي يعطّل تمرير القانون
بنفس السياق، أكد حزب تقدم الذي يترأسه محمد الحلبوسي، أن الخلاف ما بين قوى الإطار التنسيقي هو ما عرقل تمرير قانون الخدمة والتقاعد لهيئة الحشد طيلة الفترة الماضية.
وقال عضو الحزب محمد الدوري لـ"الجبال"، ان "القوى السياسية السنية بصورة عامة ليست لديها أي خلافات أو اعتراضات على قانون الخدمة والتقاعد لهيئة الحشد الشعبي، والخلاف على القانون ينحصر بين قوى الإطار التنسيقي حصراً".
ولفت الدوري إلى أن حزبه "مع تشريع القانون كونه ينظم عمل الهيئة بشكل أكبر، وينهي الخروقات القانونية باستمرار شخصيات في المناصب لفترات طويلة رغم شمول أعمارهم بالسن القانوني للتقاعد".
وأضاف أن "الخلاف ما بين قوى الإطار التنسيقي أثّرٍ بشكل كبير على مجلس النواب، فهذا الخلاف عطل الجلسات الأخيرة وسيعطل الجلسات المقبلة، ولهذا يجب حسم الخلاف سريعاً حتى تمارس السلطة التشريعية مهامها".
صراع انتخابي مبكّر
الباحث في الشأن السياسي محمد علي الحكيم، أكد وجود صراع محتدم داخل الإطار التنسيقي على رئاسة هيئة الحشد الشعبي وباقي المناصب العليا داخل الهيئة.
وقال الحكيم، لـ"الجبال": "هناك صراع شديد ومحتدم داخل الإطار التنسيقي، حول رئاسة هيئة الحشد الشعبي وباقي المناصب العليا داخل الهيئة، لهذا جاء طرح قانون الخدمة والتقاعد لهيئة الحشد بهدف إخراج رئيس الهيئة وقيادات أخرى، حتى تستولي على المناصب شخصيات أخرى من قوى الإطار".
وأضاف أن "هذا الصراع داخل الإطار التنسيقي على هيئة الحشد الشعبي يؤدي إلى انهيار الإطار خلال المرحلة المقبلة، خاصة مع قرب الانتخابات البرلمانية، التي سوف تزيد من حدة هذا الصراع، فكل جهة سوف تعمل على استغلال كل الظروف والأزمات لضرب الخصوم، وهيئة الحشد الشعبي حالياً هي ضمن الصراع الانتخابي المبكر".
وتصر أطراف سياسية على تمرير قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي، على رأسها ائتلاف دولة القانون بزعامة نوري المالكي، والصادقون بزعامة قيس الخزعلي، وقد قاطعت الكتلتان الجلسات البرلمانية لأكثر من مرة احتجاجاً على غياب فقرة "قانون الحشد الشعبي" من جدول أعمال البرلمان ما دفع إلى اختلال النصاب.
ويمثل القانون الذي تعود جذوره إلى العام 2014، أحد الملفات المعقدة في المشهد السياسي العراقي، إذ لعب الحشد الشعبي دوراً محورياً في الحرب ضد تنظيم "داعش"، ما جعله قوة مؤثرة بالمشهد الأمني والسياسي للبلاد.
الأزمة الرئيسة التي تواجه القانون هي مسألة "السنّ القانوني" وكيفية توظيفه داخل القانون ليتكيّف مع جميع منتسبي هيئة الحشد الشعبي، فيما تذهب ترجيحات إلى أن الحشد الشعبي سيدمج مع الجيش العراقي بعد إقرار القانون.
الكتل المُصرة على تمرير قانون الحشد، ترى أن الدورة البرلمانية الحالية هي فرصتهم لتشريعه لما يملكونه من أغلبية، في حين تستبعد إقرار القانون بالدورات البرلمانية المقبلة، مرجحة "حلّ الحشد" من قبل "أحزاب المستقبل".
وأكد ثائر مخيف الجبوري، النائب عن ائتلاف دولة القانون الذي يتزعمه نوري المالكي، في حديث سابق لمنصة الجبال أن "القانون بحاجة إلى تعديل وأبرز تلك التعديلات هو السنّ القانوني للمنتسبين، لاسيما القيادات"، مشيراً إلى أن "قيادات الحشد الشعبي من الممكن أن يكونوا مستشارين في الهيئة".
وتطرق إلى وجود مقترح لـ"دمج الحشد الشعبي في الجيش العراقي"، لافتاً إلى أن "الحشد ينقسم إلى قسمين، حشد شعبي رسمي ومعترف به، والقسم الثاني ما يسمى بالفصائل، وهذا الخلط هو أحد الأسباب المؤثرة على المضي بالقانون".
وفيما يخص الحديث عن وجود "فيتو أميركي" لتعطيل قانون الحشد، أكد الجبوري أن "أميركا دولة محتلة، هي وشاكلتها ليس لها أي تأثير على قرارات العراق"، مشيراً إلى أن "أغلب الكتل السياسية داعمة لتشريع قانون الخدمة والتقاعد للحشد الشعبي، أما الاعتراض فهو بخصوص مضمون القانون وفقراته".