"الجبال" تتحرى حول قصص بيع النزلاء والمراهقين داخل السجون: غرف vip.. وهناك مخدرات

6 قراءة دقيقة
"الجبال" تتحرى حول قصص بيع النزلاء والمراهقين داخل السجون: غرف vip.. وهناك مخدرات

آلاف الدولارات في ظاهرة وصفت بـ"العار"

ينقل نزلاء السجون في العراق قصص صادمة عن سماعها لأول مرة، عن ما يسمى بـ"بيع الحلوين"، وتبادل المراهقين بين السجناء من تجار المخدرات وغيرهم.

وبحسبهم، فإنّ آلاف الدولارات تدفع داخل السجون لقضاء ليالٍ مع نزلاء شباب نُقلوا من سجون الأحداث إلى السجون الإصلاحية المركزية، مما يمثل انتهاكاً صارخاً لحقوق الانسان، فضلا عن اكتظاظ السجون بالنزلاء وإدخال الممنوعات.

 

فضيحة في سجن التاجي

 

العام الماضي أقرت وزارة العدل بوجود انتهاكات داخل السجون، دفعت إلى عزل 20 موظفاً حينها، وفي العام ذاته سُرب مقطع مصور من داخل سجن التاجي بالعاصمة بغداد، يستغيث فيه السجناء من هول ما عانوا منه من "انتهاكات غير إنسانية وغير أخلاقية"، وفق وصفهم. 

 

وقرر وزير العدل خالد شواني، في مطلع كانون الثاني 2023، إعفاء مدير سجن التاجي ومعاونيه، ومسؤول شؤون الداخلية والأمن، ومسؤول التصاريح الأمنية، من مناصبهم وإحالتهم إلى الجهات التحقيقية بشأن ما ورد من الاتهامات في الفيديو المسرب من داخل السجن.

 

وبلغ الاكتظاظ الحالي في السجون العراقية البالغ 27 سجن، إلى 300% ، بواقع 65 ألف نزيل مع أنها مصممة لاحتواء 25 ألفاً، وفق وزارة العدل.

 

ووصل عدد السجناء من الرجال والنساء إلى أكثر من 66 ألفاً حتى العام الحالي، فيما يوجد 1360 حدثاً ضمن دوائر إصلاح الاحداث، و 176 حدثاً كأمانة في قواطع دائرة الإصلاح.

 

 

"الحلوين" إلى زنازين vip

 

وصف (ص.أ) أحد النزلاء في السجون الإصلاحية في لقاء بثته قناة فضائية محلية، ما يحدث في السجون بـ"الغابة التي يفترس فيها القوي الضعيف".

ويقول، إنّ "القائمين على إدارة السجن يبتكرون طرقاً عجيبةً لابتزاز السجناء وإذلالهم، ومساومتهم على كل شيء"، مؤكداً أن "الاكتظاظ وصل إلى مراحل لا تطاق.. الغرفة التي تستوعب 10 أشخاص يكون فيها 40 شخصاً!".

"الانقطاع في الكهرباء يصل إلى ساعات عدة دون اكتراث من إدارة السجن"، يقول النزيل ويضيف، أنّ "المعنيين بإدارة السجن يبتعدون عن السجناء عند انقطاع التيار الكهرباء، وتحصل الكثير من حالات الإغماء والتسمم داخل السجن".

 

وتطرق إلى ظاهرة "بيع الحلوين"، مؤكدا أن "النزلاء يتم بيعهم بالتعاون مع بعض حراس السجن، والنزيل يباع إلى نزيل متنفذ مقابل آلاف الدولارات في الأسبوع الواحد".

ويضيف، أنّ "هناك نزلاء حلوين يتم وضعهم في جناح خاص تحت إشراف مدير السجن أو معاونه، ويتم بيعه مقابل 20 – 30 ألف دولار لممارسة الأمور غير الأخلاقية داخل السجون لاسيما في بغداد".

وحاولنا أكثر من مرة الحصول على تعليق من وزارة العدل بشأن هذه القضايا لكن لم نتلقَ أي رد.

 

بيع المراهقين

 

بدوره، أكد مستشار رئاسة البرلمان إبراهيم الدليمي، أن ظاهرة بيع النزلاء والمخدرات داخل السجون العراقية، ليست وليدة اللحظة وإنما منتشرة منذ سنوات عدة.

 

"عند نقل الاحداث من سجون الأحداث إلى السجون الإصلاحية الكبيرة يتم بيعهم من خلال صفقات بين النزلاء وإدارة السجن"، يقول الدليمي لمنصة "الجبال" ويضيف، أن "ما يحدث داخل السجون العراقية أصبح وصمة عار على جبين حقوق الإنسان".

ويلفت إلى أن "النزلاء يعيشون أوضاعاً مأساوية لا تتناسب مع ما يطلق على سجونهم بأنها إصلاحية"، مشيراً إلى أنّ "بيع النزلاء الشباب وصل إلى مراحل فظيعة، إذ يتم زواجهم والعيش معهم لعدة شهور ومن ثم يباعون إلى نزلاء آخرين".

 

وشدد الدليمي على "ضرورة إقرار قانون العفو العام؛ لتخفيض نسبة الاكتظاظ داخل السجون"، مشترطاً "بقاء الإرهابيين المتورطين بعمليات قتل وتفجير للأبرياء داخل السجن".

وطالب بـ"إعادة التحقيق مع السجناء"، لافتاً إلى أن "الكثير من السجناء زجوا بالسجن نتيجة دعاوى كيدية".

 

وكان البرلمان العراقي، قد أنهي القراءة الأولى لتعديل قانون العفو العام، بداية شهر آب الجاري، ويتضمن التعديل المقترح، فقرة واحدة فقط، يقول المطالبون بها إن "هدفها تحديد المقصود بجريمة الانتماء للتنظيمات الإرهابية بناءً على ما جاء في المنهاج الوزاري الذي أقره البرلمان"، ويسعون إلى تلافي عدم الدقة في صياغة أصل القانون الصادر عام 2016.

وتشترط الفقرة التي يراد تعديلها عبارة "يقصد بجريمة الانتماء للتنظيمات الإرهابية كل من عمل في التنظيمات الإرهابية، أو قام بتجنيد العناصر لها، أو قام بأعمال إجرامية، أو ساعد بأي شكل من الأشكال على تنفيذ عمل إرهابي، أو وجد في سجلات التنظيمات الإرهابية".

 

افتتاح سجون جديدة

 

من جانبه، يعزو الباحث بالشأن الأمني سرمد البياتي أسباب تفاقم ظاهرة بيع النزلاء وتجارة المخدرات وإدخال مواد ممنوعة، إلى اكتظاظ السجون.

 

ويذكر البياتي في حديث لمنصة "الجبال"، أن "السجون تحتاج الى رقابة شديدة"، كاشفا عن قرب افتتاح ثلاثة سجون إصلاحية جديدة.

 

وأعرب الباحث الأمني عن أسفه قائلاً إن، "بناء سجون جديدة في ثلاث محافظات، يعني زيادة نسبة الجريمة وانتشارها"، مستدركا "لا يمر يوماً دون أن نسمع بجريمة".

ويشير البياتي الى، أن "الأحداث داخل السجون يفتقرون إلى الحماية وقضية المتاجرة بيهم ليست بالبعيدة عن الواقع، والملف يتطلب تدخل حكومي".

 

وأثارت تلك الأنباء غضباً شعبياً واسعاً على مواقع التواصل الاجتماعي، حيث طالب نشطاء وحقوقيون، بضرورة فتح ملف "بيع النزلاء"، وإجراء تحقيقات عادلة لمعرفة ملابساته.

 

وفي تموز الماضي، وجه رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني، برفع مستويات الخدمة المقدمة للنزلاء، والاستمرار بعمليات تأهيل مراكز الاحتجاز والسجون وتوفير البنى التحتية الكاملة؛ من أجل تفادي الاكتظاظ، ومنع تجاوز عدد النزلاء في أي مركز عن الأعداد المقررة تصميميا.

وأشار السوداني إلى أن "بعض السجون لا تحتوي على معايير حقوق الإنسان وهي من فترة الاحتلال الأميركي".

 

"اعتداءات جنسية"

 

وكان المركز العراقي لتوثيق جرائم الحرب قد كشف في تقرير له، نهاية العام الماضي، وفاة نحو 50 معتقلاً نتيجة "عمليات التعذيب والإهمال الطبي والاعتداء الجنسي في السجون التابعة للحكومة المركزية"، مبيناً أنّه ما بين كانون الثاني الماضي آب الماضي توفّي 49 معتقلاً، 39 منهم في سجن الناصرية المركزي، وثمانية في سجن التاجي (شمالي بغداد)، بالإضافة إلى توثيق حالة انتحار في مراكز شرطة إجرام الموصل في محافظة نينوى (شمال)، ووفاة واحدة في مركز تابع لمكافحة الإجرام في العاصمة بغداد.

 

وبحسب التقرير الأممي، فإن أساليب الاعتداء تشمل "الضرب المبرح، والصعق بالكهرباء، والوضعيات المجهدة، والخنق ووقوع أعمال عنف جنسي".

حسين حاتم صحفي عراقي

نُشرت في الثلاثاء 13 أغسطس 2024 06:50 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية

© 2024 الجبال. كل الحقوق محفوظة.