للمرة الأولى، يطلب مصرف الرافدين من عملائه جواز سفر في "ماستر كارد" و"فيزا كارت" بالتعاملات الدولية، ما يدفع إلى طرح أسئلة عديدة من قبل مختصين ومهتمين، خاصة في ظل أحاديث عن "ضغوط" يتعرض لها المصرف من قبل الجانب الأميركي تتهمه بـ"تهريب الدولار" لإيران، فضلًا عن دعم فصائل مسلحة.
وخلال الأيام الماضية أرسل مصرف الرافدين إشعاراً لزبائنه، قال إنه "بناء على توجيهات من البنك المركزي العراقي، طالب فيها العملاء بتزويد المصرف بجواز سفر ساري الصلاحية عبر تطبيق خدمات كي، قبل نفاذ 7 اذار للعام الحالي، لضمان استمرار استخدام بطاقات (الماستر كارد) و(الفيزا) في التعاملات الدولية خارج البلاد والتي تشمل عمليات الشراء والدفع الإلكتروني عبر نقاط البيع والسحب النقدي"، منبهاً إلى أنه "في حال عدم تحديث البيانات، ستقتصر الخدمات على العمليات داخل العراق فقط".
وجاء الإجراء بالتزامن مع ما دعا إليه النائب الجمهوري جو ويلسون، في منشور على حسابه بمنصة "إكس"، وزارة الخزانة الأميركية إلى فرض عقوبات على بنك الرافدين العراقي الرسمي، الذي يقوم بحسب قوله بـ"تهريب أموال طائلة إلى إيران".
وقال ويلسون قبل أيام، إن "الضغط الأقصى على إيران يعني الضغط الأقصى على العراق.. إبدأ ببنك الرافدين"، مخاطباً الخزانة الأميركية بقوله: "توقف عن السماح للميليشيات العراقية والنظام الإيراني بتهريب 500-600 مليون دولار شهرياً من أكبر بنك في العراق"، مؤكداً أن "ترامب سوف يصلح الأمر".
المالية النيابية "لا تعرف" وتريد أن تقدم سؤالاً برلمانياً
من جانبها، طالبت اللجنة المالية البرلمانية، اليوم الأحد، مصرف الرافدين وشركة الماستر كارد بتوضيح السبب وراء طلب الشركة جواز السفر في التعاملات الدولية خارج البلاد، لأنها "لا تعرف" السبب وراء ذلك.
وقال عضو اللجنة معين الكاظمي، لـ"الجبال"، إن "طلب شركة الماستر كارد جوار السفر من قبل حاملي تلك البطاقة للدفع الإلكتروني غير واضح، ولا نعرف أسبابه، خاصة وأن الطلب جديد، ولا نعرف لماذا لم تطلب الشركة هكذا بيانات منذ البداية".
وبحسب الكاظمي، فإنه "سيتم تقديم سؤال برلماني لمعرفة الأسباب وإن كان له أي علاقة بأي تخوف من أي عقوبات أميركية".
ويقول الكاظمي إن "شركات الدفع الإلكتروني المختلفة يجب أن تكون صريحة وواضحة مع زبائنها، ولا تكون هناك ضبابية في التعامل، فهذا يؤثر على سمعتها في الدرجة الأساس، وكذلك يثير الريبة لدى المواطنين من هكذا طلبات مع ورود مخاوف وتحذيرات وفق تقارير إعلامية من عقوبات أميركية مرتقبة على مصرف الرافدين أو غيره من المصارف الحكومية".
الرافدين "أدرك" خطورة التوجهات الأميركية
لكن الخبير المختص في الشأن المالي ناصر الكناني، يرى أن السبب وراء مطالبة المصارف عملائها بجواز السفر في استخدام بطاقات الدفع الذكية "ماستر كارد" و"فيزا كارد" في التعاملات الدولية خارج البلاد، "استجابة لضغوطات خارجية".
وقال الكناني، في حديث لمنصة "الجبال"، إن "هذه الخطوة جاءت بعد الضغوطات والرقابة الأميركية الكبيرة على عمل النظام المصرفي العراقي بصورة عامة، كذلك مراقبة شركات الدفع الإلكترونية التي اصبح الكثير يستخدمها بهدف تهريب العملات والأموال إلى الخارج، عبر هكذا طرق مختلفة".
وأضاف أن "النظام المصرفي العراقي أدرك خطورة التوجهات الأميركية المقبلة، لهذا يريد تشديد العمل بشكل كبير على كافة منافذ تهريب العملة والأموال، والحد منها، وخطوة شركة الماستر كارد، جاءت بطلب من البنك المركزي العراقي".
وبحسب الخبير المالي، فإن "هناك أموال تهرب عبر تلك البطاقات في دول مختلفة، ولهذا نتوقع صدور قرارات وإجراءات مختلفة بالأيام المقبلة، تتضمن خطوات للحد من عمليات تهريب العملة بكافة الطرق".
ومع وجود دونالد ترامب في البيت الأبيض، يحذر سياسيون وخبراء من خطورة فرض أي عقوبات أميركية على النظام المصرفي العراقي خلال المرحلة المقبلة، خاصة "مصرف الرافدين"، إذ أن هناك إمكانية لأن يشهد العراق "نتائج كارثية" في حال فرض العقوبات، وذلك بعد تداول مذكرة صادرة عن الرئاسة الأميركية، تشدّد على تضييق الخناق على إيران، أعقبتها دعوات سياسية أميركية لإيقاف التمويل لجهات عراقية وفرض عقوبات على مصارف، وأهمها مصرف الرافدين الحكومي، المتهم من قبل نائب أميركي برعاية تهريب الأموال إلى إيران وفصائل مسلحة موالية لها.
عضو اللجنة المالية النيابية، مصطفى الكرعاوي، قال في حديث سابق لـ"الجبال"، إن "الأوضاع الاقتصادية والمالية في العراق ممكن أن تنهار إذا ما فرضت الولايات المتحدة الأميركية أي عقوبات على النظام المصرفي العراقي، فهذا الأمر سوف تكون له نتائج كارثية حقيقية".
والثلاثاء الموافق 4 شباط الجاري، نشرت البيت الأبيض مذكرة رئاسية بشأن الأمن القومي الأميركي، تضمنت في جزء منها تشديد العقوبات على إيران، إذ وجهت المذكرة بـ "الحفاظ على التدابير المضادة ضد إيران في إطار فريق العمل المالي، وتقييم عتبات الملكية لضمان حرمان إيران من جميع الإيرادات غير المشروعة المحتملة، وتقييم ما إذا كان ينبغي للمؤسسات المالية اعتماد معيار (Know Your Customer’s Customer - اعرف عميل عميلك) للمعاملات المتعلقة بإيران من أجل منع التهرب من العقوبات بشكل أكبر".
وكذلك، "اتخاذ خطوات فورية، بالتنسيق مع وزير الخزانة والوكالات الأخرى ذات الصلة، لضمان عدم استخدام إيران للنظام المالي العراقي للتهرب من العقوبات أو الالتفاف عليها، وهكذا عدم استخدام دول الخليج كنقطة تحويل للتهرب من العقوبات".