لمدة 14 عاماً يعيش أهالي قضاء الرطبة، أقصى غربي محافظة الأنبار، قرب الحدود العراقية الأردنية بلا كهرباء، لكن مؤخراً، أحس الأهالي لأول مرة بنسمات الهواء البارد، ورأوا الأضواء في مدينتهم التي يمر بها أشهر واديين في البلاد، هما "حوران" و"المساد"، وتحت مئات الأطنان من رمالها، تقع كنوز "الزيركون" والنحاس والألومينيوم والزجاج ومعادن أخرى.
كان يسكن في هذا القضاء 50 ألفاً، لكن الكثير منهم هاجروا إثر انقطاع المياه والكهرباء. وطيلة عقد ونصف، كان يعيش سكان هذه المدينة بطريقة بدائية، حيث يعتمدون على شراء "تناكر" الماء القادمة من المدن البعيدة عن القضاء، وهي غالباً مياه آبار أو لا تصلح للشرب، ولذلك تسببت هذه المياه بكثير من الأمراض للسكان، وفق حديث مع "أبو فيصل"، الذي يعيش طيلة عمره في المدينة.
ويقول "أبو فيصل" لـ"جبال": "كانت معيشتنا بدائية واضطر معظم سكان المدينة إلى النزوح منها بسبب شح الماء وانقطاع الكهرباء، فلا يمكن العيش في مدينة بلا ماء ولا كهرباء أبداً، كنا نفرح بوصول تناكر المياه القادمة من المدن الأخرى التي تبعد مئات الكيلومترات عن مدينتنا، ولكن ما الفائدة؟ فهي فرحة وقتية وتنتهي بنفاذ كمية المياه".
مشكلة الكهرباء انتهت.. بقي العطش
في 11 شباط/فبراير من العام الماضي، أبرم العراق مع الأردن وثيقة تفاهم تقضي بتزويد الجانب العراقي بـ40 ميغاواط من الكهرباء قادمة من الأردن عبر خط ناقل كمرحلة أولى، ليدخل الخط الخدمة الفعلية بعدها بمدة وجيزة ويبدأ بتجهيز العراق بالطاقة الكهربائية.
ومع دخول الخط الناقل العراقي الأردني حيز التنفيذ، أصبحت مدينة الرطبة، هي المدينة الوحيدة في العراق التي ليست فيها مولدات أهلية، إذ أنّ الطاقة الكهربائية تغذيها لـ24 ساعة متواصلة، كما يقول عابد الأنباري الذي يشير إلى أنّ "الكهرباء كانت مشكلة تؤرقنا لسنوات طويلة ولكن بقيت لدينا مشكلة المياه، ونأمل أن تحل في القريب العاجل لنعود إلى حياتنا الطبيعية من جديد".
قائممقام قضاء الرطبة عماد مشعل الدليمي، قال إن "قضاء الرطبة أصبح الآن ينعم بالطاقة الكهربائية بشكل مستمر دون انقطاع ولـ24 ساعة متواصلة في اليوم، حيث عمل الخط الناقل العراقي الأردني على تغذية المدينة بالطاقة رغم التهالك الذي تعانيه شبكة التوزيع في المدينة والعطل الذي أصاب بعض المحولات الكهربائية".
وأضاف الدليمي أنّ "أعمال صيانة الشبكة الكهربائية في مدينة الرطبة متواصلة لفك الاختناقات وإصلاح الأعطال واستبدال المحولات التالفة أو المتهالكة بالتعاون مع وزارة الكهرباء التي وعدتنا بتنفيذ مشروع واسع لتأهيل شبكة توزيع الكهرباء في الرطبة لضمان بقاء استمرار الطاقة الكهربائية".
وقال الدليمي أيضًا إنّ المدينة "شهدت حياة جديدة بعد عودة التيار الكهربائي حيث بدأت الأسر التي نزحت من الرطبة بسبب انقطاع الكهرباء وشح الماء بالعودة إليها، ولأول مرة تتم إنارة شوارع الرطبة الرئيسية بالكهرباء الوطنية".
مدير قطاع الكهرباء في الرطبة، المهندس ليث عبد الإله الدراجي، أوضح أن "انقطاع الكهرباء في المدينة دام لأكثر من 14 عاماً وقد عادت الكهرباء اليوم عبر الربط مع الجانب الأردني بخط 400 كيلوفوت وتحويل 132 كيلوفولت للمحطة الثانوية وجهزت المدينة بالكهرباء عن طريق المحطة المتنقلة واستقرت المنظومة الكهربائية في الوقت الحالي، ونعمل على جعل الطاقة مستمرة ليلاً ونهاراً عبر تأهيل المحولات الكهربائية وتبديل الأسلاك للحفاظ على الشبكة الكهربائية".
ويتحدث المواطن محمد سلام، وهو من أهالي القضاء، عن معاناة سكان الرطبة سابقاً بسبب انقطاع الكهرباء، قائلاً إننا "كنا نعاني من انقطاع تام للكهرباء الوطنية ونعتمد على المولدات المنزلية الصغيرة وكانت أعمالنا معطلة وحياتنا قاسية جداً، والآن عاد الحي الصناعي والورش الفنية للمواطنين، والمزارع بدأت بالعمل من جديد بعد توقف طويل جداً".
وتشكو "أم محمد" من مشكلة عدم وجود مياه في القضاء، قائلة: "نتمنى من الحكومة الالتفات إلى قضية المياه في قضاء الرطبة لإنهائها، كما أنهت أزمة الكهرباء بعد معاناة طويلة".