أعلنت المفوضة الأوروبية المكلفة بإدارة الأزمات، حاجة لحبيب، من دمشق إطلاق حزمة مساعدات إنسانية جديدة مخصصة لسوريا ودول الجوار بقيمة 235 مليون يورو، في دعم يأتي بعيد إطاحة حكم الرئيس بشار الأسد.
وعبّرت لحبيب التي التقت رئيس الإدارة السورية الجديدة أحمد الشرع في العاصمة السورية، الجمعة، عن إعجابها برغبته في إحلال السلام في بلاده وجعل الأوروبيين "حلفاء".
وقالت في مقابلة مع فرانس برس، بعد لقاء مع الشرع استمر ساعتين في أحد مكاتب القصر الرئاسي "انطباعي هو أنه رجل براغماتي" ومستعد للعمل "من أجل تهدئة" الوضع في سوريا وإعادة إعمارها.
كانت لحبيب قالت قبل ذلك أمام الصحافيين "ما سمعته مشجع حقاً، وفيه كثير من الحكمة. لكننا الآن بحاجة إلى تحرك" من جانب السلطات الجديدة.
والشرع هو زعيم جماعة "هيئة تحرير الشام" التي تقول إنها انفصلت عن التيار الجهادي، وقد أظهر زعيمها الكثير من علامات الانفتاح وحسن النية منذ أن سيطرت فصائل المعارضة على دمشق، بلا قتال تقريبا، في 8 كانون الأول 2024. وقالت لحبيب في هذا الإطار إنه "من حقنا ألا نصدق ذلك"، لكنها أوضحت أنه من المهم عدم التخلي عن سوريا في الوقت الذي هي في أمس الحاجة إلى مساعدة.
وأضافت "دعونا نساعدها، لكن من دون أن نكون ساذجين".
وتابعت "التحديات هائلة بعد 50 عاماً من الانقسامات والانشقاقات"، موضحة أن السكان منهكون بعد عقد من الحرب وسنوات من القمع الوحشي، و"الخطر هو أن يثور الناس" إذا لم يتم القيام بأي شيء سريعاً لتحسين أوضاعهم.
وتحدث الشرع "بلغة لا تشوبها شائبة" لمدة ساعتين، حسب لحبيب، موضحة أن "كل ما أردنا سماعه سمعناه"، بما في ذلك ما يتعلق بالمرأة. لقد كرر رئيس الإدارة السورية الجديدة وعده بعقد مؤتمر وطني يضم "جميع مكونات" البلد الذي يعيش فيه مواطنون من ديانات عدة جنباً إلى جنب. وأشار إلى أنه عيّن امرأة لتولي رئاسة البنك الوطني السوري.
كما أكد الشرع أن "ما يقلقكم يقلقنا نحن أيضاً"، في تصريحات نقلتها المفوضة الأوروبية.
مع ذلك، كان الشرع متحفظاً جداً بشأن مستقبل القاعدتين الروسيتين في سوريا اللتين طالبت دول أوروبية عدة بتفكيكهما.
رفع العقوبات على جدول الأعمال
من ناحية أخرى، دعا الشرع مجدداً إلى رفع العقوبات الأوروبية المفروضة على بلاده من أجل تسهيل إعادة إعمارها. وقدمت لحبيب تأكيدات بأن هذا الموضوع سيكون على جدول أعمال مجلس وزراء خارجية الاتحاد الأوروبي المقبل الذي سيعقد في بروكسل في 27 كانون الثاني 2025.
أوضحت لحبيب أنه "سنحتاج إلى الإجماع (في الاجتماع) لرفع العقوبات".
ومنذ إطاحة الأسد، تشكل دمشق وجهة لمسؤولين عرب وأجانب، كان آخرهم، وفد قطري برئاسة رئيس مجلس الوزراء، وزير الخارجية القطري محمّد بن عبد الرحمن آل ثاني، الذي لسوريا الخميس.
وقالت لحبيب في مؤتمر صحافي عقب لقائها الشرع في القصر الجمهوري "جئت إلى هنا لأطلق حزمة جديدة من المساعدات الانسانية بقيمة 235 مليون يورو لسوريا ودول الجوار، للمساهمة في توفير احتياجات رئيسة في مجالات المأوى والغذاء والمياه النظيفة والخدمات الصحية والتعليم في حالات الطوارئ".
واعتبرت أن هذا الدعم يظهر "التزام الاتحاد الأوروبي الوقوف إلى جانب الشعب السوري".
وفرّ ملايين السوريين من البلاد بعد اندلاع النزاع عام 2011. ولجأت غالبيتهم إلى الدول المجاورة، ما شكل عبئاً إضافياً على كاهل البلدان المضيفة.
وأضافت لحبيب "نعتمد على السلطات الحالية لضمان وصول غير مقيّد وآمن للجهات الفاعلة الإنسانية إلى كل مناطق سوريا، بما في ذلك تلك الموجودة في المناطق التي يَصعُب الوصول إليها والمتأثرة بالنزاعات مثل دير الزور والقامشلي" في شمال البلاد وشرقها.
وتواظب الإدارة السورية الجديدة بقيادة هيئة تحرير الشام منذ إطاحتها نظام الأسد، على توجيه رسائل طمأنة إلى الأقليات والمجتمع الدولي الذي يوفد ممثلين عنه إلى دمشق، لناحية احترام الحقوق والحريات وحماية المكونات السورية كافة وإشراكها في بناء سوريا الجديدة.
وتقود الإدارة الجديدة المرحلة الانتقالية في البلاد التي يُفترض أن تستمر حتى آذار المقبل.
وقالت لحبيب "نحن عند منعطف تاريخي، لذلك كل القرارات التي ستتخذ هي قرارات مهمة جداً".