بينما ما يزال النقاش حول مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية على صفيح ساخن وبين مؤيد ورافض، احتدم النقاش في وسائل الإعلام العراقية، ليدخل الجدل العديد من القانونيين الذين تحتاجهم مساحات النقاش في تحليل بنود القانون وتقييم مدى انسجامه مع الدستور والحريات الشخصية والقوانين الحديثة، خاصة وإن التعديل المقترح، يتعلق في صلب عمل القانونيين والمحامين.
وفي هذا المسار، وجهت نقيب المحاميين أحلام اللامي كتاباً تخاطب فيه هيئة الإعلام والاتصالات، طلبت فيه بـ"اتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة بحق القنوات الفضائية التي تسمح بالظهور الإعلامي للمحامين"، ما أثار الجدل حول الكتاب الذي اعتبره نشطاء جزء من "رحلة تكميم الأفواه" التي يشهدها العراق، مستغربين من دخول النقابات في هذه الرحلة.
"نقابات سلطوية"
وتعتقد الناشطة في حقوق الإنسان، رؤى خلف بأنّ الكتاب "مؤشر من مؤشرات تكميم الأفواه"، معتبرة أنّ هذه النقابات، ومنها نقابة المحامين العراقيين "سلطوية وكل إجراءاتها تصب في مصلحة السلطة وتعكس إرادة السلطة".
وبالوقت نفسه، أعربت رئيسة جمعية الأمل العراقية، هناء إدوارد عن استغرابها "من قيام نقيب المحامين بممارسات مشابهة لممارسات السلطات الحكومية في تقييد الحريات، وقالت إدوارد: "بينما اعتدنا على ممارسات السلطات في تكميم الأفواه، تقوم نقيب المحامين بهذا الدور، معتبرة أن ما حدث "ممارسة ساذجة فاقدة الصلاحية".
أما المحامي، ساطع عمار، فقد انتقد "صمت النقابة حيال العديد من القضايا القانونية والدستورية، واصفاً الكتاب بأنه يأتي في "سياق سلبي، يتماشى مع تكميم الأفواه الذي تمارسه الحكومة، مؤكداً على "دور النقابة في التأشير على دستورية القوانين والانتهاكات القانونية".
القانونيون كمحرك للرأي العام
تؤكد الناشطة رؤى خلف، على أهمية دور المحامين والقانونيين في توجهات منظمات المجتمع المدني، وقالت: "نحن كنشطاء لا نتخذ أي خطوة دون استشارة خبراء القانون، فهم يزودوننا بالمعلومات اللازمة حول التشريعات القائمة ومواءمتها للمعايير الدولية، مما يساعدنا على اتخاذ قرارات مدروسة وفاعلة، خاصة فيما يتعلق بصياغة مطالبنا".
هذا وشددت، رئيسة جمعية الأمل، هناء إدوارد، على الدور المحوري للمحامين في إيصال صوت المواطنين إلى المحاكم والمؤسسات الحكومية، مؤكدة أن "المحامين هم على تماس مباشر بمعاناة الناس وقضاياهم".
أدوات السلطة
في الأثناء، وصف الباحث العراقي والكاتب، حيدر سعيد إجراءات النقابة بأنها "تعمل بالمقلوب"، إذ "أصبحت رقيباً، تفرض القيود على أعضائها، وتملي عليهم وصايا، لا تتعلق بالأبعاد الفنية للمهنة، بل بآرائهم ومعتقداتهم، كما رأى سعيد بأن النقابة الحالية "أداة بيد السلطة والحزب الحاكم".
وفي هذا السياق، يؤكد المحامي ساطع عمار، بأن "النقابات لم تتمكن من تحقيق الاستقلال التاريخي، مشيراً إلى أنها "غالباً ما ترنو نحو السلطة وتتبع أدبياتها".
وأثار قرار نقيب المحامين، أحلام اللامي بإحالة محامين ظهروا في قنوات فضائية إلى "مجلس تأديبي"، انتقادات واسعة من محامين وناشطين، حيث اعتبروا هذا الإجراء "انتهاكاً لحرية التعبير".
ويقول المحامي ساطع عمار، إنّ "الانتماء للنقابة هو انتماء وظيفي مرتبط بممارسة مهنة المحاماة، وليس انتماءً يحد من حريته في اكتساب الوعي القانوني خارج إطار النقابة"، مؤكداً على أنّ "حرية التعبير مكفولة في الدستور وفق المادة 38، مضيفاً: "كان على النقابة أن تنتبه لهذه المادة قبل أن تعطي رأياً سلطوياً يتعلق بمنع ظهور أي شخص ينتمي إلى النقابة".
ويُعد قرار منع المحامين من الظهور الإعلامي، خاصة في ظل قضايا حساسة مثل تعديل قانون الأحوال الشخصية الذي تدعم تعديله قوى "الإطار التنسيقي"، الحاكم خطوة جدلية تثير تساؤلات حول النقاش في القضايا الجوهرية وتأثيرها على المجتمع.
وتنتقد الناشطة رؤى خلف البيان الصادر عن نقابة المحامين، ووصفته بأنه "مشخصن ومخجل"، معتبرة أنه "جاء بعد صمت طويل عن القضايا الحساسة، خاصة تعديل قانون الأحوال الشخصية، مضيفة أنّ "النقابة كان يجب أن تتخذ موقفاً أكثر وضوحاً ومعارضة للتعديلات المقترحة، خاصة وأن هذه التعديلات من شأنها أن تعزز من السلطة الموازية وتضعف من سلطة القضاء والقانون".