مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض، تزداد خشية القوى الشيعية من عرقلة انسحاب القوات الأميركية وإنهاء مهام التحالف الدولي، خاصة أنها تتزامن مع أحداث المنطقة، وسقوط حكم بشار الأسد في سوريا.
ويؤكد الإطار التنسيقي، الذي يجمع القوى السياسية الشيعية الحاكمة في العراق، وجود خشية من عرقلة الانسحاب الأميركي من البلد بعد تسلم دونالد ترامب رئاسة البيت الأبيض، فيما يفنّد طرف آخر سردية الانسحاب كاملة.
وقال القيادي في الإطار علي الفتلاوي، لمنصة "الجبال"، اليوم الأحد، إن "هناك جدية من قبل الحكومة العراقية في حسم ملف التواجد الأميركي، وتم وضع جدول زمني لهذا الانسحاب بعد جولات تفاوض عدّة مع الجانب الأميركي، لكن هناك تخوف وخشية من عرقلة تنفيذ هذا الانسحاب من قبل إدارة ترامب الجديدة، التي من المؤكد أنها ستسعى لإيجاد حجج ومبررات لإدامة التواجد".
وبين الفتلاوي أنه "لا توجد أي زيادة لعدد القوات الأميركية في العراق بعد التطورات الأخيرة بالمنطقة، لكن الأحداث وخاصة في سوريا، ربما تتحجج بها واشنطن لبقاء قواتها، رغم أن العراق لم يعد بحاجة لأي قوات أجنبية والقوات العراقية قادرة على حماية العراق من أي عدوان خارجي ومواجهة أي إرهاب داخلي".
"ترامب ليس مع الانسحاب"
من جانبه، أكد عضو مجلس النواب العراقي، جواد اليساري، اليوم، إن التطورات الأمنية الأخيرة في المنطقة ربما تدفع لبقاء الأميركان لفترة أطول في العراق.
وقال اليساري، لمنصة "الجبال" إن "المنطقة تشهد تطورات وتغييرات امنية وسياسية كبيرة، وهذه التغييرات ربما تدفع نحو بقاء القوات الأميركية لفترة أطول في العراق، خاصة في ظل وجود تخوف كبير من عناصر تنظيم داعش الإرهابي في سوريا"، مؤكداً أنه "ليست هناك رغبة لتكرار سيناريو 2014 مجدداً، وهناك من يجد بأن بقاء تلك القوات يمنع تكرار هذا السيناريو".
أضاف اليساري أنه "من الواضح أن الرئيس الأميركي الجديد دونالد ترامب، ليس مع سحب قوات بلاده من العراق، بل هو مع تعزيز هذا التواجد من أجل أن توفر تلك القوات الحماية لكافة المصالح والأهداف الأميركية في العراق والمنطقة، وحتى تكون قوات حماية لأمن إسرائيل وتمنع أي هجمات ضدها في قادم الأيام.. لهذا نتوقع وجود صعوبة في ملف الانسحاب الأميركي بعد التغييرات الأخيرة في المنطقة".
"لا أصل لسردية الانسحاب الأميركي من العراق"
مع توسع المناقشات حول مستقبل القوات الأجنبية وعلى رأسها الأميركية، في العراق، ينفي رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، وجود أي أصل لـ"سردية" سحب التواجد الأميركي من العراق، فيما بيّن خفايا هذا الملف.
وقال الشمري، في حديث لـ"الجبال"، اليوم الأحد، انه "لا أصل لسردية انسحاب التواجد الأميركي من العراق، مبيناً أن "هذا الأمر أشيع كجزء من عملية المناورة، فالولايات المتحدة الأميركية أبلغت حكومة السوداني، المشكّلة بالأصل من قبل الفصائل المسلحة والإطار التنسيقي، بأنه لا انسحاب من العراق"، مستدركاً بأنه "من الممكن مناقشة البقاء خلال اتفاقية ثنائية، لهذا تم الحديث عن وجود اتفاقية لبقاء مستدام، وقد أعلنت واشنطن بشكل رسمي ذلك، ما أحرج حكومة السوداني بشكل كبير جداً".
وأضاف الشمري أن "تأجيل إنهاء مهام التحالف الدولي في العراق، له مسببات عراقية أكثر مما هي أميركية، فالعراق يريد بقاء التحالف نتيجة وجود قلق من تداعيات الأوضاع في المنطقة وتحديداً بسوريا، وإمكانية أن يكون العراق ضمن خارطة التغيير خلال المرحلة المقبلة، فهذا التواجد ربما يكون بمثابة تقديم ضمانات للطبقة السياسية، على اعتبار أن واشنطن هي الراعية للنظام الحالي في العراق".
وبيّن أن "طلب العراق للتمديد ربما يكون بسبب صعود الجماعات المسلحة في سوريا، التي وصفتها حكومة السوداني بأنها جماعات إرهابية، فوجود التحالف يؤمن إلى حد كبير عدم ظهور فوضى أمنية بالعراق، كما أن الإطار التنسيقي يعتقد أن بقاء التحالف وعدم المطالبة بالانسحاب الآن قد يؤجل بشكل كبير الضربات الإسرائيلية الكبيرة المحتملة ضد الفصائل، إذ نجحت الولايات المتحدة الأميركية في تأجيل هذه الضربات وليس إلغاءها".
وتابع: "السوداني والإطار التنسيقي يعتقدان أن بقاء قوات التحالف الدولي وعدم المطالبة بالانسحاب حالياً تشكل رسائل عن نوايا بقبول رؤية ترامب للعراق، خاصة وأن الإطار والسوداني سابقاً هاجموا ترامب".
وختم رئيس مركز التفكير السياسي حديثه بأن "إدارة بادين الآن في طور تسليم السلطة الى إدارة ترامب، وملف إنهاء التحالف الدولي من العراق لم يتم التوقيع عليه من قبل إدارة بادين، لهذا نُقل هذا الملف إلى إدارة ترامب، سيكون المسار وفق رؤية هذه الإدارة ووفق رؤية فريق ترامب، وهذه الرؤية لن تسمح بأي مخادعة جديدة، وترامب قد يجد بقاء العراق تحت المظلة الإيرانية أمر خاطئ. لذا نجد رؤية حكومة السوداني، التي تشكلها الفصائل المسلحة تركت أمر الانسحاب، كما تركت تلك الفصائل قضية مهاجمة الأميركان ومهاجم إسرائيل، وشعار إخراج القوات الأميركية كان شعاراً الغرض منه الحصول على مكاسب معينة وإظهار القرب من إيران، لكن الآن المعادلة تغيرت وتبيّنت المواقف الحقيقية لهذه الفصائل".