على الرغم من تراجع قوة الرياح، تواصل انتشار النيران في لوس أنجلس التي غطى دخان كثيف سماءها، إذ لا تزال الحرائق الرئيسة التي أوقعت ما لا يقل عن 11 قتيلاً خارج السيطرة في هذه المدينة الكبيرة في ولاية كاليفورنيا الأميركية.
وقال أورين ووترز لفرانس برس من أمام منزله المتفحم في مدينة "ألتادينا" شمال لوس أنجلس "هذا أشبه بنهاية العالم. هذا أمر لا يمكن تصوره".
وقضى 11 شخصاً على الأقل في الحرائق، وفق حصيلة جديدة أوردتها السلطات. ولحق دمار هائل بأجزاء كاملة من ثاني مدن الولايات المتحدة مع انهيار أكثر من عشرة آلاف مبنى بحسب جهاز الإطفاء في كاليفورنيا.
وقال الرئيس الأميركي جو بايدن خلال اجتماع في البيت الأبيض إن المشهد "أشبه بساحة حرب وعمليات قصف".
وقال قائد المروحية ألبرت عزوز "إنه جنون. كل هذه المنازل اختفت".
لكن قوة الرياح تراجعت، أمس الجمعة، ما من شأنه أن يساعد الإطفائيين في مكافحة النيران في حين ما زالت خمس حرائق رئيسة نشطة.
وصرح خبير الأرصاد الجوية مايك وافورد، بأنه "نشهد حالياً تراجعاً طفيفاً (لقوة الرياح)، لكن هذا الأمر سنشهده خصوصاً بعد الظهر"، مضيفاً أن "الرياح ستنحسر بشكل كبير السبت حتى المساء".
مع ذلك، فإن الظروف، مع الجفاف الشديد والرياح التي يُتوقع أن تعود لتشتد، لا تزال تثير القلق.
وفي أنحاء المدينة الكبيرة في كاليفورنيا، أخلى مئات الآلاف منازلهم.
إزاء عمليات النهب المتزايدة في المناطق المنكوبة أو التي تم إخلاؤها، فرضت السلطات المحلية، الجمعة، حظر تجول في باسيفيك باليسايدس وألتادينا، يسري من الساعة 18,00 حتى الساعة 6,00، كما نُشرت وحدات عسكرية.
وقبل هذا القرار، كان مواطنون قد عمدوا لتسيير دوريات لحماية ما تبقى من أحيائهم.
وقال نيكولاس نورمان، وهو مواطن أميركي: "لم أنقذ منزلي حتى يأتي معتوه وينهبه. لا مجال لذلك بتاتاً"، مضيفاً: "قمت بأمر أميركي معتاد: جلبت بندقية الصيد التي أملكها وجلست هنا وأضأت نوراً ليعرفوا أن ثمة أشخاصاً هنا".
فيما أكد حاكم كاليفورنيا الديموقراطي، غافين نيوسوم، "لنكن واضحين، لن نسمح بعمليات النهب".
"ولاية تحترق"
يطرح متضررون تساؤلات ويوجهون انتقادات للسلطات.
وبينما نجا منزل والدتها بأعجوبة من ألسنة اللهب في ألتادينا، خلافا لحال المنازل المجاورة، قالت كالين أستور إن "كاليفورنيا ولاية تحترق"، مندّدة بنقص في عديد الإطفائيين.
ولفتت أستور إلى وجوب رصد مبالغ لدعم أجهزة مكافحة الحرائق والزلازل.
والممثل ميل غيبسون هو من بين الذين دُمرت منازلهم. قال في تصريح لـ"نيوز نايشن" إنه يشعر بصدمة لفقدان منزله في ماليبو.
وقد تكون كلفة هذه الحرائق، الأعلى المسجلة حتى الآن. وقدرت "أكيو ويذر" الأضرار والخسائر بما بين 135 و150 مليار دولار.
على الرغم من أنه من السابق لأوانه معرفة مصدر الحرائق، إلا أن هناك انتقادات وُجّهت للسلطات على خلفية مدى استعدادها واستجابتها.
ودعا حاكم كاليفورنيا، غافين نيوسوم، الجمعة، إلى إجراء "مراجعة مستقلة كاملة" لخدمات توزيع المياه في المدينة. وقد وصف نقص إمدادات المياه وفقدان الضغط في صنابير الإطفاء في اللحظات الأولى بأنه "مقلق جداً".
وكتب في رسالة مفتوحة "نحن بحاجة إلى إجابات لمعرفة ما حدث".
وقالت رئيسة الإطفاء، كريستين كرولي، لقناة "كيه تي تي في" التابعة لفوكس نيوز إن فرق الإطفاء ما زالت تعاني نقصاً في العديد والموارد والتمويل.
في غضون ذلك أُرسِلت تنبيهات إخلاء عدة، من طريق الخطأ، إلى هواتف سكان يومي الخميس والجمعة في لوس أنجليس.
وقال كيفن ماكغوان، مدير مكتب مقاطعة لوس أنجليس لإدارة الأزمات في مؤتمر صحافي "هناك مستوى كبير من الإحباط والغضب والخوف من الرسائل الخاطئة التي تم إرسالها عبر نظام الإنذار عبر الإنترنت في جميع أنحاء مقاطعة لوس أنجليس. لا أستطيع أن أعبر بما فيه الكفاية عن مدى أسفي".
من جهة ثانية أعلنت إدارة الطيران الفدرالية الأميركية فتح تحقيق بعد أن اصطدمت طائرة بلا طيار بطائرة ناقلة للمياه وألحقت بها أضراراً من دون أن يسفر ذلك عن اصابات.
وحذرت من أن أي شخص يُطلق طائرات دون طيار في المناطق المتضررة من الحرائق - حيث توجد قيود موقتة على الطيران - قد يواجه عقوبة السجن لمدة تصل إلى عام واحد وغرامة تصل إلى 75,000 دولار.
ودعت السلطات سكان كاليفورنيا إلى الاقتصاد في استهلاك المياه لأن ثلاثة خزانات تغذي محطات مكافحة الحرائق فرغت بسبب مكافحة النيران.
ونشر الرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترامب معلومات خاطئة عبر شبكته للتواصل الاجتماعي "تروث سوشل" بتأكيده أن كاليفورنيا تعاني نقصاً في المياه بسبب السياسات الحكومية الديموقراطية التي تحول مياه الأمطار "لحماية نوع غير مفيد من السمك".
في الواقع تستخدم غالبية المياه المستهلكة في لوس أنجليس والمتأتية من نهر كولورادو، في الزراعة كأولوية.
والرياح التي تهب راهناً معروفة باسم "سانتا آنا" وهي مألوفة في فصلي الخريف والشتاء في كاليفورنيا. لكن خلال الأسبوع الحالي بلغت حدة غير مسبوقة منذ العام 2011، بحسب خبراء الأرصاد الجوية.
وتشكل هذه الرياح كابوساً للإطفائيين لأن كاليفورنيا عرفت سنتين ماطرتين جداً أدتا إلى إنعاش الغطاء النباتي الذي يبس الآن بسبب الشتاء الجاف الذي تشهده المنطقة.
ويشير علماء بانتظام إلى أن التغير المناخي يزيد تواتر الظواهر الجوية القصوى.