وسط صراخ الطلبة ودوي الرصاص، تحول الحرم الجامعي في جامعة الإسراء إلى ساحة للخوف والهلع. حادثة إطلاق نار مؤسفة خلفت ستة جرحى، فيما أعادت إلى الواجهة قضية انتشار السلاح المنفلت في العراق وتأثيره المباشر على المجتمع، وخاصة وصوله إلى أيدي الطلاب داخل المؤسسات التعليمية.
ويعتبر ما حصل في كلّية الإسراء "إنذاراً" للجميع حتى الواقف أمام منزله، هناك سلاح ليس بيد دولة، سلاح قد يقع بأيدي مرضى نفسيين، بحسب ما كتبه الصحفي عامر مؤيد عبر حسابه على "فيسبوك"، إذ يرى أن "حادثة الإسراء إنذار يدق أبواب السلطة وكل النظام السياسي، بأن استمرار السلاح المنفلت وعدم المحاسبة عليه هو قنبلة موقوتة انفجرت اليوم في الإسراء وربما ستنفجر في كل شارع".
ويرى المحلل الأمني أحمد الشريفي في حديث لـ"الجبال"، أن "ما حدث يُشير بوضوح إلى ضعف الدولة، لدرجة لم تعد فيها مؤسساتها الأمنية والعسكرية والاجتماعية والثقافية محترمة ومهابة".
ويعتقد الشريفي أن "الانفلات في إمكانية حمل السلاح هو أحد العوامل الرئيسة التي ساهمت في وصوله إلى الجامعات تحت مسميات متعددة، كما يُحدد الشريفي هذه المسميات في تصريحه، بدءاً من "الحمايات الشخصية" التي لا تخضع لضوابط المؤسسة، وصولًا إلى ما يُطلق عليه "الفصائل" التي تزاحم الدولة في أداء واجباتها، ما يؤدي في النهاية إلى "فوضى السلاح".
وتتجدد دعوات حصر السلاح بيد الدولة، منها ما أعاده زعيم التيار الصدري، مقتدى الصدر، في التأكيد على دعواته السابقة بضرورة حصر السلاح بيد الدولة العراقية، وذلك في تدوينة له بمناسبة عيد الجيش العراقي، مؤكداً على أهمية أن "يكون السلاح محصوراً بيد الجيش والقوات الأمنية الرسمية".
ورغم تكرار إدراجه في البرامج الحكومية، لا تزال الحكومات العراقية المتعاقبة تواجه "فشلاً" في حصر السلاح بيد الدولة، وهذا ما أكده الخبير الأمني عدنان الكناني في تصريحه لـ"الجبال"، الذي أشار إلى "وجود تستر على بعض الجهات الإجرامية يعيق تحقيق هذا الهدف".
وأوضح الكناني أن "هذه الجهات تقوم بأفعال تسيء إلى الحكومة والشعب، ما يزيد من صعوبة فرض سيطرة الدولة على السلاح".
لكنّ الخبير الأمني، أحمد الشريفي، يؤكد على أن "الدعم الإقليمي هو الأقرب لهذه القوى المسلحة، ما يدفع الجميع إلى التمسك بالسلاح، ثم يأتي نظام المحاصصة ليكرّس هذا الواقع، من خلال اختيار شخصيات يُتفق معها مسبقاً على عدم التدخل في قضية السلاح".
في حين أن الخبير الأمني سرمد البياتي، يرى أن "الحكومات لا تنجح في حصر السلاح بيد الدولة لعدم وجود إرادة حقيقية لمعالجة هذا الملف، ما يؤدي لتفاقمه وصعوبة السيطرة عليه"، وقال البياتي في حديث لـ"الجبال"، إن "الحكومات المتعاقبة تركت هذا الموضوع ينمو حتى أصبح من شبه المستحيل السيطرة عليه في الوقت الحالي".
وتساءل البياتي عن كيفية حصول الشاب على هذا الكم من الأسلحة، قائلًا: "شاب يحمل 3 مسدسات، من الذي باعه له؟ من أين أتى بالعتاد؟". فيما وصف حادثة الإسراء بأنها "خلاصة ما موجود من وضعية السلاح المنفلت".
وبحسب قول الخبير الأمني، فإن "العوامل الخارجية هي أهم شيء في تواجد السلاح بالداخل"، مشيراً إلى وجود "عمليات تهريب كبيرة"، وانطلاقًا من هذا التشخيص، يركز البياتي على ضرورة "ضبط المنافذ الحدودية قبل كل شيء".
أما أحمد الشريفي، فيقول لـ"الجبال"، إن "العوامل الخارجية فيها فواعل ولها أجنحة مسلحة تتخذ أشكالًا متعددة، مرة تسمي نفسها مقاومة وتارة تدمج نفسها مع المؤسسات"، مشيراً إلى أنها "مدعومة من إيران التي ترعى هذا النظام الذي وصفه بالدولة العنقودية"، الذي يتصف بلا مركزية في المؤسسات وتداخل وتشابك الملفات فيها، "هناك دولة في قلب دولة".
وفي الأثناء، يعتقد المحلل السياسي علي البيدر، أن "الأوضاع الحالية في العراق تُشير إلى وجود "مزاج يدفع بهذا الاتجاه، وهو حصر السلاح بيد الدولة، مدعوماً بتغيرات دولية وضغوطات تُمارس في هذا الجانب".
ويتوقع البيدر أن الحكومة "ستنجح إلى حد كبير في حصر السلاح بيد الدولة"، معتبراً أن "الجماعات المسلحة متفهمة للتغيرات وما تذهب إليه الحكومة"، وأنها "لا تريد أن تكون جزءاً من الصراع الدولي الذي قد يجعلها تخسر الكثير".