ثلاثة وجوه نسائية تلوّن هيكل الإدارة السورية الجديدة.. من هنّ قائدات التغيير؟

5 قراءة دقيقة
ثلاثة وجوه نسائية تلوّن هيكل الإدارة السورية الجديدة.. من هنّ قائدات التغيير؟ عائشة الدبس (يمين)، محسنة محيثاوي (وسط)، ميساء صابرين (يسار)

على مدار الأسابيع الأربعة الماضية، عقب سقوط نظام آل الأسد في سوريا وتسلّم المعارضة المسلّحة للحكم في 8 كانون الأول 2024، شكلت قضية حقوق المرأة ومستقبل العنصر النسوي في النظام الجديد محوراً رئيساً بالمناقشات، وهاجساً لدى نساء ونسويات سوريا، اللاتي وجدن إلى جانب الملايين في مواقع التواصل والشارع متنفساً للتعبير عن رأيهن ورغباتهن بعد عقود من الكبت، مؤكدات تمسكهن بحقهن في (الحياة والتعبير والحكم أيضاً). وربما هن نجحن في التأثير لأخذهن بالحسبان في تكوين المرحلة الجديدة. وقد أعلنت الإدارة السياسية الجديدة بالبلد تنصيب ثلاثة نساء بمراكز قيادية يأخذن على عاتقهن مسؤولية التغيير في مفاصل مالية وإدارية واجتماعية.

 

عقب يومين من سقوط حكم بشار الأسد، أعلنت فصائل المعارضة بقيادة أحمد الشرع، في 10 كانون الأول 2024، تشكيل حكومة انتقالية لتصريف الأعمال لمدة ثلاثة أشهر يرأسها محمد البشير، ذلك بعد اجتماع عقدته المعارضة مع رئيس الوزراء السابق محمد غازي الجلالي لنقل السلطة رسمياً، وسط قلق وتساؤلات حول شكل الحكومة الجديدة.

 

وحتى 25 كانون الأول 2024، بغضون 15 يوماً، أعلنت الإدارة السورية الجديدة بقيادة أحمد الشرع تعيين 12 وزيراً يتقلّدون مسؤوليات (وزارة الداخلية، وزارة الدفاع، وزارة الخارجية، وزارة الصحة، وزارة الإعلام، وزارة الزراعة، وزارة التربية والتعليم، وزارة التنمية، وزارة الإدارة المحلية والخدمات، وزارة الأوقاف والدعوة، وزارة العدل، ووزارة الاقتصاد والموارد). لكن يؤخذ على التشكيلة الحكومية أنها "أحادية اللون" حصرت المناصب بيد قياديين في هيئة تحرير الشام، دون الأطراف المعارضة الأخرى ودون أخذ التنوعات العرقية والجندرية والطائفية والمذهبية بعين الاعتبار.

 

ووسط التكهنات، ظهرت ثلاثة وجوه نسوية في هيكلية الإدارة السورية الجديدة حتى الآن، عُيّنت بالتوالي لشغل مناصب قيادية "دون وزارية"، لكن ترقى لمستوى هيئات ومديريات أو منظمات، وتعنى بإدارة مجالات اقتصادية مالية وإدراية واجتماعية ونسوية. ما قد يوصل رسالة تطمينية من قائد سوريا الجديد أحمد الشرع بإنصاف المرأة وحفظ مكانها في دوائر السلطة وإدماجها فيه خلال مرحلة إعادة بناء الدولة، واستجابة منه للمطالب بضمان حقوق النساء وحماية الأدوار التي لعبنها بالمجال العام خلال العقود الماضية.

 

من هنّ قائدات التغيير في سوريا الجديدة؟

 

1- ميساء صابرين "أمينة خزائن سوريا"

 

أعلنت الإدارة السورية الجديدة، تعيينها "رئيسة البنك المركزي"، لتكون أول امرأة سورية بتاريخ الدولة تتقلّد هذا المنصب. وهي كانت النائب الأول لحاكم البنك المركزي السوري السابق محمد عصام هزيمة.

 

وصابرين حاصلة على شهادة الماجستير والدكتوراه في المحاسبة من جامعة دمشق، إضافة إلى حيازتها شهادة "محاسب قانوني"، وتمتلك خبرة عملية مهنية تزيد على 15 عاماً في المجال المالي والمصرفي.

 

ترأست صارين قسم الرقابة المكتبية في مصرف سوريا المركزي وشاركت في مجلس إدارة سوق دمشق للأوراق المالية كعضو ممثل للبنك، قبل أن تتسلّم مهامها الجديدة في رئاسة المصرف. ويعدّ كثيرون تعيينها "خطوة تاريخية" بمسيرة المرأة السورية في القطاع المصرفي.


2- محسنة محيثاوي "قائدة السويداء"

 

محسنة محيثاوي ثاني الوجوه النسوية في الإدارة السورية الجديدة، تمّ تعيينها محافظاً للسويداء جنوب البلاد، وهي أول امرأة تتسلّم منصب محافظ سويداء ومن أوائل النساء اللاتي شاركن في الحراك السلمي بالمحافظة، شوهدت مراراً في ساحة الكرامة اثناء الاحتجاجات مطالبة بالإصلاح والحقوق المدنية.

 

ولدت محيثاوي عن 1970 في نفس المحافظة، وتنتمي إلى الطائفة الدرزية، حاصلة على شهادة بكلوريوس في التجارة والاقتصاد من جامعة دمشق، وبدأت مسيرتها المهنية بأوائل التسعينيات في مديرية مالية السويداء. 

 

شغلت عدّة مناصب بارزة في محافظتها، منها مديرة المصرف العقاري في السويداء، وعملت في جهاز الرقابة والتفتيش بالمحافظة. وتفيد تقارير بأن محيثاوي تعرضت لمضايقات من النظام السابق بسبب موقفها السياسي، لكنها واصلت المشاركة في الحراك الشعبي، وجاء تعيينها بالمنصب الجديد استجابة لمطالب شعبية بمنطقتها.

 

عائشة الدبس "راعية شؤون السوريات"

 

وهي أول امرأة تشغل منصباً رسمياً في الإدارة السورية الجديدة، كرئيسة لمكتب شؤون المرأة، وهي ناشطة في مجال العمل المدني والإنساني، عملت سابقاً في إدارة مخيمات اللاجئين السوريين في تركيا، ومؤسسة الموهوبين في إدلب.

 

يركز المكتب الذي تترأسه دبس على القضايا القانونية والاجتماعية والثقافية والسياسية التي تهم المرأة السورية. وهي أثارت جدلاً واسعاً في أول ظهور إعلامي لها، بسبب تصريحات أدلت بها في لقاء تلفزيوني، عن برنامج الإدارة الجديدة بخصوص المرأة ودورها في إدارة المجال العام ودور منظمات المجتمع المدني بالبلد في المرحلة المقبلة.

 

ورغم محاولات إدارة الشرع الحثيثة في إيصال التطمينات والتأكيدات حول حفظ الحقوق وإنصاف المكونات على اختلافها وتشكيل حكومة سورية شاملة تضم الجميع، والترحيب الواسع بتعيين النساء الثلاث في المواقع القيادية، لكن حديث دبس حول تشكيل "نموذج خاص" لنساء سوريا وعدم قبول أي مؤسسة تخالف الإدارة بالفكر للعمل ضمن المجتمع السوري، أثار حفيظة ناشطات نسويات، وحقوقيات، ومواطنات من طوائف غير مسلمة، حيث رأت في تصريحات الدبس توجهات "إقصائية" تفرض نمطاً محدّداً وتهمش الطبيعة التعدّدية للمكونات داخل المجتمع السوري.

لافا عثمان

نُشرت في الخميس 2 يناير 2025 03:50 م

شارك هذا المنشور

ما رأيك في هذا المنشور؟
أعجبني لم يعجبني

اشترك في النشرة البريدية


© 2025 الجبال. كل الحقوق محفوظة.