في منطقة حي الفداء بمدينة الناصرية، أصبح تلوث المياه مصدر قلق كبير للمواطنين، حيث يعانون من تدهور غير مسبوق في جودة المياه الواصلة إلى منازلهم. فما كان بالسابق أمراً معتاداً الآن أكثر خطورة، حيث أصبحت المياه تحمل معها أطيان سميكة، ولوناً أصفر، ورائحة كريهة تجعلها غير صالحة للاستخدام البشري.
ناصر جاسم، مختار منطقة "الفداء" قال في حديث لمنصة الجبال إن "ما يحدث الآن مختلف تماماً عمّا كنا نشهده سابقاً، المياه التي تصل إلى المنازل أصبحت مليئة بالأطيان وتحمل لوناً أصفراً ورائحة لا تطاق، ما يثير القلق الشديد بين الأهالي".
وأضاف "في ظل هذه الظروف، اضطر العديد من سكان الحي لشراء المياه المعقمة من المحلات التجارية بكثرة، خوفاً من أن تؤدي المياه الملوثة إلى إصابتهم بأمراض صحية".
أشار المختار إلى أن أجهزة التعقيم المنزلية، التي كانت تستخدمها الأسر لتصفية المياه، توقفت عن العمل بشكل فعال بسبب شدة الأطيان التي تخرج مع المياه، ما جعل مهمة تنقية المياه من المستحيل تقريباً "لذا، يتساءل الأهالي عن دور دائرة الماء المحلية، وكيفية تعاملها مع هذا الوضع المائي الخطير".
من جانبه، أوضح أحد سكان المنطقة يدعى حسين الغزي، أن "واقع المياه التي تصل إلى المنازل لا يمكن وصفها أنها صالحة للشرب، والمركز الصحي في المنطقة يجري الفحص ثلاث مرات يومياً لمعرفة إن كان هناك تحسن أو يثبت عدم وصول نسب الكلور والتعقيم لصفر بالمائة".
أصل المشكلة
وفي نفس الإطار، كشف معاون محافظ ذي قار لشؤون الخدمات، سلامة السرهيد، لمنصة "الجبال" أن "المحافظة تعاني منذ أيام من مشكلة تتعلق بتلوث المياه الواصلة إلى المنازل السكنية، فالمياه التي تصل إلى محطات التحلية عبر الأنهر الرئيسة تعرضت لتلوث شديد، الأمر الذي جعل العديد من محطات التنقية البالغ عددها 200 محطة بالمحافظة عاجزة عن معالجتها".
وأوضح السرهيد أن المياه التي يتم ضخها "غير نقية وتحتوي على عكورة، ما يجعلها غير صالحة للاستخدام البشري، فضلاً عن تغيّر طعمها ورائحتها بشكل ملحوظ"، لافتاً أنه "رغم محاولات مديرية الماء لتنقية هذه المياه باستخدام جميع الطرق الممكنة، إلا أن الفلاتر والأنظمة الخاصة بتنقية المياه تعرضت للتلف بسبب مستوى التلوث العالي".
حسب قول السرهيد فإن "هذه المياه الملوثة تهدد حياة أغلب سكان المحافظة، مما يزيد من القلق حول تأثيراتها الصحية".
وعزا معاون محافظ ذي قار سبب المشكلة إلى "مصدر المياه الرئيس الواصل إلى المحطات عن طريق نهري الغراف والفرات، هما ملوثيين".
ليس في ذي قار فقط
من جانبه، أكد مدير مياه محافظة ذي قار أحمد عزيز، أن أزمة المياه التي تعاني منها المحافظة ليست مقتصرة على ذي قار فقط، بل تشمل عدة محافظات أخرى مثل "الكوت" و"ميسان" وبعض مناطق "البصرة" التي تتغذى من نفس المصدر المائي، وهو "نهر البدعة"، لافتاً إلى أنه "نعمل جاهدين على حل هذه الأزمة".
وأضاف أنه تم عقد اجتماع طارئ من قبل لجنة الخدمات في مجلس محافظة ذي قار لمناقشة تداعيات الحالة وتحديد الحلول المناسبة، وأن هناك زيادة بالاطلاقات المائية في محاولة لتخفيف نسبة العكورة في المياه القادمة من المصادر الرئيسة.
ومع تفاقم أزمة تلوث المياه في محافظة ذي قار، أصبح الوضع الصحي مقلقاً بشكل متزايد، إذ يعاني أكثر من مليوني نسمة من المياه الملوثة، وتساؤلات كثيرة تطرح حول كيفية التعامل مع هذه الأزمة لتخفيف تأثيراتها على المواطنين.