بعد سقوط نظام بشار الأسد وسيطرة المعارضة السورية المسلّحة على مدن سوريا، بات "مخيم الهول" الذي يأوي الآلاف من عائلات تنظيم "داعش"، يشكل خطراً أكثر من السابق على الداخل العراقي، نتيجة الحدود المشتركة بين العراق وسوريا واضطراب منطقة الشرق الأوسط.
ويقع مخيم الهول في محافظة الحسكة، شمال سوريا، ويعرف بأنه أحد أكبر المخيمات، إذ يحتضن نحو 40 ألف نازح من 42 جنسية مختلفة، من بينهم أفراد عائلات مسلّحي تنظيم "داعش" العراقيين والسوريين والأجانب.
ويتخوف العراق من تداعيات انفلات الوضع في معسكر الهول أو هروب عدد منهم إلى داخل العراق مما يربك الوضع الأمني.
قلق عراقي
وفي اتصال هاتفي مع وزير الدولة لشؤون الشرق الأوسط وشمال إفريقيا البريطاني هاميش فالكونر، الأسبوع الماضي، حذر نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية فؤاد حسين، من خطورة هروب عناصر داعش من السجون، وانعكاس ذلك على أمن العراق.
وزير الخارجية قال في بيان اطلعت منصة "الجبال" عليه، إن "تنظيم داعش الإرهابي يُعيد تنظيم صفوفه، حيث استولى على كميات من الأسلحة نتيجة انهيار الجيش السوري وتركه لمخازن أسلحته، ما أتاح له توسيع سيطرته على مناطق إضافية".
ويبلغ العدد الكلي للعائلات العراقية في مخيم الهول 25 ألف شخص، بينهم 20 ألفاً بين حدث وطفل دون الـ18 عاماً وفق إحصائيات رسمية.
وبحسب بيان لمستشارية الأمن القومي، فقد بلغت أعداد العائلات العائدة من الهول إلى العراق لغاية الأسبوع الماضي، أكثر من 2600 عائلة، إذ أعيدت أكثر من 2000 عائلة إلى مناطقها الأصلية، فيما تبقت 600 عائلة وهي الآن تخضع للتأهيل، تمهيداً لإعادتها وإعطائها فرصة للحياة من جديد".
تحذير برلماني: "لا يريدون استقرار العراق"
وفي موقف برلماني، يقول رئيس لجنة الأمن والدفاع النيابية كريم عليوي المحمداوي، إن "الاحداث داخل سوريا، كبيرة ومؤثرة على المنطقة بشكل عام وعلى العراق بشكل خاص".
ذكر المحمداوي في حديث لمنصة "الجبال" أن"في سوريا كثرت التوجهات والأحزاب والإرهابيين وداعش والنصرة، وبدعم من وتركيا وأميركا وإسرائيل ودول غربية أخرى" وأضاف أن "الحكومة السورية الجديدة غير قادرة على الوقوف في الوقت الحالية كونها تعاني من اضطرابات داخلية".
ولفت رئيس لجنة الأمن والدفاع إلى أن "سجن الهول والسجون الأخرى المسيطر عليها من قبل قسد مؤثرة بشكل كبير على الوضع العراقي"، مبيناً أن "وعود تركيا باستهداف قسد كذلك سيؤثر على أمن العراق، حيث قد يدفع إلى فتح السجون التي تضم الآف الإرهابيين من داعش من الذين كانوا في العراق وسوريا، مما يشكل خطراً وتهديداً على الأراضي العراقية".
وينوّه المحمداوي إلى أن "الكثير من الدول وعلى رأسها أميركا وإسرائيل، لا تريد استقرار العراق، وهناك مناشدات ودعوات لحل الحشد والفصائل العراقية من قبل أميركا".
"العراق يعتبر ضمن محور المقاومة ومحور الصدّ لإسرائيل والولايات المتحدة، لذلك الاستهداف واضح والكثير من الدول تسعى لخلق اضطرابات داخل الأراضي العراقية"، وفق قول رئيس لجنة الأمن النيابية.
"بؤرة فاسدة"
بدوره، وصف المستشار العسكري السابق اللواء المتقاعد صفاء الأعسم، مخيم الهول بـ"البؤرة الفاسدة، المحملة بالأفكار الطائفية والوهابية والسلفية الخطيرة".
أشار الأعسم في حديث خص به "الجبال" إلى أن "المخيم يضم جيلين، الجيل الأول أعماره كانت تتراوح بين 8-10 سنوات والآن تجاوزت أعمارهم العشرين عاماً"، و"الجيل الثاني ممن كانوا أطفال رضع أو في بطون أمهاتهم والآن أعمارهم بحدود 12 عاماً"، موضحاً أن "تلك الأجيال مشبعة بأفكار داعشية خطرة".
ونوّه المختص بالشؤون العسكرية والاستراتيجية إلى أن "إعلاميين أجانب ذهبوا إلى مخيم الهول وشاهدوا كيف يتم تعليمهم على ذبح القطط والكلاب كمراحل تدريبية ليكونوا قتلة محترفين"، مردفاً بأن "أئمة الجوامع في مخيم الهول هم عبارة عن أئمة داعشين".
وتساءل: "كيف سيكون الطفل الذي يكبر في ظل تلك الظروف؟".
الأعسم أكد أن "تفكيك معسكر الهول أصبح ضرورياً جداً، وبقاءه يمثل خطورة كبيرة على العراق والعراقيين".
وسارعت السلطات العراقية مبكّراً لتأمين الحدود المشتركة مع سوريا، بعدد من الإجراءات منها مدّ جدار كونكريتي وأسلاك شائكة، ونصب كاميرات حرارية، فضلاً عن تدعيم قوات حرس الحدود بقوات إضافية من الجيش والحشد الشعبي.
"سناريو لن يتكرر"
من جانبه، يرى الباحث في الشأن الأمني والسياسي علي البيدر، في هذا الإطار أن المخاوف من تداعيات مخيم الهول، هي مجرد تحذيرات قد تكون "غير مبررة".
وقال البيدر لـ "الجبال"، إن "المتواجدين في السجون السورية، هم تحت مظلّة قوات قسد الديمقراطية"، مبيناً أن "قسد تدرك خطورة أولئك الإرهابيين لذلك فإن سجونها مؤمنة بشكل كبير"، مضيفاً أن "العراق اليوم، ليس كما كان في العامين 2013- 2014"، و"هناك مستوى عال من الجهوزية لدى القوات الأمنية العراقية".
ويشير البيدر الى أن "معسكر الهول لا يمكن أن يمثل خطورة في الوقت الحالي، كونه يضم أطفالاً ونساءً وكبار سن"، مشدداً على "ضرورة تحصين الحدود والجبهة الداخلية، إذ لا توجد حاضنة في الوقت الحالي يحتمي بها الإرهاب كما كان في السابق".
يذكر أن قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، عثرت في تشرين الثاني الماضي، على (خنادق وأسلحة وألبسة عسكرية ومجموعة معدات لوجستية من حواسيب وهواتف محمولة) داخل مخيم الهول، حيث أحبطت محاولة خلية داعشية للفرار من المخيم "لتنفيذ عمليات إرهابية"، وألقي القبض على عناصر الخلية النشطة الذين بلغ عددهم 16 مقاتلاً.