أكد المتحدث الإقليمي باسم وزارة الخارجية الأميركية، مايكل ميتشل، أن بلاده حذرت أكثر من مرّة من امتداد النفوذ الإيراني الذي وصفته بـ"الخبيث" إلى العراق وسوريا، مؤكدة أنها تريد استمرار تحالف مكافحة تنظيم "داعش" وأن يقود شعب العراق كل الأمور الأمنية على أراضه، مبيناً أنه "لا يمكن التكهن بما سيحدث في العراق وسوريا مستقبلاً".
وفي حديث خص به ميتشل منصة "الجبال"، الأربعاء، علّق المتحدث باسم الخارجية الأميركية على تطورات الأوضاع في سوريا عقب سقوط حكم بشار الأسد، بقوله إن "الولايات المتحدة تحث كل الأطراف على خفض التصعيد في هذه الفترة الانتقالية"، موضحاً أن "هذا لا يعني أننا لا نهتم بالأطراف الأخرى، لكن في الفترة الانتقالية يجب أن نركز على تأسيس حكومة سورية جديدة شاملة وتمثيلية".
وأضاف أن "الولايات المتحدة سوف تتعامل مع (هيئة تحرير الشام) ليس على أساس كلامها بل على أساس أفعالها، وما نزل في فترة انتقالية، لذلك من المبكر أن نتحدث عن رفع أي عقوبات أو أي تصنيف بتفاصيل، وسوف نتكيّف حسب الظروف على الأرض"، مبيناً أن المخاوف الأمنية القائمة حول سوريا ما بعد الأسد، "لا تقتصر على إسرائيل فحسب، ما يجري في سوريا يهمنا جميعاً، هذه المخاوف الأمنية سوف تؤثر على جميع جيران سوريا".
أولويات أميركية
وفيما يتعلّق بموقف واشنطن من التغيرات المتسارعة في الشرق الأوسط وبرنامجها في هذا الإطار، ذكر ميتشل "سمعنا من الرئيس بايدن أن من اهم أولوياتنا في الوقت الراهن هو منع أي تنظيم إرهابي من جر سوريا إلى المزيد من الفوضى أو مزيد من الطائفية. مع ذلك يجب القول إن الولايات المتحدة تحث كل الأطراف على حماية سيادة سوريا برمتها على المدى الطويل، وأن أي عمليات عسكرية يجب أن تكون محدودة ومؤقتة، ولا نؤيد فكرة الاستحواذ على أي أراض سورية على المدى الطويل".
وأضاف: "حتى الآن، الأولويات الأولى للولايات المتحدة هي الاستمرار في مكافحة داعش، وإن شركاءنا الإقليميين ومن بينهم الكورد لعبوا دوراً لا غنى عنه، الولايات المتحدة تقدر هذه الجهود المستمرة"، مشيراً إلى أن "الولايات المتحدة دخلت مفاوضات مع الشركاء ومن بينهم الأتراك، والرسالة الأكثر أهمية بالنسبة لنا هو أننا سنواصل الاتصال مع شراكئنا لحل هذه الإشكالات قبل أن تتحول إلى نزاع مسلح إضافي".
وبشأن العراق، قال المتحدّث الأميركي أن "إدارة الرئيس بايدن تريد استمرار تحالف مكافحة داعش، مع ذلك يجب القول إن الهدف النهائي للولايات المتحدة هو أن يقود شعب العراق كل الأمور الأمنية، لقد تحدثنا أكثر من مرة عن قلقنا الشديد فيما يتعلق بالنفوذ الإيراني الخبيث ليس فقط داخل العراق بل في سوريا أيضاً. ولا استطيع التكهن فيما يحدث في المستقبل خلال الإدارة الجديدة، لكن أهداف الولايات المتحدة واضحة".
مساعدة السوريين
يحزم آلاف السوريين حول العالم، الآن، حقائبهم تحضيراً للعودة إلى وطنهم بعد التحوّل التاريخي الذي شهده البلد بسقوط الأسد، وبخصوص هؤلاء اللاجئين الذين يريدون العودة الآمنة لمكانهم، قال ميتشل: "نحن لا نزال في فترة انتقالية والأيام الأولى لسقوط نظام بشار الأسد، الولايات المتحدة تشجع كل دول العالم على الالتزام بالالتزامات القانونية الدولية تحت القوانين الإنسانية الدولية لتوفير كل الدعم للّاجئين السوريين، من أجل تمكنهم من العودة الآمنة إلى بلادهم"، لافتاً أن "التقدير الرسمي من البيت الأبيض، حتى الآن، هو أن الظروف متغيرة لدرجة أننا لا نستطيع أن نؤكد أن العودة سوف تكون آمنة وستكون على مدى طويل".
وتابع المسؤول الأميركي في حديث لـ"الجبال"، أن "وزير الخارجية أنتوني بلينكن شدّد أكثر على الدعم الأميركي للشعب السوري بغض النظر عن أي تصنيف إرهابي أو عقوبات اقتصادية، هذا لا يمنع الولايات المتحدة من توفير المساعدات الانسانية للسوريين، والولايات المتحدة كانت ولا تزال أكبر دولة مانحة للمساعدات الإنسانية للشعب السوري، وحسب قول الرئيس بايدن هذا الأمر سوف يستمر"، موضحاً أن "هذا الأمر سيسلط الضوء على أهمية تشكيل حكومة تمثيلية قادرة على توفير الخدمات الأساسية لكل السوريين، لأن هناك امواج من اللاجئين السوريين الذين يريدون العودة في اسرع وقت ممكن".
مخاوف تركية مقبولة
ومع سقوط نظام بشار الأسد، يتزايد قلق تركيا الداعمة لفصائل المعارضة السورية التي شنت الهجوم على النظام السوري أواخر الشهر الماضي وأطاحت بالأسد، من مستقبل سوريا الجديدة ودور الكورد فيه، خصوصاً في منطقة "الإدارة الذاتية في شمال وشمال شرق سوريا" بقيادة قوات سوريا الديمقراطية "قسد"، في حين تعد أنقرة "وحدات حماية الشعب - YPG" المنضوية تحت لواء "قسد" جزءاً من تنظيم حزب العمال الكوردستاني المدرج على قائمة الإرهاب في تركيا، وتحذر من "سيطرة الإرهابيين" على المناطق السورية.
وفي هذا الخصوص، أكد المتحدث باسم الخارجية الأميركية أنه "لابد من الاعتراف بأن مخاوف تركيا الأمنية حقيقة ومقبولة ومنطقية"، لافتاً إلى أن "هذا أمر واضح بالنسبة لنا، أما ما سيحدث بالمستقبل فأهم شيء في هذه الفترة وخصوصاً بالفترة الانتقالية هو البقاء على اتصال مستمر مع شركائنا الإقليميين ومن بينهم الأتراك، فنحن نريد أن نعمل معاً على حل الإشكالات قبل أن تتحول إلى نزاع اكبر، هذا هو الهدف النهائي بالنسبة لنا".